وجد عدد من المواطنين ولا سيما أصحاب الدخل المحدود، فرصة لتحقيق أحلامهم في البيع بالتقسيط المنتهي بالتمليك، لاقتناء السلعة التي يحلمون بها، تحت ضغط الحاجة من ناحية، والإغراء والتسهيلات التي تقدمها الجهات المسوقة لتلك السلع من ناحية أخرى، سواء كانت تلك السلعة عقارا أو غيرها كالسيارات، وهما السلعتان الأبرز، وتتلخص أحلام الطبقة المتوسطة من المجتمع، في منزل العمر، الذي يعتبر أبسط وأهم الأحلام المشروعة لأي إنسان، غير أن تحقيقه على أرض الواقع يبدو أقرب إلى المستحيل، إلا أن أحلام الكثير من أصحاب شقق التأجير المنتهي بالتمليك تتلاشى يوما بعد يوم، وذلك عند اكتشافهم أن الفرحة بامتلاك مسكن العمر يشوبها الكثير من المنغصات وتحفها الهموم المتتالية كل يوم، في ظل غياب التشريعات والأنظمة التي تؤطر بيع مثل هذا النوع من الشقق، وفي ظل غياب الالتزامات المترتبة على كل الأطراف، مما يؤدي إلى ظهور المشاكل المتعلقة بشقق التمليك في الوقت الذي يكون فيه صاحب العقار قد قبض الثمن من المشترين وتركهم يعيشون في دوامة وصراعات لا تنتهي، ويؤكد خبراء العقار أن ظهور إشكالات مختلفة، سواء كانت عيوبا هندسية في المباني نفسها، أو تباينات اجتماعية وفكرية في نمط حياة السكان في نفس المبنى، أو غياب الصيغة القانونية التي تحكم علاقات الملاك ببعضهم البعض سيؤدي إلى تراجع سوق البيع بالتمليك.. قصص كثيرة وحكايات واقعية، يرويها البعض ممن أقبلوا على الشراء بنظام التأجير لسلع مختلفة، بعد اكتشافهم العيوب المواكبة لهذا النظام، الذي لا يحمي سوى طرف واحد فقط وهو المالك، ليجد المستأجر نفسه الضحية. أنظمة غائبة علي العمري (مالك لإحدى الشقق في جدة) يقول: حين أقدمت على شراء شقة تمليك نصحني الكثيرون ممن اكتووا بنارها، بعدم الإقدام على هذه الخطوة ولكنني لم اتعظ واشتريت الشقة وبعدها اكتشف أن مثل هذه الشقق تفتقد إلى النواحي الإدارية المنظمة لشؤون الصيانة والعناية بالعمارة بصورة عامة واستطرد أنه منذ أول يوم سكن فيه بشقة التمليك بدأت مشاكل السباكة والكهرباء، وتابع أن عدم وجود جهة خاصة بمراقبة تنظيم الملاك مع بعضهم يجعل الاستثمار في هذا النوع من المساكن يتضاءل حتى درجة التلاشي ويلقي بتبعاته السلبية على السكان كونهم الأكثر تضررا من الفراغ الإداري في هذا المجال، وأضاف أن الجهات المعنية مطالبة بصياغة أنظمة للملاك قبل بيع منشآتهم بالقطعة لعدة مستثمرين وتكليفهم بتنوير المشترين بكافة الإجراءات اللازمة قبل توقيع العقود لضمان عدم حدوث نزاعات مستقبلية بين السكان بما ينعكس إجمالا على مستقبل هذا الاستثمار. ولا تختلف مشكلة خالد العمودي عن المشكلة السابقة، فقد اقترض من البنك واستدان من بعض أصدقائه لامتلاك شقة، ولكن بعد أن وقعت الفأس في الرأس اكتشف أنه لم يكن موفقا في هذا المشروع. خسائر وعيوب جميلة بغدادي، (معلمة من جدة)، سعت لشراء شقة تمليك في أحد الأحياء الراقية، ولكن بعد ستة أشهر من السكن اكتشفت أن بعض المواقع في السقف بدأت تسرب المياه