قوبلت تصريحات النائب الإيراني برويز سروري التي أطلقها مؤخرا مطالبا بمنع مواطنيه من السفر إلى المملكة لأداء العمرة باستهجان واستنكار بالغين من الوسط الإسلامي بشكل عام والعلماء والمراجع الشيعية. وكان النائب الإيراني قد برر لمطالبته تلك بأنه ليس من الضروري أن يسافر الإيرانيون لتأدية العمرة لأنها مستحبة، إلا أن من الضروري التمسك بالعزة التي عبر بها عن القوة العسكرية بحسب زعمه، ورد عدد من العلماء والمراجع الشيعية والاختصاصيين عبر «عكاظ» على هذه التصريحات، ووصفوها بالمسيئة. واستنكر أستاذ الدراسات العليا في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الدكتور صالح السدلان هذه التصريحات، مبينا أن قول هذا النائب الإيراني ليس مبنيا على علم شرعي ولا على عقل يفيد صاحبه، مضيفا: العلم الشرعي يؤكد أنه لا ينبغي لمن أعطاه الله القوة والشجاعة والمال أن يتكبر على الآخرين ويزعم أن ما أعطيه يجعله يمتنع عن الآخرين، واصفا تلك التصريحات بأنها «دعوى وليس هناك قوة ولا منعة كما يقول». ويضيف «مع افتراضنا أن ذلك صحيح، فإن العقل يمنع أيضا من أعطي قوة وترسانة كما يزعم أن يتهدد الناس بقوته وترسانته لأنها لن تنفعه بشيء»، مشيرا إلى أن الوقائع التاريخية أثبتت غير مرة أن امتلاك العتاد ليس دليلا ومؤشرا على القوة والمنعة، فالرسول صلى الله عليه وسلم خرج لبدر ومعه 350 مقاتلا أو أقل ولم يكن معهم إلا فرسين وبعيرا واحدا والبقية كانوا راجلين يمشون على أقدامهم، فيما خرجت قريش بأشرها وبطرها وخمورها ولهوها تحارب الله ورسوله، ونحن نعلم وهم يعلمون أيضا ماذا حصل للمشركين في موقعة بدر ومن انتصر ومن هزم، وبهذا منحنا الله أكتاف المشركين قتلا وأسرا وغير ذلك، كما أن قوة المشركين الظاهرة والمصطنعة لم تمنع المسلمين دون القضاء على رقاب المشركين كما يتوهم هذا النائب الإيراني. الباب مفتوح وفي ما يتعلق بمطالبة النائب منع الإيرانيين من القدوم لأداء العمرة بحجة عدم التنزل والتكبر وعدم الخنوع كما يدعي، يقول السدلان إن «باب العمرة مفتوح فمن أراد أن يمنع نفسه فهذا الأمر عائد إليه، والمملكة لن تسأل عنهم وعن سبب عدم مجيئهم للعمرة؛ لأن الباب مفتوح لهم ولغيرهم وعليهم أن يخضعوا تمام الخضوع لأنظمة المملكة وشروطها ويحجوا ويعتمروا مثل غيرهم ومن أراد أن يخالف أو يتكبر أو غير ذلك فلا شأن للمملكة به لأنه من منع نفسه». وأضاف «كثير من المسلمين لا يستطيعون العمرة ولا الحج مع أن المملكة لم تمنعهم؛ وهذا عائد إلى أنهم غير قادرين على أداء العمرة والمجيء لهذا الغرض وبعضهم يمتنع لمرض وغيره فنحن لا شأن لنا بمن لم يحضر، نحن شأننا بمن حضر؛ فالحكومة والمواطنون جميعا يستقبلونهم ويرحبون بهم، وإن غابوا فإنما غابوا عن نصيبهم من الثواب العظيم والأجر الكبير». استنكار شديد وأبدى المرجع الشيعي علي الأمين استنكاره الشديد لتصريحات النائب الإيراني واصفا إياها بالباعثة على الدهشة والاستغراب، ويقول «إن موقف النائب في مجلس الشورى الإيراني يبعث على الدهشة والاستغراب حيث أنه قد أدخل عبادة الله في عالم الخلافات السياسية القائمة في المنطقة». وأضاف «من المعلوم أن شريعة الله تعالى في واجباتها ومندوباتها وسائر أحكامها الثابتة لا علاقة لثبوتها أو سقوطها بالتوافق بين الأنظمة السياسية أو الاختلاف في ما بينها ولا يصح إنزال تلك العبادات خصوصا التي تجمع بين المسلمين