حينما خطط «منتدى عكاظ» لاستضافة وزير الصحة، كان يدرك تماما حجم القضايا الشائكة التي تحيط بوزارته من كل جانب، إذ إن بحث المواطن عن علاج يظل هو الهاجس الأساسي له وللدولة وللممارس وللوزير أيضا، ولكن رغم إدراك الدكتور عبد الله بن عبد العزيز الربيعة بتعقيدات ملف وزارته إلا أنه لم يتردد في التجاوب لمواجهة الطرح في المنتدى قناعة منه كما قال خلال الحوار بالشراكة التكاملية بين وزارته والإعلام. الدكتور الربيعة الجراح الحاذق والمتميز والذي سبقته نجاحاته المهنية لأرجاء المعمورة، استطاع أن يشخص بمبضع المحاور البارع هموم وزارته، رغم الطرح الجريء الذي ووجه به من المتداخلين، مدركا، بل ومتفقا مع المنتدى على حجم التحديات التي تواجه مسيرة التطور الصحي من عدة جوانب، إلا أنه وضع المبضع على الجرح ليجمع دون «فصل» بين التحديات والتطلعات؛ حين أكد على أن استراتيجية الوزارة كفيلة بإرساء ثقافة العمل المؤسسي، ورفع مستوى الجودة واستقطاب الكوادر المؤهلة، والاستخدام الأمثل للموارد وتطوير الصحة الإلكترونية والرفع من مستوى الخدمة المقدمة، مشددا على أن رضا المواطن هدف يسعى إليه ويضعه في سلم أولويات مهامه.. فإلى تفاصيل المنتدى: • د. أيمن حبيب: يرحب (منتدى عكاظ) بمعالي الوزير ومرافقيه من قيادات ومسؤولي الوزارة التي يقع على عاتقها تحمل مسؤولية أغلى ما يملكه الإنسان وهو الصحة، ولذلك تواجه هواجس الجميع من ممارسين وإعلاميين وغيرهم من المواطنين الذين يتطلعون إلى الحصول على خدمات صحية وعلاجية بمستوى عال من الجودة مع سهولة الحصول عليها.. فلنترك الفرصة لمعالي الوزير ليقدم لنا في البداية رؤية وزارته واستراتيجيتها للنهوض بالواقع الحالي والنظرة المستقبلية؟ - الوزير: أولا أنا سعيد بتواجدي مع زملائي من وزارة الصحة ومن الإعلاميين، ومنبع ذلك إيمان الوزارة بالشراكة بينها ووسائل الإعلام المختلفة ومن منطلق اشتراكنا في هدف واحد، وهو رفع مستوى الخدمة الصحية المقدمة باعتبارها هاجس الجميع. وكما ذكر دكتور أيمن فإن الصحة هاجس للمواطن وللإعلامي وللممارس ولمن يقوم بإدارة الشؤون الصحية؛ سواء على مستوى الوزارات أو القطاعات الصحية. فالوزارة بحكم مهامها هي المسؤولة عن 60% من القطاع الصحي في المملكة، و20% موزعة بين القطاعات الصحية الحكومية، و20% يقوم بها القطاع الخاص، وعندما أتيت للوزارة تم تشكيل فريق عمل من قيادات الوزارة لوضع رؤية أو استراتيجية قصيرة المدى ومتوسطة وطويلة المدى، واستفدنا من ماهو فاعل من الدراسات من زملائي الوزراء السابقين، وكذلك ما هو قائم من قبل مجلس الخدمات الصحية، واستقطبنا بعض الكوادر من خارج المملكة، ووضعت دراسة لواقع الصحة حاليا، ونظرة الوزارة إلى المستقبل، وكانت هناك تحديات كثيرة أمام الوزارة من عدة نواح منها: القوى العاملة، المنشآت، معايير التمويل، وكانت الرؤية أن يوضع تصور كامل للوصول إلى أهداف معينة، والوزارة كانت حريصة على أن يتم اعتماد مشروع وطني للرعاية الصحية، قائم على معايير عدالة التوزيع بين المناطق بأسس علمية ومهنية واضحة المعالم، وكذلك في سهولة وصول الخدمة، وفي الانتقال بين مستوياتها في الرعاية الصحية على مستوى كافة مناطق المملكة، وبعد الدراسة