كشفت جولة «عكاظ» تردياً في الخدمات الصحية في المحافظات الجنوبية لمنطقة مكةالمكرمة بل قد تكون غائبة في مناطق الكثافات السكانية، وإن حضرت المشاريع الصحية على الرغم من ندرتها إلا أنها تبقى منشآت فقط لا ترتقي بمستوى الخدمات الصحية في المنطقة وهو الأمر الذي عرض سكان محافظات الليث، القنفذة، ومراكزها الإدارية لآلام ومآسي عمقت معاناتهم التي لا تنتهي، حيث تتزايد الأوجاع بما يلاقونه من صعوبة في الانتقال بين مساكنهم والمستشفيات والمراكز الصحية لوقوعها على مسافات متباعدة ولغياب الخدمات الصحية فيها. في مراكز الليث والقنفذة يضطر المريض إلى السفر إلى مدن جدةومكةالمكرمة والطائف، باحثا عن علاج يخفف آلامه بعد أن غابت أسس الرعاية الصحية في المراكز والقرى والهجر ولم تعد المستشفيات ذات الإمكانيات المتواضعة تتواءم مع حجم الاحتياج المتزايد لسكان المحافظتين ومراكزها الإدارية، حيث يفوق عدد سكانها على 600 ألف نسمة ولا يتوفر لرعايتهم صحيا سوى خمسة مستشفيات لا تتجاوز سعتها السريرية 250 سريرا بواقع سرير لكل 2400 مريض، وغابت أيضا المراكز التخصصية فلا وجود لمراكز غسيل الكلى وعيادات العيون وعيادات المخ والأعصاب واقتصرت خدمة المستشفيات المتوفرة على الكشف والتنويم دون أن تقدم حلولا ناجعة لما يعانونه من أمراض. خلال الجولة اتضح جليا تردي الخدمات الصحية في مراكز الرعاية الصحية الأولية في مراكز محافظتي الليث والقنفذة، حيث لا يخلو مركز إداري من مراكز الرعاية الصحية الأولية لكن وجودها كما عدمه وفقا للمواطن غندور السهيمي أحد سكان مركز المظيلف الذي ذكر «أن المراكز الصحية مبان فقط دون أن تقدم خدمة ملموسة للسكان، حيث تقتصر خدماتها الصحية على تطعيم الأطفال، بعد تراجع الدور الطبي نظرا لغياب الكادر المؤهل فلا وجود في المركز الصحي للعيادات التخصصية وكل ما هو موجود طبيب عام يتولى علاج الرجال والنساء، وأشار مرزوق المالكي «أن المراكز الصحية تحولت إلى مبان مهجورة بعد أن غابت الرقابة نتيجة غياب الكوادر المؤهلة فالتقصير بدأ من الوزارة قبل أن يصل إلى القطاعات الصحية أو إدارات الشؤون الصحية التي لا تجد كوادر لكي تقوم بمتابعتها وتشديد الرقابة عليها وأيضا غابت الأدوية الطبية وأصبح ما يقدم للمريض لا يتعدى كبسولات لا تكفي لرفع معاناة المرض، ما دفع الأهالي إلى هجر المراكز الصحية لمعرفتهم المسبقة بأنها لا ترتقي لمستوى تطلعاتهم فأصبحت خالية من المراجعين والكوادر الطبية»، وذكر عوض مساعد المتعاني «أن مركز سوق العين، وقرى المتن بالغمايات لا يوجد بها سوى مركز صحي وحيد على الرغم من أنها تتبع لها قرى ثقيف والوراق ولا يسد حاجة السكان ولا تتوفر فيه أبسط مقومات الرعاية الصحية، حيث يضطر السكان إلى قطع مسافات طويلة للعلاج في مستشفى أضم وهو الأمر الذي يواجهون فيه صعوبة في التنقل وتباعد مواعيد العيادات في المستشفى، حتى أصبح دوره فقط تحويل المرضى إلى المستشفى حتى أطلق عليه سكان القرى مركز التحويل». ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد بل امتد غياب الخدمات حتى وصل إلى مرحلة تعثر المشاريع الصحية في محافظتي الليث والقنفذة فمازال أهالى الليث ينتظرون مستشفى منذ ثلاث سنوات بسعة 100 سرير، وينتظر أهالي القنفذة مشروع مستشفى النساء والولادة وهذا المشروع أن أتى سيكون أول مستشفى متخصص في المحافظتين في توليد النساء اللاتي بقين لسنوات يتجرعن آلام المخاض ومنهن من تفضل الولادة المنزلية حتى انتشر في المنطقة ما يسمى بطبيبات الولادة بالفطرة وهو عمل تمرسن عليه عدد من السيدات من كبار السن وأصبحن يمارسنه مع قريباتهن ونساء القرى حيث لا يحتاج الأمر سوى مقص وماء حار وبعض المشروبات الشعبية للحفاظ على النفاس من الخطر. فريق «عكاظ» توقف أمام بوابات منشأة صحية حديثة تحت الإنشاء على قارعة الطريق الدولي الرابط بين مكةالمكرمة وجازان، ويقع في المنتصف بين مركزي القوز وحلي التابعة لمحافظة القنفذة، هذا المشروع الحيوي آثار دهشة العابرين على الطريق الساحلي، كون موقعه سوف يصبح مصيدة للسيارات ومكانا خصبا للحوادث المرورية فبواباته مشرعة على أكثر طريق في المملكة يشهد كثافة مرورية، توقفنا لمعرفة هذه المنشأة فاكتشفنا أن هذه المنشأة ستكون مقرا لمستشفى جنوب القنفذة، وحين سألنا عن سبب اختيار هذا المكان بالتحديد ذكر لنا بروجي المحتمي أحد سكان مركز القوز «أن هذا المستشفى اعتمد لمركز القوز وطالب أهالي حلي بالمستشفى وبعد هذه المطالبات تبرع أحد المواطنين بموقع الأرض التي أنشئ عليها المستشفى حاليا وتقع في المنتصف بين المركزين حرصا منه على ضمان أن يكون المستشفى في المنطقة وليكون رافدا صحيا لمركز حلي والقوز، وكان موقع الأرض التي تبرع بها لوزارة الصحة في هذا الموقع ولهذا السبب جاء على قارعة الطريق الأمر الذي قد يتسبب في وقوع حوادث مرورية مأساوية.