إلى عالم التجاذبات السياسية». وطالب الأمين المرجعيات الدينية الإيرانية بالتدخل لإيقاف هذه التدخلات والتصريحات المسيئة «المطلوب من المرجعيات الدينية في إيران أن تضع حدا لمثل هذه التصريحات الخارجة عن اختصاص النائب الإيراني والتي تسيء إلى العلاقات بين المسلمين». ليس جديدا أما المرجع الإسلامي للشيعة العرب والأمين العام للمجلس الإسلامي العربي في لبنان محمد علي الحسيني فقال «هذا التصريح ليس بجديد على أمثال هؤلاء، باعتبار أن نظام ولاية الفقيه منذ سنة 1979م منذ أن انطلق، بدأ يغير في كثير من الأمور وصولا للعدائية الدينية فأطلق كثيرا من الأمور التي ما أنزل الله بها من سلطان وغير كثيرا من المفاهيم الإسلامية الأساسية». وزاد «عندما شرع أن يقسم الإسلام بين الإسلام المحمدي الأصيل والإسلام الأمريكي قام بالتحريف في مناسك الحج، إذ قسمها بين مناسك سياسية وعبادية». وأضاف «من هنا قبل سنتين كانت هناك تصريحات واضحة وجلية لخامنئي بضرورة تسييس الحج، ونحن قلنا آنذاك إن الحج عبادة وليس سياسة، فهم أرادوا أن يخرجوا الركن الخامس من الإسلام عن مضامينه ومفاهيمه ومناسكه وتحويله إلى ما يريدون تأسيسا لمشروعهم» ووصف الحسيني هؤلاء بالمخالفين «نحن اليوم فعلا لسنا راضين عن هذا القول الذي يريد أن يحيل الحج إلى السياسة ويخرجه عن مضامينه العبادية وكذلك العمرة، هم يرددون ما يريدون من أقاويل ونداءات سياسية ويقومون بأعمال سياسية مخالفة للأعمال العبادية التي أرادها الله تعالى». وأضاف «الأمر الثاني هم يريدون تضليل المسلمين عبر بعض النداءات والهتافات لمصلحتهم ومشروعهم وهذا الأمر واضح وجلي وليس من الآن، بل من أول خطوة لهم في الثمانينيات إلى المسيرات التي أرادوها في منى وغيرها وهذا كله دلالاته واضحة وليس هذا بجديد منهم». وأكد أن نظام ولاية الفقيه أوشك على الانتهاء «اليوم نظام ولاية الفقيه انكشف وبان على حقيقته سواء على صعيد تصدير الدعوة أو الثورة، سواء على الصعيد الديني المذهبي أو السياسي وهذا ماكان واضحا وجليا، ولذلك كان لدي رأي وتوجه إلى كل إخوتنا المسلمين ولكل الشيعة العرب أن يحجوا كما يحج إخوتهم المسلمون ويعتمروا كذلك». وأضاف «هذا الحج عبادة وحضارة ومناسك وهو ركن من أركان الإسلام ينبغي التقيد به وعدم الانحراف عن مضامينه، كذلك عليهم ألا يستمعوا لما يقوله أتباع نظام ولاية الفقيه؛ لأنهم انحرفوا فعلا عن جادة الحق والصواب وهذا مرفوض دينيا ومذهبيا رفضا تاما ومحرم كما نقول، فعندما يلجأ بعض الأشخاص إلى هذه الأمور وتحويل العبادة إلى سياسة وأن ينجر من خلالها كثير من الناس فهذا انحراف وتحريف للمقصد الشرعي». وشدد الحسيني على ضرورة التنبه لمثل هذه الأمور التي يقصد من خلالها تشويه الإسلام وشعائره، «نحن نهيب بإخواننا بألا يستمعوا لهذه الأفكار التي أرادوا من خلالها تشويه الإسلام، فأرض الحرمين وأرض القرآن الكريم المملكة العربية السعودية كانت ولا تزال في خدمة الحجيج من أين أتوا مهما كان لونهم وألسنتهم وهم ملتزمون بخدمة الحجيج وبحمايتهم وأمنهم والحمد لله هذه الخدمة وهذا البلد الكبير يستقبل كل المسلمين، هذا البلد الآمن بقيادته الرشيدة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وبفضل التنظيم الصحيح والأمن والأمان على يد صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز وبفضل التوجيهات التي رأينا ثمارها هذه السنة