اكتشفنا أن هناك أشياء كثيرة تحتاج إلى إعادة نظر في المعايير، وعندما اكتملت دراسة المشروع، دعونا القيادات الصحية في القطاع العام وبعض الزملاء في القطاع الخاص وأعضاء اللجنة الصحية في مجلس الشورى لدراسة الوضع بشكل كامل، ثم قدمناه للمجلس الاستشاري العالمي قبل أن يرفع للمقام السامي الذي أيده من حيث المبدأ، وحوله إلى الجهات ذات العلاقة. ومن العناصر الأساسية للمشروع أو المرتكز الأول: الرعاية الصحية الأولية، وتطوير أدوارها المناطة بها سواء العلاجية أو التوعوية، والثاني تطوير نظام المحول في الوزارة، والثالث يدور حول إعادة هيكلة المستشفيات بمستوياتها الأربعة، والرابع العنصر الأهم والتحدي الكبير وهو تطوير وإيجاد القوى العاملة المناسبة للرعاية الصحية، والخامس رفع معايير الجودة في الوزارة بما يحقق أمن وسلامة المستفيد من الخدمة، والسادس تقنية المعلومات وأهميتها لما يواكب التطور في الرعاية الصحية، والعنصر السابع هو اعتماد الشفافية في الأداء. ولهذا المشروع جوانب أخرى ترتبط بالمعايير والكلفة لكل ما يقدم في خدمة الرعاية الصحية الأولية، بحيث يكون معيارا ترجع إليه حتى الوزارات التي تقنن تمويل الصحة، وقد اكتملت منذ أسابيع قليلة خطة استراتيجية للسنوات العشر المقبلة، والمشروع أخذ توجيه مجلس الخدمات الصحية لدراسة الخطة وتطويرها، ووضع خطة استراتيجية لوزارة الصحة والقطاعات الصحية، ولا شك أن هناك تحديات للوزارة تحتاج إلى حلول سريعة، أبرزها كيف نرفع من مستوى الرضا، وكيف نحقق معه التواصل، ولهذا كانت أولى الإدارات التي أنشئت هي علاقات المرضى، وتم ربطها بالسلطة العليا في الوزارة وفي كل مديرية. وثانيا: مشاكل الأسرة، وكان التحدي أمامنا كبيرا، وهو كيف يمكن أن نستفيد منها كأقصى حد، ولهذا قمنا بدراسة الوضع وأنشأنا إدارة خاصة بإدارة الأسرة، وهو منهج علمي حديث يتبع في معظم دول العالم المتقدمة، ومن ثم بدأنا برنامج جراحات اليوم الواحد، وحققنا في السنة الأولى ما يقارب 33% والتحدي أن نصل إلى نحو 50% وأن نخطو في السنوات المقبلة إلى نسب متقدمة. وهناك أيضا الحالات الطارئة التي يجب أن نتعامل معها بشكل جدي وسريع، لذلك أنشئت في الوزارة إدارة للطوارئ، تعمل على مدار 24 ساعة لحل مشاكل اختناقات الحالات الطارئة التي تهدد الحياة أو تهدد أحد أعضاء الجسد، كما أنشئت أيضا في كل إدارة شؤون صحية، وتم ربطها مع بعضها البعض، وقريبا ستربط آليا، وكذلك أعطيت الصلاحيات للمديرين في المناطق لإيجاد أسرة في القطاع العام، أو تستأجر من القطاع الخاص، وبدأنا نتوسع في بعض أسرة العناية المركزة التي لم تكن مفعلة، حاولنا نشغلها بشكل جيد، ولدينا مشاريع في جدة ومكة والرياض والمدن التي فيها اختناقات لتوسعة؛ العناية المركزة وتجهيزها، بحيث نحل مشاكل الأسرة على خطة عاجلة ومتوسطة وطويلة الأجل، لدينا في الواقع مشاريع للسنوات القليلة المقبلة ترفع مستوى الأسرة إلى 27500 سرير، لدينا 121 مشروع مستشفيات ،وما يقارب 600 مشروع رعاية صحية أولية بالإضافة إلى المشروع الأخير الذي اعتمد من خادم الحرمين الشريفين وهو مشروع المدن الطبية، ولو رجعنا لمستوى المشروع الوطني للرعاية الصحية المتكاملة والشاملة، كما ذكرت