أعادت أمسية الدمام الشعرية البارحة الأولى، ضربا من الفنون الأدبية الشعرية، لكنه هذه المرة لم يكن مديحا أو افتخارا أو حماسة، إنما هجائية لاذعة وقعت بين شاعرين سعوديين، في منازلة أدبية ومعركة لغوية نادرة كشفت عن أنياب أبيات هي الأقوى على النفس، مما أثارت الحضور وألهبت الحماس بين جمهور كل منهما. وشهد الأمسية بين الشاعرين الدكتور فواز اللعبون وأشجان هندي، نادي المنطقة الشرقية الأدبي، وأدارها رئيس النادي محمد بودي، والدكتورة أمل الطعيمي. كما شارك في الأمسية شعراء من الوطن العربي: الشاعر اليمني محمد الشرفي (قدم قصائد: أحب، اغفر لي، اذكريني، أم الأولاد، وأحبك ملء قلبي)، والسوداني حسن الأفندي (النجم الغائب، سمعت، ومات الحسن)، والتونسي المنصف المزغني (أغنية لإخفاء الحبيب، أرض الأحلام، ثغاء، أغنية امرأة، ومحاولات الحب). وقدم اللعبون أبياته على شكل سخرية للمرأة عبر باقة كره وتذمر وتندر، فجعل هذا الكيان لا يستوي في عينيه سوى ومضة عابرة لا قيمة لها، وفي قصيدته الهجائية للمرأة «زمان النساء» التي كتبها قبل خمسة أعوام ولم يعلنها وقرأها في الأمسية فكانت تحمل سخرية لاذعة بالمهجو والتشنيع به، فرسم بتلك الأبيات صورة المرأة على أنها شخصية عجيبة تثير الاشمئزاز والضحك. في المقابل لم تصمت الشاعرة أشجان هندي عن هذا الصوت الهادر المتحامل على المرأة، لتستعين هي الأخرى بمساندة نسوة من القاعة النسائية تتعالى أصواتهن للرد على هذا الشاعر المتمترس خلف أبيات صارخة كانت سببا في استفزازهن، لتقرأ بعد هذه الجرعة من الحماسة قصيدتها «ضربة جزاء» تعلن فيها وبلا هوادة أن الرجل مجرد كائن منكسر تعصف به الأهواء، بل تعدت إلى قولها إنه لا قيمة له في فكر المرأة وشعرها، وإنما هو حاقد وكاره، طوقته الغيرة وجعلت منه إنسانا ناقصا بغيضا، وكانت قد استهلت الأمسية بقصيدة «خانوا جمالك»، إضافة لإلقائها قصائد: قمر توسط نجمتين، هجمة مرتدة، وعشقا أغني. الجميل في هذه الأمسية أنها شرحت بالتفصيل الذوات المتعبة والعوالم الخاصة لكل شاعر، وكشفت عن قصائد خبأتها الأيام لتخرج دون سابق إنذار لإسماع جمهور جله من الشباب.