لا تزال هناك ظواهر متفشية نتمنى زوالها في مجتمعنا، فالتربية لا تقتصر على بناء الجسد دون العقل والفكر والروح، فيجب علينا أن نبني مجتمعا راقيا واعيا بعيدا كل البعد عن تفاهات الأمور وإبراز أرقى وأفضل السلوكيات المحببة التي تجعل من الفرد إنسانا واعيا مدركا ذو فكر ومبدأ. كنت اعتقد أن ظاهرة (ممكن نتعرف؟) قد اندثرت وانتهت منذ زمن ارتقى فيه الزمان وأصبح الأفراد فيه أكثر إدراكا ووعيا ورقيا في جميع تعاملاتهم الحياتية والمجتمعية، لكنني فوجئت الأسبوع الماضي عند تجولي في أحد المجمعات التجارية للتسوق بهذه الجملة تترد في أروقة المجمع على لسان بعض الشباب ممن لا هم لهم سوى ملاحقة النساء ومضايقتهن في الأسواق وفي الشوارع. قد يعتقد البعض أن المعاكسة آفة تخطاها الزمن، ولكن الملاحظ في واقع شوارعنا وأسواقنا والأماكن التي يتجمع فيها الناس يجزم أنها استفحلت وما زالت موجودة بشكل يضايق أية امرأة محترمة ويحرمها متعتها في التسوق بحرية، ولعل أهم أسباب تلك الظاهرة والفكر الجاهل العقيم انتشار البطالة والفراغ وتعويض الشباب بالتسكع في الأسواق والشوارع. ولا يخفى على الجميع وأخص بالذكر (هواة المعاكسة) أنه لا يسمح ولا يرضى بذلك إذا رأى أحدا يعاكس أمه أو أخته أو قريبته أو زوجته!. وصدقا لا أعلم كيف يرضاها لغيره ويأباها نفسه، وليتهم يمتثلون لقول العرب قديما: (كل ذات صدار خالة) فيجب عليه أن يحافظ عليها ويعامل الغير بالمثل تماما وبما يرضى لأهل بيته، لأن الإنسان (كما يدين يدان) وكما تلاحق النساء وتؤذيهن هنا سيكون هناك من يلاحق نساءك. نحن بحاجة في مجتمعنا إلى تكريس القيم التي تعنى (بالإنسان) بالدرجة الأولى، وتوفير كافة الأساسيات لبناء وخلق جيل واعٍ مثقف يدرك ماذا تعنيه متطلبات زمانه ويبتعد عن كل ما قد يضيع وقته بلا فائدة ويعود عليه بالنفع ويكون ضمن جو إنساني نقي يقوم على الاحترام المتبادل في كافة الأمور بين الجنسين. رهام زمايكة