أمير تبوك يستقبل رئيس وأعضاء جمعية الوقاية من الجريمة (أمان ) بالمنطقة    أمانة تبوك تشارك في فعاليات أسبوع البيئة تحت شعار بيئتنا كنز    الحوثيون يلوثون آبار الشرب    غروسي يشيد بأجواء المفاوضات الأمريكية الإيرانية    حرب الكبار تتصاعد : بكين تتوعد واشنطن بالعقوبات    رقم قياسي لبنزيمة مع الاتحاد    "تعليم الطائف" تحتفي باليوم العالمي للغة الصينية    حسام بن سعود يتسلَّم تقرير نتائج دراسة الميز التنافسية في الباحة    محميات العلا.. ريادة بيئية    سعود بن نايف يشدد على مبادرات «السلامة المرورية»    ولادة مها عربي في القصيم    ساعة الصفاة    رئيس الشورى يعقد جلسة مباحثات مع رئيس الجمعية الوطنية الباكستانية    جيش الاحتلال يدفع بمقاتلين من لواءي «غولاني» و«غفعاتي» إلى غزة    الذهب يتجاوز 3400 دولار للأوقية    ما يحتاجه الاتحاد للفوز بلقب دوري روشن    في الشباك    الشبابيون: كنا الأقرب للفوز    العميد يقترب من الذهب    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على تراجع    الهلال الأحمر: فتح التطوع لموسم الحج    مركز الدرعية لفنون المستقبل يفتتح معرضه الثاني "مَكْنَنَة"    إرث «الليث» بريشة الفليت    حكاية فخر    "تمكين الأوقاف" تحتفي بتخريج دفعة الزمالة المهنية    وزير الشؤون الإسلامية يستقبل سفيري المملكة في الأوروغواي الشرقية وموزمبيق    التسمم الغذائي للأسماك.. الوقاية تبدأ من الشراء    حرس الحدود ينقذ مواطنًا من الغرق بالمدينة    إطلاق فعاليات أسبوع البيئة 2025 في عسير    الحريد من المحيط إلى الحصيص يُشعل شواطئ فرسان    وزير الطاقة يستقبل السكرتير التنفيذي لدولة رئيس الوزراء الهندي    دليل إرشادي للرعاية الصحية المنزلية    مشروع للزراعة الذكية في الرياض بتعاون سعودي - كوري    القبض على مقيم ومواطن لنشرهما إعلانات حملات حج وهمية    من يحكم من في إدارة الجسد    لماذا لا نقرأ    عندما يكون التفاخر بالأنساب ميزانا للتفاضل في الأحساب    سما بنت فيصل تشكر القيادة لتبني ودعم مبادرة رسل السلام ب 50 مليون دولار    زيارة رئيس قطاع بلديات منطقة الرياض لمحافظة السليل    رؤية جديدة لمؤسسة الإنتاج والبرامج المشتركة    السعودية.. رائدة عالمية في مجالات العمل والعمال    أكدت أن الرياض أعلى المناطق.. "السياحة": 32 % نمواً في تراخيص خدمات السفر والسياحة بالمملكة    تكريم الفنان إبراهيم الحساوي في مهرجان أفلام السعودية    شارع الأعشى (1 – 2)    احترام «المساحة الشخصية» ليس رفاهية    نيابةً عن سمو ولي العهد.. وزير الرياضة يتوج "أوسكار" بجائزة السعودية الكبرى stc للفورمولا1    مجتبى إلى القفص الذهبي    هتان أول سعودي يدخل جهة عمله موسوعة غينيس    أخضر 17 وصيفًا لكأس آسيا    إصابة بطلق ناري في أمريكا كل 30 دقيقة    يدّعي وجود قنبلة على السفينة لمنع خطيبته من السفر    التفاخر بالتبذير وتصوير الولائم    272 ألف مستفيد في مدينة الملك سلمان الطبية    السماء تبتسم للأرض 25 أبريل    فعالية اليوم العالمي للمختبرات الطبية بجامعة شقراء    5 مراحل لمرض القدم السكرية    تخريج الدفعة ال 22 من جامعة الملك سعود للعلوم الصحية    محافظ الطائف يستقبل مدير عام الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الكوثر العالمي!