المستوى الأول: هو الرعاية الصحية الأولية ثم المستشفيات العامة، ثم المستشفيات المركزية، أو ما يسمى بالتخصصية في المناطق، ويأتي المستوى الرابع وهو مستوى عال جدا ويحتاج إلى كثافة سكانية حسب ما هو معمول به في العالم، بما يقارب أربعة أوخمسة ملايين، بحيث تكون مرجعية للحالات الصعبة والنادرة والتحويلية، واعتمدت خمس من المدن الطبية لشرق وغرب وشمال وجنوب ووسط المملكة، وهو المشروع الأخير الذي اعتمده خادم الحرمين الشريفين بمبلغ 16 مليار ريال، أما الجودة والتي تعني باختصار «أن يحصل المريض على الخدمات الصحية التي تناسب حالته في الوقت المناسب والمكان المناسب وبطريقة ميسرة»، فلا أذيع سرا بأنها كانت هاجس الوزارة كما هي هاجس عالمي، لذلك بادرت بعقد ندوتين لما يسمى بالأخطاء الطبية، التي نسميها نحن «سلامة وأمن المرضى»، وتبنت الوزارة الكثير من معايير الجودة بدءا بالمستشفيات الكبيرة ثم المتوسطة، واستطعنا وضع معايير للجودة لثلاثين مستشفى وتقييمها من مركز اعتماد المنشآت الصحية، ثم عشرة مستشفيات من هيئة خارجية؛ للتأكد من مطابقة معاييرنا للعالمية، والمؤشرات حتى الآن مشجعة جدا، ولا أخفيكم أن بعض المعايير التي اعتمدت من مركز اعتماد المنشآت الصحية أصعب مما هو مقدم من هيئة المستشفيات الأمريكية، وسوف تمر كل مستشفيات الوزارة للاعتماد، وثم ننتقل للقطاع الخاص، بعد ذلك قد يقول قائل: لماذا هذا المركز وليس هيئة مستقلة؟، فأقول إن الوزارة رفعت قبل أكثر من سنة تصورا كاملا لإنشاء هيئة مستقلة لاعتماد المنشآت الصحية، وهي تدرس الآن من قبل الجهات واللجان العليا في الدولة، وإن شاء الله تصدر في وقتها بعد اكتمالها، ونحن حريصون على هذه الهيئة لأنها سوف تظهر الصور المشرقة للتقييم المهني للقطاع الصحي العام والخاص؛ بصرف النظر عن انتمائه لأي قطاع، والآن بدأنا تطبيق برنامج في المستشفيات الكبيرة، لم نعلن عنه إعلاميا وهو «إعلام ما يسمى بالأخطاء الجسيمة عن طريق الاطلاع الإلكتروني» بحيث الخطأ الجسيم أين ما وقع يصل لقيادات الوزارة خلال وقت قصير جدا لا يتجاوز الساعات من حدوثه، وهذا مطبق في دول متقدمة، وسوف يليه انتقالنا من الأخطاء الجسيمة باعتبارها مهددة للحياة إلى الأقل والأقل بحيث تكون هناك شفافية، كذلك من البرامج التي بدأناها «إدارة التنظيم الإداري والمالي للوزارة» مع الاستفادة من الخبرات العالمية المختصة، وأرسيت المنافسة على إحدى أكبر الشركات وهي شركة ( ديلويد) المعروفة بخبراتها الإدارية والمالية، وباشرت عملها، ومن المتوقع أن تنجز مهامها بإكمال تقنية المعلومات بالوزارة خلال ثمانية أشهر إلى سنة، ونحن ندرك أنه لا يمكن تطوير الصحة بدون تقنية معلومات، فكان لدى الوزارة تحد بأن تكون وزارة جذب لذلك حاولنا استقطاب كوادر من الجامعات والقطاعات الصحية الأخرى في تقنية المعلومات، فأصبح لدينا الآن كوكبة من خبراء تقنية المعلومات، وسننتقل بعدها إلى ما يسمى بالبرامج الإكلينيكية أو ما يسمى بالصحة الإلكترونية، التي أخذت مع تقنية المعلومات في الدول المتقدمة عقودا ولم تكتمل إلى الآن، وسنعمل على إيصالها إلى كل المستشفيات ومراكز الرعاية الصحية الأولية من خلال رؤيتنا الاستراتيجية التي وضعها