أثارت التصريحات الأخيرة التي أطلقها إياد علاوي بشأن حزب الدعوة، ورئيسه نوري المالكي والتأثير الإيراني على الحزب، حساسيات كثيرة داخل الجسد السياسي العراقي. ولقد كان هذا الإعلان بمثابة الطلاق الكامل بين الكتلتين الحاكمتين في البرلمان العراقي، التحالف الوطني الذي يقوده المالكي، وكتلة العراقية، والتي يقودها إياد علاوي. وكان التحالف الحكومي والذي أسس بناء على مبادرة رئيس حكومة إقليم كردستان، مسعود البرازاني، أساسا لتحالف وطني هش بين هاتين الكتلتين. وبالرغم من تسمية هذا الاتفاق، باتفاق اربيل والذي وقع في نوفمبر الماضي، والذي تقاسمت بموجبه الطوائف الثلاث مناصب رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية، ورئيس مجلس النواب، والذي تكون بموجبه مجلس جديد تحت مسمى مجلس السياسات الاستراتيجية العليا، استرضاء للكتلة الأكبر في البرلمان، كتلة العراقية، إلا أن هذا التحالف الهش يكاد اليوم أن ينهار، بفعل المشاحنات الشخصية بين المالكي وعلاوي. والحقيقة أن تسميته بمبادرة البرازاني غير صحيحة، فالمبادرة تمت بجهد دبلوماسي خارق لنائب وزيرة الخارجية الأمريكية (فيلمان) لإيجاد صيغة سياسية تخرج الحكومة العراقية من مأزق تأسيسها، وتوحي بإيجاد هيكل سياسي جديد يعطي الأغلبية العراقية الحق في اقتراح السياسات الحكومية، وصياغة مشاريع القوانين قبل عرضها على البرلمان. وكان مثل هذا التطور والتحوير في الدستور العراقي يتطلب موافقة البرلمان على مثل هذا القانون بتشكيل هيئة تنفيذية جديدة بموازاة مجلس الوزراء. غير أن مثل هذا المشروع لم يتحقق، ومن ثم ظل المجلس المقترح الجديد حبراً على ورق. غير أن فشل النظام العراقي في تطوير هياكله السياسية ينبئ عن فشل آخر، وهو أن الدستور العراقي الذي صيغ عام 2005م بجهود أمريكية هو دستور طائفي بالمقام الأول، ولم يتطور أو يتغير بشكل يجعله قادرا على حل الأزمات السياسية التي تواجه البلاد. وهناك ضغوط شديدة على المالكي من داخل تكتله بسبب معارضة الصدريين بقاء القوات الأمريكية بعد فترة انسحابها نهاية هذا العام. وبسبب الانتقادات الشعبية الموجهة إلى أداء حكومته، وفشل الوزارات المعنية في تقديم الخدمات الأساسية للمواطنين من كهرباء وتعليم وغذاء. ويحاول المالكي أن يفعل ما فعله (أديناور) في ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية بتحويل النظام الفدرالي الذي فرضه الاحتلال الأمريكي، إلى نظام فدرالي تلعب فيه السلطة المركزية دورا أشبه ما يكون بالنظام الرئاسي. غير أن ما كان يتمتع به (أديناور) في ألمانيا من حنكة واستقلال سياسيين، ومناصرة قوية من الأقاليم لا يتمتع به في الوقت الحاضر، رئيس الوزراء نوري المالكي. فلم ينجح المالكي في التخلص من الصورة السائدة عنه بأنه يتأثر بشكل كبير بالتوجهات السياسية الإيرانية. كما أن السجل العملي لحكومته، لا ينبئ بحكومة تكنوقراطية قادرة على تلبية حاجة الناس الملحة للكهرباء وغيرها من الخدمات العامة. كل ذلك جعل هناك ضغطا سياسيا على حكومة المالكي، التي قد تواجه مغادرة أعضائها من كتلة العراقية أو انهيار تحالفها الداخلي مع الصدريين. للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 147 مسافة ثم الرسالة