نشر في عكاظ يوم 18 - 06 - 2011

سورة الوعود والرعود، والمعجزات والمنجزات، قرأها عربي فأسلم، وفصيح فأعجم {إنا أعطيناك الكوثر} [الكوثر:1]. استهلال ضخم فخم، مشعر بعظمة المعطي ومجده، وآية على شأن العطية واتساع دائرتها وشمول خيرها، ولذا كان أعدل الأقوال فيه قول ابن عباس: «هو الخير الكثير». فيعم أكثر من (26) قولا؛ كالنسل والعلم والنبوة والقرآن والشفاعة والجنة والحوض. وفي الحوض روى مسلم عن أنس رضي الله عنه مرفوعا: «أتدرون ما الكوثر؟». فقلنا: الله ورسوله أعلم. قال: «فإنه نهر وعدنيه ربي عز وجل عليه خير كثير، هو حوض ترد عليه أمتي يوم القيامة، آنيته عدد النجوم...» الحديث. {أعطيناك} عطاء لا رجعة فيه، فهو تمليك أبدي سرمدي لا يحول ولا يزول {عطاء غير مجذوذ} [هود: 108]. {أعطيناك} أعطيناك في الأزل قدرا وحتما لا مرد له. {أعطيناك} فلا أحد يرد ما أعطيناك، وسوف نعطيك من هذا الخير الكثير حتى ترضى؛ {ولسوف يعطيك ربك فترضى} [الضحى: 5]، عطاء سابق متجدد، ليس له من نفاد. إنها لغة العطاء والكرم، حتى حين كان بمكة بلا أتباع ولا قوة ولا سلطان، روح من الثقة والإيمان بالوعد الكريم، وإعجاز تشهد به الدهور، وتربية على قراءة الأحداث بتفاؤل وإشراق؛ فالعطاء له صلى الله عليه وسلم أصالة، ولأمته وأتباعه، بل وللبشر كلهم أجمعين. كيف لا؟! والرسالة من هذا العطاء، وهي رحمة للعالمين! إذا كان هو قد أعطاك، فماذا يضيرك أن يحاول حرمانك بشر كيدهم أوهى من بيت العنكبوت؟ أو أن يعيرك مهزول مسحوق تحت قبضة لحظته الحاضرة؟ «دعوه؛ فهو رجل أبتر، لا عقب له، فإذا هلك خمل ذكره ولم يعرفه أحد»! «إني لأبغضه، وإنه لرجل أبتر ليس له أولاد». عقلية سطحية تعتمد على النسل والقبيلة والذكورة، وتطيح بالقيم المعرفية والأخلاقية، ولا تعي حركة التاريخ، {ذرني ومن خلقت وحيدا * وجعلت له مالا ممدودا * وبنين شهودا * ومهدت له تمهيدا * ثم يطمع أن أزيد * كلا} [المدثر: 11-16]. أين ذهب المال؟ أين احتشد البنون؟ الزعامة عندها هي المال والذكورة والسطوة.. ومعها: الطمع في المزيد! أعطاه الله فاطمة زوج علي رضي الله عنهما، وأعطاه الحسن والحسين، وذريتهما العريضة الباقية الفاضلة، {ومن ذريتهما محسن وظالم لنفسه مبين} [الصافات: 113]، {ولكل درجات مما عملوا} [الأنعام: 132]. ولا يعظم مع عفو الله ذنب دون الشرك، وهنا طمع من نوع آخر {والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين} [الشعراء:82]. ثورة جادة على تقاليد الجاهلية وموروثاتها الراسخة، وأعرابيتها الجافية. حفاوة بالأنثى في بيئة تزدريها وتئدها أحيانا. تخيل رجلا يموت، وليس وراءه إلا فتاته التي فقدت أمها (خديجة) قبل الهجرة، لتعيش بعده ستة أشهر، وتقبض روحها الطاهرة وهي في الثلاثين من عمرها، وخلفها صبيتها الصغار. هي بنت من؟ هي زوج من؟ هي أم من؟ من ذا يداني في الفخار أباها
هي أسوة للأمهات وقدوة
يترسم القمر المنير خطاها
فمها يرتل آي ربك بينما
يدها تدير على الشعير رحاها
أهمية النسل ليست في ذكورته وأنوثته كما يظنون، ولا في كثرته وعديده كما يعتقدون، وربما كانت الأنوثة {خيرا منه زكاة وأقرب رحما} [الكهف: 81]، أو كانت الذكورة شقاء وبلاء، وربما كانت الكثرة كما بلا كيف، أو كما عبر كثير عزة بحضرة عبد الملك:
بغاث الطير أطولها رقابا
ولم تطل البزاة ولا الصقور
خشاش الطير أكثرها فراخا
وأم الصقر مقلاة نزور
ضعاف الأسد أكثرها زئيرا
وأصرمها اللواتي لا تزير
وقد عظم البعير بغير لب
فلم يستغن بالعظم البعير
فما عظم الرجال لهم بزين
ولكن زينهم كرم وخير
كانت فاطمة رضي الله عنها من هذا الكوثر، وكانت ذريتها، وكان الأتباع الذين يعدون بالمليارات عبر العصور، ومن سيخلق الله بعد، إلى نهاية الحياة.
