قرأنا وسمعنا مؤخرا عن ظهور مرض جديد في ألمانيا، يصيب الإنسان من خلال تناوله للخضراوات، يسبب الفشل الكلوي ويؤدي إلى حالات من الغيبوبة، كما أدى إلى حالات عديدة من الوفيات، وما أظن أن مثل هذا المرض ببعيد عنا، فلقد تعودنا على استيراد كل مقومات حياتنا في المجتمعات العربية من الغرب، أوروبا وأمريكا، كما سبق أن تلقينا من الغرب أيضا جنون البقر، وانفلونزا الطيور وانفلونزا الخنازير، ولا ننسى الإيدز اللعين. هذا المرض الجديد، أثار القلق في ربوع أوروبا، فنحن نعلم أن الاتحاد الأوروبي قد أزال الحواجز بين بلدان أوروبا، ولم يعد هناك ما يمنع من انتقال السلع والمنتجات، ومن ثم ليس ما يمنع كذلك من انتقال الأوبئة والأمراض، التي تصلنا بكامل إرادتنا إما عن طريق سفرياتنا إلى تلك الدول، أو عن طريق وارداتنا منها. هذا كله يدخل ضمن الابتلاءات التي نتعرض لها في حياتنا، ولكن بعض هذه الابتلاءات تكون مما لا مفر منه، ومنها ما نسهم نحن في اجتلابه، بحيث لا يمكننا أن نلقي بالتبعة على الأقدار وحدها. وواردات الغرب إلينا ليست قاصرة على ما يصيب صحتنا وأطعمتنا، بل إن هذه الواردات قد تغلغلت في مجتمعاتنا عن طريق القنوات الفضائية والمطبوعات، وما تحمله وتبثه من أفكار. واردات الغرب ليست دائما إيجابية، أو قل وربما كان هذا هو الأصح أننا لا نحسن الاستيراد، فبدلا من استيراد التكنولوجيا وتطويرها، نطالب بتدخلهم التكنولوجي في بلادنا وتدميرها، وبدلا من أن نطلق الأقمار، أصبحنا نستورد الأفكار، وهكذا وجدنا في بلد شقيق، ثار على الطغيان، مجموعة من المثقفين والمتنورين كما يحبون أن يوصفوا يصرون على إبعاد الدين عن الحياة، وحصره في العبادات والعلاقات بين الفرد وربه، أما ما عدا ذلك من قضايا الحياة والعلاقات الداخلية والخارجية، فلا شأن للدين به، وهؤلاء يتشدقون بما يسمونه دولة مدنية، وآخرون على استحياء يطالبون بدولة مدنية ذات مرجعية دينية، مع أن دول الغرب كلها دول دينية، وإلا فماذا نقول عن الفاتيكان، وهي دولة دينية يترأسها رأس الكنيسة الكاثوليكية، وماذا نقول عن مناداة نتنياهو علنا بدولة يهودية لا مكان فيها لغير اليهود، ثم ماذا نقول عن التأييد المطلق من الغرب النصراني لليهود، وفقا لرؤى عقدية نصرانية ترى في دعم إسرائيل عبادة وقربى إلى الله. هذه الأفكار المستوردة من الغرب لا تختلف في اعتقادي عما يصدره لنا الغرب من أمراض وأوبئة، بل قد يسهل العلاج من أمراض الأبدان، ويستحيل أو يصعب علاج أمراض الفكر والثقافة.. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 177 مسافة ثم الرسالة