رجل أسد، إكليل الجبل، هذه أسماء أعشاب تطرق سمعه كل يوم عبر قنوات فضائية، إنها خلطات عشبية يفكر صاحبنا أن يتناولها كدواء. وعندما عزم وجمع همته، وقبل بدئه سمع طبيبا ماهرا في علم الصيدلة وله قبول واسع في مجال المعالجة بالأعشاب يروي قصة مفادها أن أحد مرضى القلب دخل المستشفى وأجريت له عملية في القلب وتجاوزها بنجاح، وفي غضون يوم بعد إجراء العملية ألمت بالأطباء صدمة حينما أبلغهم فريق التمريض أن المريض توفي، فحصوه فوجدوا أنه تناول عشبا كان كالسم خطرا تسبب في وفاته. استدعوا الأهل وكان الأقارب ثقاة صادقين فأخبروا أنهم أحضروا خلطة عشبية ونصحوا المريض بتناولها فهي بحسب ما لديهم من علم ستعجل في تعافيه. حينما سمع صاحبنا تلك القصة التي بثتها إحدى القنوات أثناء لقاء مع ذلك الطبيب الماهر تريث وتخوف فاستنصح أحد علماء الصيدلة فنصحه بأن لا يفيد من وصفة إلا إذا كانت من طبيب صيدلي متخصص وبشرط أن تكون وصفته العلاجية مصرحة من وزارة الصحة. أحبتي القراء لا يجوز أن ننكر علم العلاج بالأعشاب فهذا الضرب من التداوي بالأعشاب ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فقد حث عليه صلى الله عليه وسلم وبينه والأحاديث الثابتة عنه في هذا الباب كثيرة، بل إن ما أخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا المجال هو أصل من أهم أصول علم الطب والصيدلة الحديثة غير أن المذموم في واقعنا هو تطفل بعض من ليس له علم في هذا الباب وتصديه لمعالجة الناس بما توصل إليه هو دون الارتكاز على حديث صحيح عن النبي ودون الرجوع إلى مظان هذا الفن العلمي الكبير، ومن الإنصاف أن أقول إن هذه ليست ظاهرة دائمة لكنها تحدث أحيانا. إن الحل في ظني لهذه الإشكالية يرتكز على ثلاثة أمور: أولها أن تعتني الهيئات الصيدلية ومصانع الأدوية في بناء استراتيجية تفعيل التداوي بالأدوية العشبية وفق مقاييس الصيدلة والطب الحديث بحيث يكون من عطاء تلك الهيئات الصيدلية رعاية مشاريع التداوي بالأعشاب وفتح الباب لمصانع الأدوية في أن تنتج منتجات عشبية متوافقة مع ما يجمع بين ما دلت عليه الأحاديث النبوية وتجارب التطبب بالأعشاب وبين ما توصل إليه العلم الحديث. والمرتكز الثاني هو أن تقوم وزارات الصحة والتجارة في البلاد العربية بسن قوانين تجرم وتعاقب من يصنع علاجا عشبيا وهو لا يملك آلية تقنية ولا معلومات طبية كافية. وأما المرتكز الثالث فيتمثل في بذل مزيد من التوعية الثقافية الطبية التي تبين مخاطر التداوي بالوصفات العشبية غير المرخص لها من وزارات الصحة والتجارة في البلاد العربية وتلك التي لم تحصل على المقاييس المطلوب عالميا توفرها في الوصفات الدوائية. * المشرف العام على الدعوة والإرشاد بمنطقة المدينةالمنورة وخطيب جامع الخندق. [email protected]