من دورات مياه مالك الشقة العلوية، وعندما بدأت بإصلاح ذلك واجهت صعوبات كثيرة، أولها أن المالك الذي يسكن في الأعلى كان مسافرا في إجازة، وبعد أن عاد رفض أن تقوم بأي أعمال بحجة أن لديه ضيوفا. فيما علق بندر عائض الزهراني، (مالك لإحدى الشقق)، على خطوته بعرض شقته للتقبيل بأثاثها وتجهيزاتها الكهربائية قائلا: لقد حذرني كثيرون من تملك شقة في ظل عدم وجود قنوات واضحة أو مجالس أحياء يمكنها القيام بدور في حل النزاعات الطبيعية التي تنشأ والحيلولة دون تطورها، غير أني وجدت نفسي أوقع عقد التملك وانتقل بأسرتي حتى أشعر أطفالي بالأمان، لهذا كان قراري بالتملك من دون النظر لأي اعتبارات أخرى، فليس أمامي حل غير ذلك وسأتحمل أي تبعات تترتب على هذا القرار. أنظمة واضحة عبدالله الأحمري عضو اللجنة العقارية في الغرفة التجارية الصناعية في جدة، طالب المجلس البلدي بالاهتمام بإشكاليات المواطنين مع شقق التمليك معتبرا ذلك من واجباتهم التي ينبغي عليهم النظر فيها والاهتمام بها، ولا ينفي الأحمري وجود إشكاليات كثيرة في نظام التمليك، كذلك وجود عيوب فنية وهندسية في كثير من العقارات المؤجرة بنظام التمليك، واصفا المشكلة بأنها قائمة ولا يمكن لأحد أن ينكرها، وطالب الأحمري بضرورة وضع أنظمة واضحة وصريحة بين المالك الأساسي والمستأجر لا تحتاج إلى أكثر من تأويل أو تفسير كما هو حاصل الآن. مجلس الملاك رجل الأعمال والعقاري هشام السعيد أشار إلى أن هناك ما يسمى بمجلس الملاك استحدثه تجار الشقق السكنية، يهتم بمشاكل الملاك للشقق السكنية، ويضم جميع الملاك في نفس المبنى الواحد، إلا أن ذلك المجلس لم يجد نفعا ولم يحل العديد من الخلافات والإشكاليات التي ظلت على حالها، ويرى السعيد أن تحديث الأنظمة الخاصة ببيع الشقق السكنية وإيجاد ضوابط جديدة أكثر وضوحا تضمن لجميع الأطراف حقوقهم هي أفضل الحلول. مميزات وعيوب ويشير العقاري حسن الروكي إلى أن للشقق السكنية مميزات وعيوبا ولعل من مميزاتها ميزانية الشراء المحدودة مقارنه بشراء فيلا وعادة يكون السعر من 120500 ألف ريال، كما أنها تعتبر وعاء استثماريا جيدا لمن يملكون رأس مال محدودا ولا يستطيعون به شراء عمائر أو فلل وبحكم خبرتنا وتعاملنا بهذا المجال وجدنا أن العملاء من خارج مدينة جدة على سبيل المثال يفضلون هذا الخيار مع الشقق الصغيرة (غرفتان إلى ثلاث غرف)، كما أنها تمكنك من اختيار المستوى المعيشي ورقي الحي بميزانيه معقولة، إذ أن الخيارات ستكون كثيرة من ضمن أحياء متعددة، أما عيوب شقق التمليك فهي الإدارة إذ أن إدارة المبنى ستكون مسؤولية مشتركة مع جميع السكان، إضافة إلى ضعف مستوى الخصوصية مقارنة بالفلل، وعدم التحكم بالجيران ومستواهم إذ أن الجيران سيكونون تبعا لعملية البيع، ومن الأمور التي يجب التركيز عليها ومراعاتها، تجنب شراء شقة بالمجمعات السكنية الكبيرة أكثر من 14 شقة بالمبنى الواحد للصعوبة الواضحة في إدارة المبنى كما أن هناك سلبيات أخلاقية وأمنية تنشأ لعدم وجود الإدارة الجيدة.