لم يضبط المسجد بعد. ومازال كثير من الخطباء يصعد المنبر ويدلق من فمه كل ما عن له من غير أي تدارك وفي أحيان من غير أي معرفة عميقة فيما يتحدث عنه، خاصة في القضايا الملتبسة والتي تتشارك فيها عوامل سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية، فلا تجد من هذا الخطيب إلا زيادة بلل هذا الطين. وقد ألفنا في السنوات الأخيرة أن القضايا الاجتماعية المختلف حولها (معيشيا وليس دينيا) يتخذها بعض الخطباء مادة لخطبته ولا يتورع عن إطلاق الأحكام حول المختلف عليه (وليته سكت عند هذا) بل تجده (يملح) مسامع الحضور بإطلاق نعوت على من يتحدث عنهم سواء كانوا مجموعة أو أفرادا. وأبسط كلمة يمكن أن تطلق على من يتحدث عنه الخطيب كلمة فاسق أو فاسقة ثم الانجراف خلف التهم الجاهزة كالتغريبيين أو من باعوا أنفسهم للغرب بينما تكون القضية ليست ذات صلة بمن حضر لصلاة جمعة أو صلاة فرض، استبقاهم الخطيب ليقول لهم قولا لا صلاح فيه. فماذا يعني أن تتهم أحدا بالفسوق أو الفجور لمجرد أن هذا هو رأيك؟ ليس هناك معنى سوى تأليب المجتمع ضد بعضه بعضا، وليس هناك معنى (لمثل هذه الخطب) سوى افتقار الخطيب إلى لغة خطاب ائتلافية وقبلها افتقاره للوعي الاجتماعي، فالمسجد لتجميع القلوب وليس للتفريق وخلق تناحرات لفظية تكسب العداوة والبغضاء بين فئات المجتمع. وإن كان لابد من ذكر فكر أو فكرة شذت عن القاعدة، فلماذا لا يقتدى بأفضل مرب عليه أفضل الصلوات والتسليم حينما كان يلمح ولا يصرح (ما بال أقوام ...) ولم يكن صلى الله عليه وسلم يطلق النعوت المنفرة، وكان يعرف المنافقين واحدا واحدا لكنه لم يكن عابسا أو متجهما أو لاعنا لأي منافق عرفه بل وقف للصلاة والاستغفار على عبدالله بن سلول (رأس النفاق) عند موته حتى نهاه الله. إذا لماذا لا يتعلم هؤلاء الخطباء الأدب مع الناس.؟ وهل يظن كل خطيب أن ما يقوله مطلق غير مقيد؟ وهذه النقطة تحديدا يجب تعريف الخطباء بها، وهي إن المسجد كان أشبه بمجلس الوزراء من خلاله تنطلق كل أمور الدنيا، وكان هذا لكون ولي أمر المسلمين هو الإمام والخطيب وبالتالي ما يقوله أو يصرح به يكون شاملا ومستوفيا شروطه التامة في التوجيه ثم ومع اتساع رقعة العالم الإسلامي وبناء المساجد في كل مكان أصبح إمام كل مسجد هو تابع لولي الأمر وقوله ليس قولا مطلقا حينما يتعارض قوله مع العموميات والجزئيات التي قد يكون على غير دراية بها، أي إن دور المسجد في وجود الوالي يكون دورا مطلقا أما في غياب الوالي يصبح الإمام أو الخطيب تابعا وليس له أي حكم مطلق إذا جاء قوله لتفتيت المجموع. المشكلة الآن أن بعض الخطباء اتخذوا من المسجد وسيلة لقول الكلام (اليابس) وإطلاق نعوت الفسق والفجور على عباد الله من غير تورع أو خشية. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 159 مسافة ثم الرسالة