خصوصا، كان الحج ميسرا دون تسييس ودون أن يقف أحد حجر عثرة دون المسلمين». وعاد مؤكدا أن نظام ولاية الفقيه يحتضر «نحن نخاطب نظام ولاية الفقيه ونقول له إن أيامك أصبحت معدودة فما يهدف إليه وما يعمل به من فتن للمسلمين سواء في الخليج العربي أو لبنان أو العراق والمنطقة ما هي إلا أيام معدودة». الحسابات السياسية أما رئيس التيار الشيعي الحر في لبنان محمد الحاج حسن فأبدى استغرابه من هذه التصريحات ووصف بأنها إقحام للشعائر الدينية في الحسابات السياسية «هذا الموقف الإيراني المتصاعد في هذا الاتجاه مستغرب ومقابل بإنكار شديد لأنه لا يجوز أن نمنع شعائر الله فالأمور المتعلقة بالعقيدة والشريعة لا ينبغي أن تدخل فيها الحسابات السياسية الضيقة؛ مثل تصريحات هذا المسؤول الإيراني الذي أعطى رغباته في عدم توجه المعتمرين لبيت الله الحرام لأداء العمرة». وأضاف «نحن نعتبر هذا مساسا بديننا وهذا مرفوض بتاتا ولا يجوز أن تستمر لغة التصعيد في هذا الاتجاه لأني أرى أن هذه التصريحات بدأت تخرج عن النمطية العقلانية وبدأنا ندخل في دائرة الخطوط الحمراء التي أخشى ما أخشاه أن نكون قادمين لتفجير الوضع المذهبي من خلالها». وطالب الحسن المراجع الإسلامية بالخروج من دائرة الصمت والتصدي لمثل هذه التصريحات «أدعو مراجع الأمة الإسلامية والشيعة تحديدا أن يخرجوا من صمتهم ويواجهوا هذه الطريقة السلبية في التعاطي مع العرب تحديدا ومع المؤمنين تحديدا إن كانوا في إيران أو في غيرها». وزاد «نحن دائما سنبقى على قولنا إنه من غير الجائز أن نخلط الصراعات السياسية في الحسابات الدينية؛ لأن ذلك نذير بأن يفجر الصراع المذهبي في المنطقة». ونبه إلى ضرورة التيقظ المبكر للحيلولة دون تفريق المسلمين «آن الأوان أن ندرك جميعا أن هناك مخططا كبيرا لتفجير الفتنة المذهبية بين السنة والشيعة؛ فآمل وأرجو ألا تكون هذه الخطوة مقدمة لتفجير هذا الوضع لما له من انعكاسات على الشارع العربي». وأضاف «نتمنى من إيران أن تكون دولة تحترم سيادة الآخرين كما نحترم سيادتها وأن تحترم خصوصيات العقيدة الدينية وألا تتعامل مع المملكة العربية السعودية على قاعدة تصفية الحسابات». وقال: نأمل ألا تنتقل هذه الصراعات؛ لأنه بناء على بعض المعطيات التي قرأتها في اليومين الأخيرين، خرجت إلى أن ما يجري هو مجرد محاولة إيرانية لإلهائنا بما يجري في البحرين، لتصفية حسابات أخرى على مستوى العراق، وأخشى ما أخشاه أن يسقط العراق كليا كحسابات سياسية ويصبح مع فلسطين وسورية ولبنان في قبضة النظام الإيراني وبالتالي فإن هذا سيؤدي حتما إلى مشكلة أكبر وصراع أكبر مع الوطن العربي. وأضاف «أخشى أن نكون قادمين نحو هذه المرحلة لأن الضبابية بدأت تتكشف رويدا رويدا، كما أن المنبغي أن يخرج صوت العقل الشيعي ونكون جميعا متعاونين لنستدرك قول الحكماء والعقلاء حتى لا نقع في الفتنة المذهبية». المفتي العام: صد عن سبيل الله ونشر للفتنة والضلال وصف مفتي عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء وإدارات البحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ تصريحات النائب الإيراني بأنها مخالفة ومحاولة للصد عن سبيل الله ونشر الفتنة. وقال «الدولة يسرت وسهلت السبل وذللت الصعاب للمعتمرين ومكنتهم من العمرة بيسر وأمن وسهولة ولله الحمد، لكن الذين يطالبون بمنع المعتمرين من أداء العمرة مخطئون ومخالفون للحق ويصدون عن سبيل الله». وأضاف «الدولة سهلت كل الطرق المؤدية لأداء العمرة ومناسك الحج، فليست هناك ضرائب أو تكاليف من هذا القبيل، فالأمور ميسرة والخدمات موفرة». وزاد «هؤلاء يحاولون منع المعتمرين لما يريدونه من فتنة في قلوبهم على الأمة، وقد انطلقوا من مبدئهم الخبيث وآرائهم الضالة».
