المدرسة هي أول مجتمع يتعامل معه الطفل خارج أسرته ، وهي أيضا أول مؤسسة عامة يتعامل معها الطفل خلال السنوات الأولى من حياته ، فمن خلال السنوات التي يقضيها الطفل في المدرسة تتشكل علاقته كمواطن بالمجتمع والمؤسسات العامة ، فإذا كان يتلقى العلم في (المقلط) ويلهو مع زملائه في (الحوش) فإن معاييره الخاصة للنظام سوف تكون مشحونة بمبدأ: (مشي حالك)!. وبالأمس نشرت «عكاظ» تصريحا لوكيل وزارة التربية والتعليم للمباني يمنح من خلاله مديري ومديرات المدارس صلاحيات تامة لصيانة المدارس من خلال ميزانيات لا تكفي حتى لطلاء غرفة أو غرفتين في هذه المباني المتواضعة ، فهل يعقل أن تخصص الوزارة مبلغ 5 آلاف ريال للمدارس التي يقل عدد طلبتها عن 200 طالب و10 آلاف ريال للمدارس التي يزيد عدد طلبتها على 200 طالب؟ ، هل تكفي هذه الميزانية أصلا لصيانة شقة يسكنها 5 أشخاص وليس 200 شخص مع معلميهم؟! . من المؤسف القول بأن وزارة التربية والتعليم تصر على تجاهل المشكلة الأساسية التي تعرقل الحركة التعليمية وهي أن المباني المدرسية (سواء المستأجرة أو تلك التي شيدت مؤخرا ) لا تليق أبدا بالحركة التعليمية في بلد فتي مثل المملكة ، وهذا التجاهل يدفع المجتمع ثمنه في كل مظاهر الحياة حين يكبر هؤلاء الصغار ، حيث يتم التعامل مع كل الأنظمة وفقا للمبدأ ذاته : ( مشي حالك ) ، فالمدرسة المؤقتة تنتج مطارا مؤقتا وشارعا مؤقتا ومحكمة مؤقتة .. وحياة مؤقتة يتم إنعاشها بين وقت وآخر بمبالغ الصيانة والإيجار التي تكفي لإنشاء مبان دائمة قادرة على استيعاب المهمة التي أنشأت من أجلها. المسألة ليست ترفا .. فالمباني المدرسية تحتاج إلى توفر ملاعب رياضية وصالات مغلقة ومكتبة وحديقة ومقصف جيد ودورات مياه نظيفة ومعامل للحاسوب ومختبرات للعلوم وصالات للرسم وقاعة للمسرح والمحاضرات وغرفة للتمريض والإسعافات الأولية وإلا فإن المليارات التي تصرف على تطوير المناهج سوف تضيع هباء منثورا ، ولا أظن أن المعلمين والتلاميذ وأولياء الأمور سوف يأخذون الأمر بالجدية الكافية ما لم تراجع وزارة التربية والتعليم نفسها بخصوص أوضاع المباني المدرسية وتراقب أحوال المباني المدرسية في الدول المجاورة كي تتأكد أن الوصول إلى هذه النتيجة لا يدخل ضمن قائمة المستحيلات. نحن اليوم نمر بطفرة مالية استثنائية وليس ثمة استثمار يمكن أن توجه إليه الأموال أفضل من الاستثمار في الأجيال الصاعدة ، ووزارة التربية والتعليم اليوم تحتاج من يقنعها بأن النقلة النوعية المنتظرة لا يمكن أن تتحقق ما لم تركز جهودها على تطوير مبنى المدرسة التي يقضي فيها التلاميذ أغلب ساعات يومهم .. ومن هنا حتى تتوفر هذه القناعة سوف يكبر آلاف المواطنين وهم يرددون العبارة المتوارثة: (مشي حالك)!. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 211 مسافة ثم الرسالة