قدر عدد سكان العالم في السنة الأولى الميلادية بنحو 200 مليون نسمة. وبعد 1840 سنة تضاعف إلى خمسة أضعاف، فبلغ 1000 مليون نسمة ثم تضاعف العدد في مائة سنة ليبلغ 2000 مليون نسمة في 1940م. وتضاعف سكان العالم من 2 مليار إلى 6 مليارات نسمة عام 2000 (أي أنهم تضاعفوا 3 مرات خلال 60 سنة فقط)، ثم زاد حاليا عن 7 مليارات نسمة. ولهذا فإن نمو سكان العالم أصبح يحتاج عددا أقل من السنوات ليتضاعف، بينما لم يتغير حجم الأرض. ويقدر العدد الإجمالي التراكمي لمن سكنوا الأرض منذ 600 ألف عام وحتى اليوم بنحو 80 ألف مليون نسمة، ولكنهم لم يستهلكوا من خيرات الأرض إلا بنسبة ضئيلة حيث تملك الأرض موارد وإمكانات كبيرة غير مستغلة وإن اتسمت بسوء التوزيع بين الأفراد أو المجتمعات أو الدول، ما أدى إلى اشتداد حدة الأزمات والمجاعات. ومن المعروف أن كل أفراد المجتمع مستهلكون، ولكن منهم جزءا ينتج ما يكفيهم ويكفي باقى أفراد المجتمع غير المنتجين وقد يفيض منه جزء للاستثمار. ولكن إذا عجزت الفئة المنتجة عن إنتاج القدر الكافي لكافة أفراد المجتمع، فإن الاقتصاد يختل توازنه ويبدأ في الاعتماد على الإعانات والقروض لمواجهة العجز في تلبية احتياجات الفئة المستهلكة، وبالتالي فإن مشاكل الدول النامية ليس في ازدحام السكان وكثرة المستهلكين، بل في قلة نسبة المنتجين أو قلة إنتاجهم أو سوء توزيع هذا الانتاج. فلم يتسبب ازدحام السكان في وجود نحو مليارين من سكان الأرض تحت خط الفقر، بل إن السبب الأكثر وضوحاً هو فشل الاستثمار في البشر ورفع انتاجيتهم وبالتالي أجورهم وزيادة نصيب الفرد من الدخل، ليس فقط كمطلب إنسانى وأخلاقي بل كمطلب اقتصادي. ويزيد نصيب الفرد من الدخل إذا زاد الدخل بنسبة أكبر من زيادة عدد السكان، ما يستوجب زيادة إنتاجية الفرد وتطوير قدراته وتمكينه من أن يصبح عاملا من عوامل التجديد فى المجتمع وزيادة ثروته وبناء المستقبل. وقد قرأت أنه منذ عام 1780، احتاجت بريطانيا إلى 58 سنة لتضاعف نصيب الفرد من الدخل القومي. واحتاجت اليابان منذ عام 1885 إلى 34 سنة لتضاعف نصيب الفرد من الدخل القومي. بينما احتاجت الصين وهي الأعلى من حيث كثافتها السكانية منذ عام 1977 إلى عشر سنوات فقط لتحقيق نفس الهدف. ولهذا لو اهتمت الدول النامية بنوعية سكانها، لزاد الإنتاج وتطور الاقتصاد وقويت الدولة، دون حاجة إلى إلقاء اللوم على الكثافة السكانية. ومع إدراكنا ووعينا بأن عدد السكان سيزيد بأعداد كبيرة في المستقبل القريب، لابد من الحرص على التأكد من أن الإنتاج سيزيد على الأقل بنفس النسبة أي رفع الطاقة الانتاجية للمصانع والمزارع مثل زيادة مساحة الأراضي الزراعية والموارد المخصصة لاستيراد المنتجات.