اختلف الأمريكيون والأوربيون في علاج مشكلة من أكثر المشاكل الطبية شيوعا في العالم وهي ارتفاع ضغط الدم. وكشفت التوصيات التي حددها الأطباء الأمريكيون والأوربيون في المؤتمرات الطبية عن اختلافات عديدة، والسؤال الذي يدور في أذهاننا أي التوصيات أحق بالمتابعة ؟ وأيها أجدر بالاقتداء؟ «عكاظ» وضعت القضية على طاولة الأطباء لتسليط الضوء على انعكاسات هذه التوصيات.. رأى استشاري أمراض القلب في مستشفى الملك فهد العسكري في جدة الدكتور حسان شمسي باشا، أن أهم ما تميزت به التوصيات الأمريكية أنها اعتبرت ذوي الضغط الانقباضي ما بين 120 - 139 ملم زئبقي، والضغط الانبساطي 80-89 ملم زئبقي مصابين بما يسمى (مرحلة ما قبل ارتفاع ضغط الدم)، فيما كان العالم أجمع حتى صدور هذه التوصيات يعتبر هذه الفئة من الناس طبيعيين تماما، ورغم ذلك فلا تحتاج هذه الشريحة إلى تناول الدواء، ولكن يوصي التقرير الأمريكي بتغيير نمط الحياة كتخفيف الملح واتخاذ نظام حمية غذائي. وأضاف د. باشا «أن العلماء الأوروبيين لم يوافقوا على هذا التصنيف، إذ أن ذلك يعني أن غالبية الناس في أوروبا بل في العالم أجمع سيعتبرون إما مصابين بارتفاع ضغط الدم أو بمرحلة ما قبل ارتفاع ضغط الدم، وهذا بالطبع يشكل مشكلة صحية كبيرة تعجز الحكومات والمنظمات الصحية في التغلب عليها، إضافة إلى أن ذلك سوف يزرع هاجس القلق لدى هذه الشريحة من الناس، فبالأمس القريب كنا نعتبر هؤلاء الناس طبيعيين واليوم اختلفت نظرة الأطباء إليهم». ويستطرد د.باشا «اختلف الأمريكان والأوروبيون مرة أخرى في كيفية البدء في علاج ارتفاع ضغط الدم، فقال الأمريكان بضرورة البدء بدواء مدر للبول، ومن ثم إضافة دواء آخر أو أكثر إن لزم الأمر، أما الأوروبيون فقرروا في توصياتهم عكس ذلك، إذ أصروا على إمكانية البدء بأي من خمس مجموعات من أدوية ارتفاع ضغط الدم، والتوصيات الأمريكية محقة في هذه النقطة بالتحديد، فالمدرات البولية متوفرة على نطاق واسع، ومأمونة الجانب، ورخيصة الثمن أيضا مقارنة مع الأدوية الحديثة التي تستخدم في علاج ارتفاع ضغط الدم، فارتفاع الضغط مرض مزمن يحتاج معه المريض في أكثر الأحيان إلى تناول دواء خافض لضغط الدم مدى الحياة، وهذا ما يشكل عبئا ماديا على الفرد والمؤسسات الصحية. وألمح د.باشا إلى أن الحقيقة المؤسفة أنه رغم التقدم العلمي في معالجة ارتفاع ضغط الدم، والتثقيف الصحي، إلا أن نسبة الذين تمت السيطرة على ضغط الدم عندهم بصورة مقبولة لم تتجاوز 8 في المائة في أوروبا، و23 في المائة في الولاياتالمتحدة، و8 في المائة في مصر وعدد آخر من الدول العربية، وهو ما يعني أن الغالبية العظمى من المصابين بارتفاع ضغط الدم يعيشون بضغط مرتفع لم يسيطر عليه، والمأساة الكبرى هي أن كثيرا من المرضى لا يعلمون أنهم مصابون بارتفاع ضغط الدم، والمثير أن أغلب المصابين بارتفاع ضغط الدم لا يشكون من أية أعراض، وكثير منهم يتساءل: لماذا أتناول الدواء وما شكوت في حياتي أبدا؟ ويواصل د. باشا أن ضغط الدم يعتبر القاتل الصامت، فإذا ما أهمل علاجه أصاب القلب والدماغ والكلى والعين بآفات شديدة، إذ يزيد من احتمال الإصابة بجلطة القلب (احتشاء القلب) والسكتة الدماغية، كما أن الدراسات العلمية كما وردت في التقرير الأمريكي تؤكد أن خفض ضغط الدم إلى المستوى الطبيعي يقلل من نسبة حدوث السكتة الدماغية بمعدل 40 في المائة، ويخفض احتمال حدوث فشل القلب بنسبة 50 في المائة، كما يقلل من احتمال حدوث جلطة القلب بنسبة 25 في المائة. واعتبر استشاري طب الأسرة والمجتمع الدكتور خالد عبيد باواكد في صحة جدة، مرض ضغط الدم من الأمراض المزمنة المنتشرة في المملكة، داعيا إلى ضرورة الحرص على إجراء فحوصات الضغط بصفة دورية للتأكد من صحة الفرد وخصوصا أنه يترتب على إهمال علاجه مضاعفات كثيرة، أما المصاب به فإنه من المهم ألا يتوقف المريض عن علاجه، ولا ينقص جرعات الدواء إلا بإشراف الطبيب، وإذا تناول دواء من العلاج البديل فعلية أن يشعر الطبيب بذلك. د. باواكد أكد أن الأطباء يتبعون آلية محددة في علاج الأمراض المزمنة وهي لا تختلف كثيرا عن آلية العلاج في الدول العالمية، ولكن مايحدث أن بعض الدول تحدد آلية علاجها وفق دراسات أجريت لديها ووفق توصيات محددة.