{فصل لربك وانحر} [الكوثر:2]، دعوة إلى تجاوز الجدل مع الشانئين والمتربصين إلى العمل والإنجاز، سواء تمثل في إحسان في العبادة، أو في إحسان إلى الخلق، والمهم الجوهر أيضا، قبل الكثرة أو الشكليات، فجمال المقصد سر جمال العمل وقبوله (لربك).
دعهم وصلاتهم التي هي مكاء وتصدية، ورياء وسمعة، ووجاهة اجتماعية، وأقبل على صلاتك (لربك)، وتزود منها، ولو سبوك وعيروك وهددوك، {أرأيت الذي ينهى * عبدا إذا صلى} [العلق:10،9]، أطع الله واعصهم، وتوقع الخير أمامك، وإن كان محجوبا عن رؤية النظر القصير المحدود. لست أبتر، كما يقولون ويتمنون، فالمستقبل لك ولذريتك ولرسالتك، وهم من سيخمل ذكره، ويطوى فلا يروى، ولن يفتخر أحفادهم بالانتماء إليهم، من ذا الذي يعتز بالانتساب لأبي جهل أو أبي لهب، ولو كانوا في الذؤابة؟ مفهوم جديد للحياة، لا يقوم على أساس الذكورة، ولا الكثرة، ولا المال، وإنما على «الإيمان والإحسان». هو الأبتر؛ لخلوه من تلك المعاني، لا أنت؛ فأنت صاحب الكوثر، مبعوث الرحمة، ومنار العلم، وقدوة الأخلاق، ورمز العبودية، ودليل الهداية، عطاء حسي ومعنوي، تنقطع دون إدراكه الأوهام: بيتك، بنتك، أزواجك، أصحابك، نسيج فريد، ولحمة متينة لم تخرج عن بشريتها، بيد أنها كانت أنموذجا يحتذى في تجسيد العلاقة وترسيخها. نجاح في سبك الصلة وإحكامها، لم يتحقق لأي زعيم سياسي أو ديني قبلك ولا بعدك. هل يعي المسلم درس الذكورة والأنوثة، وكيف حقق الله معنى {ما كان محمد أبا أحد من رجالكم} [الأحزاب: 40] إلى جوار معنى الكوثر، ووجود العديد الضخم المنتسب إليه عليه الصلاة والسلام من نسل الحسن أو الحسين، أو المنتسب إليه بالإيمان والاتباع والحب؟ وهل يعي درس الكم والكيف في الذرية أو في الجماعة، فالعبرة بالصفات والخلائق والإنجازات وليست بالعدد، يجري هذا في تربية الأسرة على النبل والإبداع والعمل، وليس مجرد الاستكثار من الولد، مهمة الأب لا تنتهي عند تخلق الجنين، بل تبدأ هناك! كما يجري هذا في الدعوة، فالولع بكثرة السواد لا يجب أن يحول دون العناية بالنوع، وكثيرون يأخذهم معنى إنقاذ الكافرين من النار، ويغفلون عن معنى النموذج والقدوة، وقد وجدت بعض الضعاف يسلمون اليوم تحت ضغط الداعية واستعجاله لإسلامهم أو المجاملة أو الإغراء، ويرتدون غدا؛ لأنهم لم يسلموا عن اقتناع، ولم يتلقوا دروس التربية والترقية والترسيخ، ولم يروا المجتمع الذي يمنحهم الإحساس بالتفوق الأخلاقي أو التفوق المادي والحضاري، أو يشعرهم بالانتماء الصادق دون طبقية ولا عنصرية. تظل هذه السورة سورة الفأل والأمل والانعتاق من ضغوط الواقع، إلى رؤية العطاء، وتحويل الإيمان بالله إلى طاقة حيوية باعثة على الفعل الجميل والإعراض عن الجاهلين، والإصرار على التغيير الإيجابي للفرد والجماعة، مهما تكاثفت السحب، وتعاظمت المعوقات، فالتغيير قادم، ونفخة البشر الهزيل لا تطفئ شمس الله ولا تطال علياءها، وسيبلغ هذا الدين ما بلغ الليل والنهار.
للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 138 مسافة ثم الرسالة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.