سبعة خبراء عالميون في تقنية المعلومات، ولدينا منافسة عامة فازت بها شركة (أي. بي. أم). أما بالنسبة للتحديات فأمام الوزارة تحديات كبيرة جدا، أبرزها تحدي القوى العاملة المميزة، التي تنافس عليها الدول، وهي على المستوى العالمي تعتبر نادرة، وإذا نظرنا إلى بعض الدول الغربية ومنها: الولاياتالمتحدةالأمريكية نجد أن لديهم نقصا كبيرا فيها فبدأت تستقطبها من جنوب شرق آسيا، ومن دول غربية أخرى، ولذلك نحن ننافس على هذه السوق، فرفعنا سقف الرواتب والبدلات لاستقطاب هذه الكوادر، كما لدينا تحد آخر وهو تأهيل خريجي المعاهد الصحية حيث استقطبت الوزارة ما يقارب 60 ألفا من حملة الدبلومات، ولكن لا يمكن أن نقدم رعاية صحية متقدمة، بدون كوادر مؤهلة تأهيل عال، وأنتهز هذه الفرصة لرفع الشكر والتقدير والعرفان لخادم الحرمين الشريفين، لأن من ضمن القرار الذي صدر (البارحة) قبل أيام أن يكون هناك برنامج تيسير لحملة الدبلوم وتتبناه الجامعات، وإن شاء الله يكون هناك تعاون بين وزارة الصحة ووزارة التعليم العالي في هذا البرنامج. وتحد آخر هو ما يتعلق بالمنشآت والمقاولين والوزارة تعمل جاهدة للتغلب عليه، والتحدي الأخير هو أن نوفق بتشغيل هذه المشاريع الطموحة لخدمة المواطنين. وأكمل بطموحنا الوصول بمعايير الأسرة وهو ما يقارب ثلاثة ونصف سرير لكل ألف مواطن بعد انتهاء واعتماد الخطة للوزارة. • خالد السليمان: قبل ثلاث سنوات استلمت ما يشبه هذه الخطة، وكانت أكثر طموحا لعام 1450ه، وهي اليوم على الرف، فأتمنى أن لا يكون مصير هذه كسابقتها، وأن نوفر الملايين التي ننفقها على هذه الدراسات، وسؤالي نحن انتظرنا على أحر من الجمر صدور نظام التأمين الصحي التعاوني (بلسم)، وعندما توليتم الوزارة كان هناك مشروع نظام رفع للمقام السامي باسم مشروع نظام «بلسم» للتأمين التعاوني، وتم تأجيله بدعوى إجراء التعديلات عليه، وقبل شهرين نفاجأ أن هناك إرجاء آخر قد يصل إلى خمس سنوات لإعداد نظام جديد، ألا تعتقد معالي الوزير أن تأجيل هذا النظام المهم الحيوي سوف يضر بمصلحة المريض في هذا البلد؟ والسؤال الثاني، يشكو كثير من فنيي المختبرات بخلاف الأطباء من الإجحاف في الكادر الصحي الذي صدر ، فهل سيجرى عليه تعديل ليكون أكثر عدالة؟ - الوزير: أولا: أتكلم عن الخطة، أنا لا ألوم من سبقني أنه وضعها، فكل خطة فيها برامج تعتمد لجهات خارج الوزارة، ولا أعتقد أن وزيرا يتواني في تنفيذ الخطة التي لديه، ولو نظرت للخطة الاستراتيجية فقد بدأنا في تنفيذ ما يخص الوزارة كتطوير القوى العاملة، ولكن لا يمكن أن أقيم مشروعا إذا لم أحصل على قطعة الأرض، و أؤكد لكم أن الوزارة حريصة على تنفيذ هذه الخطة، فهي لم تنجز لتوضع في الأدراج، وأبناء الوزارة الذين عملوا عليها ليل نهار يعلمون مدى أهمية ما فيها. وبالنسبة للتأمين الصحي، أولا لم يكن لدى الوزارة اعتماد لكي تلغيه أو توقف اعتمادا لأي مشروع آخر إذا كان لم يوافق عليه، فهذا كان قبل أن آتي للوزارة، ولكن أؤكد أن ما يدور في الإعلام عن التأمين وربطه بالخدمة غير صحيح، فالتأمين لا يعني تقديم خدمة، بل هو وسيلة تمويل سواء كان تجاريا أو تعاونيا، ولا يمكن أن نؤمن على أشخاص ولا نغير في الخدمة ونتوقع أن