وأنا أتابع هذه الأيام ما ينشر من تحقيقات صحفية عن التستر التجاري والمهني والصناعي وأنه أصبح السمة الغالبة على النشاط الاقتصادي في بلادنا، تذكرت قصة طريفة مر بها موظف متقاعد معاد للتستر، ملتزم بالخلق والنظام والمعاملة الحسنة، وذلك عندما سولت له نفسه افتتاح صالون حلاقة وصفه بأنه «على مستوى!!» وبعد أن جهزه ورتبه واضعا فيه ستين ألف ريال غير قيمة الإيجار السنوي الذي دفعه وانقضت ستة أشهر منه قبل الحصول على التصريح من البلدية، ولما تسلم تأشيرة استقدام العامل «الحلاق» سافر بنفسه لجلبه واختار واحدا من أفضل الحلاقين نظافة ونعومة في الحلاقة من الذين يوصفون اصطلاحا بأن موسهم بارد، ولأن صاحبنا من الذين يعطون الأجير أجره قبل أن يجف عرقه فقد اتفق معه على أجر شهري قدره ألفا ريال مع السكن ودفع جميع الرسوم على حسابه وليس على حساب العامل كما قد يفعل غيره، وصرف له أجر الشهر الأول مقدما مع بعض الهدايا الخفيفة، فلما بدأ نشاط الصالون حصل إقبال عليه لنظافته وحرافة العامل فيه فكانت حصيلة الشهر الأول أربعة آلاف ريال والثاني خمسة والثالث ستة آلاف ريال واستقر الدخل على آخر رقم وكان صاحبنا سعيدا به يعطي منه العامل ألفين والباقي له، ولكن أيام العسل لا تدوم، فقد فتح العامل عينيه وسمع من بعض من حوله أن جميع الصوالين الأقل سمعة ونظافة من الصالون الذي يعمل فيه يؤجرها مالكوها على العامل مقابل مبلغ شهري لصاحب الصالون قد لا يزيد عن ألف ريال والباقي للعامل الحلاق يدفع منه الإيجار وفواتير الكهرباء والماء ورسوم لوحة الصالون وما يتصل بالتأشيرة، فبدأ الحلاق يمكر بكفيله وينقص من الدخل الشهري تدريجيا من ستة آلاف إلى خمسة إلى أربعة إلى ثلاثة؛ بحجة أن الصوالين كثرت والزبائن قلت، فتشاور صاحبنا مع أصحاب الخبرة في سوق التستر فنصحوه بأن يضع رأسه مع بقية الرؤوس.. ويتستر مؤكدين له أن غالبية المحال التجارية خاضعة لنظام التستر، وإلا فإن عامله سيظل يخفض من دخل المحل لصالحه مسببا له الخسارة لأن الدخل لن يكفي الإيجار وبقية المصاريف الخاصة بالعامل ورسوم الخدمات، ولأن صاحبنا لم يزل متمسكا بالنظام محاربا للتستر فقد وجد نفسه مضطرا إلى «تقبيل الصالون» على مواطن آخر مفضلا الانسحاب التكتيكي من السوق على أن يتحول على متستر صغير أو طحلب حقير وتعميما للفائدة قرر رواية وكتابة مذكراته باعتباره مشروع متستر سابق، ولكن لم يجد أحدا يصغي إليه أو يقرأ تلك المذكرات!! للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 162 مسافة ثم الرسالة