فاضل: المملكة تقابل هذه التصريحات بسياسة متعقلة معتدلة قال عضو لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشورى وأستاذ العلوم السياسية في جامعة الملك عبدالعزيز الدكتور صدقة فاضل: اعتدنا في الفترة الأخيرة على سماع تصريحات متشنجة من بعض المسؤولين الإيرانيين تجاه المملكة بصفة خاصة ودول مجلس التعاون الخليجي بصفة عامة. وأوضح أن آخر هذه التصريحات غير المسؤولة هو التصريح الذي صدر عن النائب الإيراني المذكور، ورد فعل المملكة تجاه هذه التصريحات هو رد الدولة ذات السياسة المتعقلة والمتزنة والمعتدلة والتي تسعى إلى استتباب الأمن والسلم الإقليمي والدولي على أسس عادلة ووثيقة. وأضاف «لذلك رأينا الرد السعودي على هذه التصريحات يتسم بالتعقل والاستغراب من هذا الهجوم غير المبرر على سياسات أخوية وعادلة تنتهجها المملكة تجاه الأمتين العربية والإسلامية بصفة عامة وإيران بصفة خاصة». وزاد «المملكة لم تقدم على إلحاق أي أذى بإيران ولم تبادر بالعدوان عليها في أي يوم ولم تفكر في استعدائها ولكن بعض المسؤولين الإيرانيين يقرأون بعض سياسات المملكة بشكل غير صحيح ومن ثم يهاجمون المملكة بغير مناسبة ودون مناسبة وهذا يسيء إلى العلاقات بين الدولتين الشقيقتين ويسيء إلى مبادئ الأخوة الإسلامية وإلى مبادئ حسن الجوار والمبادئ السامية التي يجب أن ترتكز عليها العلاقات بين الدول في العصر الحالي». وأردف قائلا «هكذا يبرهن هؤلاء المسؤولين الإيرانيين أنهم يعيشون أوهاما لا صلة لها بالواقع ولا أساس لها من الصحة، فهم بالتالي يمارسون عدوانا يمكن الرد عليه بالمثل ولكن تعقل المملكة وصبرها ينأى بالمملكة عن الخوض في مثل هذه الملاسنات التي هي تعبر عن نفسيات مريضة وأفكار غير سليمة يمكن أن تهدد الأمن والسلم الإقليميين ومن ثم الأمن والسلم الدوليين وتشعل نار الأحقاد غير المبررة بين شعوب إسلامية يفترض أن تكون العلاقة فيما بينها هي علاقات ود وتفاهم وصفاء». واختتم بقوله «ندعو الله أن يهدي هؤلاء إلى سواء السبيل وأن يهديهم لمعرفة الحق حقا والباطل باطلا حتى لا يكيلوا الاتهامات لجيرانهم دون أي إحساس بالمسؤولية الإنسانية والدولية».
القرشي: 20 ألف تأشيرة عمرة تصدرها إيران يومياً كشف رئيس اللجنة الوطنية للحج والعمرة سعد جميل القرشي عن أن المعتمرين القادمين من إيران وتركيا من أكثر الدول التي قدم منها المعتمرون لأداء المناسك. وأوضح أن إيران تصدر يوميا أكثر من 20 ألف تأشيرة عبر موقعين في طهران ومشهد، مشيرا إلى أن المملكة تقدم تسهيلات كبيرة للمعتمرين القادمين من إيران. ووصف سير أعمال استضافة واستقبال المعتمرين في الموسم الجاري بالممتازة على الرغم من وجود ضغط على المطارات خصوصا مطار الملك عبدالعزيز الدولي في جدة، إذا ازدادت نسبة المعتمرين من 15 إلى 20 في المائة. وتوقع أن يصل أعداد المعتمرين القادمين من إيران منذ بدء موسم العمرة حتى الآن إلى 900 ألف معتمر تقريبا، رافضا في الوقت نفسه تعكير الشعائر الدينية وتسييسها، مؤكدا «نحن لا نقبل تسييس العمرة فهذه شعيرة دينية».