يرضى المواطن، في الواقع هناك تحديات كبيرة أمام التأمين التجاري الذي بدأ بالنسبة للمقيمين، وتجارب الدول التي سبقتنا ودرسناها بعناية، ومن ضمن فريق العمل الذي عمل مع الوزارة خبراء من دول متقدمة، ونصحونا بعدم الخوض في التأمين التجاري، ففي دول متقدمة في شمال أمريكا وما يواجهها من تحديات في الرعاية الصحية وكيف ارتفعت الكلفة فيها إلى أن وصلت أعلى دولة في العالم وتصرف ستة عشر ألفا في المائة من الناتج القومي في الصحة، ونسبة عدم رضا 44% وعدم وصول الخدمة إلى 40% من شرائح المجتمع. الوزارة لم تهمل مشروع التأمين التعاوني، ولكن تريد أن تطبقه التطبيق الصحيح، ونحن حريصون على أن لا نضع أعباء على المواطن، ولإيجاد آلية للتأمين عقدنا مؤتمرا دعونا له خبراء من القطاع الصحي الخاص والعام وشركات التأمين وخبراء عالميين، وخرجوا بتوصيات مهمة، والوزارة حريصة على أن يدرس التأمين بعناية. وبالنسبة لفنيي المختبر و الكادر الصحي أولا: ليس هو قرار وزارة الصحة، بل لجان مختلفة من خارج مجلس الخدمات الصحية، وشاركت فيه وزارات متعددة ولم يشارك من مجلس الخدمات الصحية إلا شخصان أو ثلاثة، والكادر ليس بالسوء الذي نتصوره، وبه ميزات أعتقد أن أفضلها إيجاد بدل للتميز، وهذا مفهوم جديد ،وهو ليس محصورا على الأطباء و الصيادلة، ولكن على فئات الكادر كله، بالعكس نحن حريصون جدا على أن لا تكون نظرة طبية بحتة، وإنما تكون نظرة صحية شاملة. وباختصار يمكن القول إن الأهداف الاستراتيجية للوزارة تتمثل في اعتماد منهج الرعاية الصحية المتكاملة والشاملة، مع الاهتمام بالجانب البحثي والتعليمي، إرساء ثقافة العمل المؤسسي ورفع مستوى الجودة وقياس ومراقبة الأداء، استقطاب الكوادر المؤهلة وتنمية الموارد البشرية، تطوير الصحة الإلكترونية ونظم المعلومات بجانب الاستخدام الأمثل للموارد وتطبيق اقتصاديات الرعاية الصحية ودراسة طرق تمويلها. • د. وليد فتيحي: لدي سؤالان، أولا الكثير من دول العالم، بل أكاد أقول معظمها وجد أن القطاع الخاص أقدر على إدارة المستشفيات بطريقة اقتصادية لأسباب كثيرة منها: أن هناك ترشيدا للصحة في دفع نسبة من العلاج، ولذلك معظم دول العالم آثرت أن تركز الوزارات على العلاج الأولي والوقاية وعلى معايير الجودة والمراقبة، ونحن سمعنا عن الخصخصة في السابق، وكان هذا موضوع الساعة ولكن المفاجأة الآن توسع كبير في بناء المستشفيات مما سيزيد تبعات ومسؤوليات على الصحة، ومما يتعارض مع قدرتها على أن تقدم وقاية قوية وتركز على الرعاية الأولية، وسيتضاعف العبء بعد الانتهاء من بناء هذه المدن الطبية والمستشفيات. أما الثاني، ففي العالم ما يسمى بحلف اقتصاديات الصحة ولم نسمع به في المملكة، وكذلك ماهي خطة الوزارة لمكافحة التدخين؟ - الوزير: بالنسبة للخصخصة، الوزارة درست 35 نظاما صحيا في العالم بما فيها النظام الأمريكي الذي خصص بالكامل، ولا أتفق معك على أن النظام الصحي الأمريكي ساعد على التوفير، بالعكس فأمريكا تصرف على الفرد تقريبا نحو ثمانية آلاف دولار، ويمكن هي أعلى دولة في العالم، وجدنا من دراستنا أن معظم دول العالم نسبة الخاص والعام هي بين 70 80% و28% وتصل إلى حد أعلى في العام 90% في السويد وبريطانيا و10% خاص وكندا 100% عام باستثناء العيادات، فالأنظمة في العالم أكثرها تطبق النظام العام والشراكة بين العام والخاص، يجب أن ننظر للمريض كمحور اهتمام وأن لا نشتته بين خاص وعام ويبقى نظام الإحالة مهملا بطريقة عشوائية، كما يجب أن يكون هناك نظام واضح المعالم للرعاية الصحية، لا يمكن للوزارة أن تقف متفرجة، وحاجة المواطن كبيرة جدا وتقول سوف أترك المواطن يدفع من جيبه، وتترك الخاص يتوسع، وفي نفس الوقت الوزارة لم تهمل القطاع الخاص، لا يفهم مني أنني ضد القطاع الخاص الوزارة في كثير من مشاريعها لا تفكر أن تستثمر فيها وتشتري الخدمة، نحن الآن نشتري الخدمة في رعاية طويلة، نشتري الخدمة في أسرة ولدينا فكرة الآن تدرس جديا ونأمل اعتمادها لشراء الخدمة في غسيل الكلىن وأشياء كثيرة تشترى وهذا منظور، هي شراكة بين القطاع الخاص والعام، وهي في فكر الوزارة، وأنا أعتقد أن أكبر شريك هام للوزارة هو القطاع الخاص، ويجب أن يرتقي بالجودة ليصل إلى الحد المطلوب من المواطن، وما تتوقعه وزارة الصحة بالنسبة لاقتصاديات الصحة نعم كقطاعات صحية نحن متأخرون، ولكن الوزارة بدأت الآن تفكر جديا باقتصاديات الصحة، ومنها وضع ما يسمى أولا: مراكز كلفة وكلفة خدمة وسننتقل حتى نصل في السنوات المقبلة لوضع فوترة تقنية لكلفة كل عمل في الوزارة، ويقوم مجلس الخدمات الصحية بالاشتراك مع الوزارة الآن بدراسة كاملة للكلفة، وعندما تكتمل يتوازى معها برنامج اقتصاديات الصحة. وبالنسبة للتدخين فهو ليس خدمة، والاحصاءات تشير إلى أن نسبة المدخنين في المملكة 24.5% والسمنة 35%، ولدينا الآن دراسة برامج بشراكات مع قطاعات ومؤسسات المجتمع المدني والجمعيات والجامعات والقطاع الخاص لخطة طويلة المدى وعندما تكتمل هذه الشراكات لعلها تفيد. • د. منى باسليم: «طبيب استشاري جراحة ثدي في مستشفى الملك فهد العام في جدة»: أولا لماذا نتحدث دائما عن الاستعانة بالخبراء الأجانب لوضع المعايير والتطوير؛ رغم اختلاف مجتمعنا وبيئتنا.. وثانيا لدينا مشكلة كبيرة في المختبر حيث لا تتوفر هرمونات سرطان الثدي، رغم أن المستشفى يخدم شمال جدة كله.. وأخيرا هل معاليكم راض عن علاج مريض الأورام في منطقة جدة؟ - الوزير: جوابي على السؤال الأول أنه ليس كل معيار يأتينا من الخارج، عندما ذكرت الخبراء الأجانب كنت أقصد الاستفادة منهم، لكن معظم الخبراء الذين وضعوا خططنا ورؤانا هم سعوديون زملاء لنا من التخصصي والحرس الوطني والدفاع، لأننا نعتقد هي شراكة بين قطاعات صحية. بالنسبة للمختبرات دون الخوض في التفاصيل أؤكد لك أن العالم الحديث بدأ يقلل النظرة لمختبر المستشفى ويوسعها إلى مختبر مركزي يفيد الكل، فإذا أردت حل مشكلة معينة نحن على استعداد، ولكن ليس من المعقول أن أضع فحص هرمونات في كل مستشفى كبير، فهذا فيه إهدار للمال العام في وقت نتكلم فيه عن اقتصاديات الصحة. مثال على ذلك.. في مدينة فانكوفر الألمانية تم وضع مختبر إقليمي وبدأت معظم المستشفيات تحول إليه العينات، وجميع مراكز الرعاية الصحية الأولية في المدن الكبيرة ليس فيها مختبرات، وتنقل العينات بالسيارة وترد بالكمبيوتر بحيث توفر على الدولة مبالغ وتحصل على فحوصات أفضل، أتمنى أن نطبق هذه النظرة في الوزارة.