كما سبق أن ذكرت فإن الصحافة، للأسف، لا تزال هي قناة الشكوى الوحيدة الفاعلة السريعة مقارنة بقنوات أخرى متوفرة لكنها بطيئة جدا وأحيانا لا تجد الاستجابة أو لا تجد ذات التفاعل الذي تجده الصحافة لأن ما يطرح في الإعلام هو ما يجد التفاعل ولذا قلت للأسف، أو لأن بعض الشكاوى ليس لها قنوات أصلا، لا سريعة ولا بطيئة. شخصيا لا أحب أن أخصص الزاوية اليومية لنقل شكوى نادرة الحدوث أو مشكلة خاصة لشخص مع دائرة أو شركة وأقترح على المشتكي اسم مراسل صحافي ليطرح مشكلته في شكل خبر أو حوار يشمل كافة الأطراف ويحيط بالمشكلة من كل الجوانب ولا أمانع في طرح مشكلة عامة علها تتسبب في تنبيه المسؤول عنها فيقوم بدوره ويصلح الحال. بالأمس فقط تلقيت تظلمين يدخلان ضمن تصنيفي في إمكانية طرحهما في زاوية يومية الأول يؤيد ما ذكرت في مقال أمس الأول الذي يقارن بين السياحة الداخلية والخارجية وما يواجهه سياح الداخل من معاناة مع ملاك السكن فيقول المشتكي وهو سائح داخلي أنه استأجر شقة مفروشة بطريق الهدا، (العنوان لا يهم لكنه قد يخدم الرقيب إن وجد) وأنهم اشترطوا عليه أن الإيجار كل يوم بيومه بمعنى اليوم بأربعمائة ريال وغدا إذا كان الإقبال أكبر يرفع إلى خمسمائة ريال إن قبلت وإلا تخرج وتدع الشقة لمن يقبل، ويختم شكواه بعبارة (ويريدوننا أن نشجع السياحة الداخلية)، وأنا أعتقد أن هذا السلوك الغريب نابع من كثرة ترديدنا لعبارة (تجارة حرة، عرض وطلب) وفهمنا القاصر لحرية التجارة. الشكوى الثانية أرسلها زميل طبيب أثق فيه ولا أؤيد جانبا من فكرته، يقول: نحن الآن في إحدى الدوائر الحكومية بالرياض و(تعال شف) من الثامنة صباحا إلى الآن الساعة الثامنة والنصف وعدد المراجعين على الشباك يفوق عشرين شخصا ولا يوجد أي موظف وجميع (الشبابيك) مغلقة وتجولت على المكاتب ولم أجد موظفا في مكتبه وقد دخلت على مساعد الرئيس وأنا بكامل لبسي الطبي وطلبت المساعدة لعدم وجود موظفين وفوجئت بأن في مكتبه حوالى خمسة موظفين يتناولون الرطب والقهوة وعندما اشتكيت له عدم فتح النوافذ للمراجعين رد ببرود (لم يحضروا بعد الله يعينك انتظر)، أما ما لا أؤيد زميلي الطبيب فيه فهو تركيزه على أنه بلباسه الطبي وتوقعه بتعامل خاص فنحن نريد تعاملا لا يفرق بين أحد كما أن مراجعتك بلباس طبي قد يوحي أنك تركت مرضاك لقضاء مصلحة وللأمانة فإن الزميل توقع من تصريحات المسؤولين أنه سينهي مهمته قبل موعد عيادته. www.alehaidib.com