سأكمل اليوم ما بدأت الحديث عنه الأربعاء قبل الماضي، حول الدور المؤثر الذي لعبته وسائل الإعلام الرياضية في مشهدنا الرياضي هذا الموسم كما لم يحدث من قبل، فمع تنافس هذه الوسائل على كسب ثقة المتلقي الرياضي، كان واضحا تقدم الإعلام المرئي على ما سواه في هذا السباق، رغم المزاحمة الحقيقية من الإعلام الجديد، وتحديدا الصحف الإلكترونية، وكانت أبرز ملامح تفوق الإعلام المرئي هي البرامج الحوارية التي كانت تقدم فصولا من الجدل المثير حول القضايا الخلافية المتجددة في المشهد الرياضي، ومواكبة قرارات لجان الاتحاد السعودي بالنقاش والتحليل، وتوزع الجمهور الرياضي على برامج مثل (خط الستة، في المرمى، كورة، الملعب، الجولة، ع للاين، مساء الرياضية، في الثمنيات، إرسال، الدليل القاطع، وغيرها) وبسبب ارتفاع سقف الحرية التي تمتعت بها وسائل الإعلام الرياضي السعودية هذا العام بشكل غير مسبوق، ارتفعت نبرة النقاش في هذه البرامج، فلامست الخطوط الحمر كثيرا، وحاول كل برنامج أن يزايد على البرامج الأخرى في جرأته على تناول القضايا التي تصنف بأنها حساسة، ومنها ما يمس بشكل مباشر شخصيات رسمية في المؤسسة الرياضية، ونجحت هذه البرامج إلى حد بعيد في سحب بعض الأوراق من البرامج الخليجية التي استطاعت خلال غفوة الإعلام الرياضي السعودي في الأعوام السابقة استقطاب شريحة واسعة من المشاهدين السعوديين، بعد أن قدمت عملا مهنيا يستحق الثقة والاحترام، وهي من حيث أرادت أم لم ترد حركت المياه الراكدة في الإعلام الرياضي المرئي السعودي، وكشفت ضعفه وعجزه على طريقة: (بضدها تعرف الأشياء)، وبعد نقلة تطويرية نوعية إجبارية تمكنت القناة الرياضية السعودية عبر برامجها من الدخول كمنافس قوي مع القنوات الخاصة والخليجية. وفي ظل هذا التنافس المحموم برز المقدمون لهذه البرامج كنجوم على الساحة الرياضية، وأصبحوا معروفين لدى الجمهور الرياضي أكثر من بعض نجوم الكرة، وانخرط محمد نجيب، بتال القوس، وليد الفراج، تركي العجمة، سلمان المطيويع، رجاء الله السلمي، محمد الدرع، وبدر الفرهود، وغيرهم، في سباق صعب للفوز بوقت المشاهدين، وكثيرا ما خرج هذا السباق عن السيطرة، فيتحول الحوار إلى اشتباك مباشر، وملاسنات، كما حدث عندما خرج وليد الفراج في برنامجه الجولة وراح يصوب نيران كلماته على برنامج خط الستة، فرد عليه ضيوف البرنامج الأخير بشكل قاس، وكشف هذا التراشق في أحد جوانبه سخونة المنافسة التي كانت تدور بين البرامج الرياضية، وهو الأمر الذي انعكس بوضوح على طريقة معالجتها للأحداث والقضايا الرياضية فجنحت كثيرا في تصعيدها، وإغراقها بالكثير من البهارات، على طريقة فيصل القاسم في برنامج (الاتجاه المعاكس) لشد انتباه المشاهدين والإمساك بهم حتى لا يتسربون إلى القنوات الأخرى، خصوصا وأن معظم البرامج المتنافسة تبث في توقيت متزامن، فزاد ذلك من قوة المنافسة وصعوبتها. (وللحديث بقية). بوصلة: كانت برامجنا الرياضية في الماضي (تغطي) الأحداث، وأصبحت الآن (تكشفها).