أرجع عدد من المختصين تزايد قضايا التعديات على الأراضي البيضاء إلى تأخر الإزالة، تدني المتابعة الميدانية وقلة المراقبين، وطالبوا بمعالجة المناطق القديمة المأهولة بالسكان، من خلال إعادة تنظيمها وفقا للتخطيط المعمول بها في البلديات، وإيصال الخدمات لها من سفلته وإنارة ورصف، وربط بعضها ببعض، وتأمين أراض للمرافق الحكومية كالمدارس والدفاع المدني وغيرها، والمسارعة في تخطيط ما حولها من أراض ومعالجة وضعها وتمكين المواطن منها. تدخلت وزارة الداخلية لوقف إزالة عقار يملكه مواطن على طريق (المدينةتبوك) كانت معدات تابعة للجنة مراقبة الأراضي الحكومية والتعديات قد شرعت في إزالة بعض أجزائه أخيرا، وقبل شروع اللجنة في إزالة بقية أجزاء العقار صدر توجيه نائب وزير الداخلية إلى لجنة التعديات بوقف إزالة المسكن والإفادة بشأنه. وكانت المحكمة الإدارية في المدينةالمنورة قد قبلت دعوى أقامها الملاك ضد لجنة التعديات التي تجاهلت صكا صدر عام 1351ه يشمل تحديد أرض بمساحة كبيرة لأبناء إحدى القبائل، كما تجاهلت مشهدا آخر صدر في تاريخ 22/12/1384ه في عهد الملك فيصل يتضمن توزيع أراضي تلك المنطقة المحددة في الصك على أعيان وأفراد القبيلة آنذاك أسوة بقبيلة مجاورة، إلا أن لجنة التعديات والإزالة اتبعت أسلوبا مغايرا لما نهجته إدارات حكومية أخرى، حيث أخطرت وزارة الزراعة الملاك باقتطاع أرض من مساحة يملكونها بمحاذاة الموقع الذي تمت إزالته، واتخذت ذات الإجراء جمعية خيرية أسست لها فرعا وأخذت إذنا بإقامة فرع لها لخدمة السكان اعترافا بملكية أبناء القبيلة للأرض التي منحت لهم قبل 83 عاما، إلا أن لجنة التعديات والإزالة لم تلتفت لذلك، وعمدت إلى المباشرة بإزالة الموقع. وتساءل طلال سلمان المحمدي عن تباين الإجراءات التي تتخذها الجهات الحكومية بشأن العقارات الواقعة خارج النطاق العمراني، مشيرا إلى أن بلدية العيون في المدينةالمنورة منحته ترخيص إيصال تمديدات التيار الكهربائي إلى مسكنه، إلا أن اللجنة تجاهلت تلك الإجراءات وتمسكت بموقفها وأزالت جزءا من المسكن. من جانبه، علق رئيس لجنة مراقبة الأراضي الحكومية والتعديات في المدينةالمنورة معوض الجهني، على هذه الحالة فقال «لجنة التعديات لا تزيل أي موقع إلا بعد اكتمال الإجراءات التي تؤكد على أنه حالة تعد». تراجع في الشرقية بينت لجنة التعديات في إمارة المنطقة الشرقية بأن مدن المنطقة تعتبر الأقل على مستوى المملكة في تسجيل حالات التعدي على الأراضي البيضاء الحكومية أو البناء العشوائي. وقال ل«عكاظ» مصدر مسؤول في اللجنة أنها ترصد أي تعد على الأراضي البيضاء وبعد اتخاذ الإجراءات النظامية تنذر المتعدي وتطالبه بإزالة التعدي خلال فترة زمنية محددة، وإذا لم يلتزم بذلك يزال التعدي بالقوة، وتتخذ جميع الإجراءات النظامية في حقه. وبين أن عمل لجان التعديات عمل دقيق للغاية، حيث لا يمكن التحرك تجاه تعد على أرض إلا بعد التأكد من أن هذه الأرض هي بالفعل أرض بيضاء حكومية، تم التعدي عليها، ومن ثم يجري العمل على إزالة التعدي بالطرق القانونية المنصوص عليها، وأوضح المصدر أن البناء العشوائي غير موجود في المنطقة. من جانبه، قال ل«عكاظ» مصدر مسؤول في المحكمة الإدارية في الدمام «إن المحكمة تنظر في قضايا لجان التعديات على الأراضي في حال وجود صك شرعي لدى المواطن الذي تم منعه أو إزالة ما كان لديه على الأرض»، لافتا إلى أن المحكمة الإدارية لا تنظر في أوراق الحجج وإنما تنظر في من لديه صك شرعي فقط وهو الإثبات الوحيد لذلك. سجال في الطائف وفي الطائف سجال دائم بين الأمانة وعدد من المواطنين بشأن قضية التعديات، ففي الوقت الذي يرى فيه المواطنون أحقيتهم في تملك تلك الأراضي من خلال حجج الاستحكام التي يتملكونها، وإقرار الأمانة بذلك، تؤكد الأمانة أن السفلتة والكهرباء لا تعط الحق للمواطنين في امتلاك أراض دون صكوك، وأن هذه كلها خدمات تقدم للحي. سعد الحارثي، محمد القحطاني، فارس القثامي وسعد الغامدي يقولون إن أمانة الطائف أزالت أحواشهم في حي الرحاب في المحافظة، ويتساءلون «أين أمانة الطائف من تلك المخططات، ولماذا تسمح للهوامير بالبيع والشراء طالما هي غير نظامية، ولماذا تغض النظر عنها حتى نتكبد نحن خسائر الشراء في بناء الأحواش والاستراحات، والمنازل، ولماذا لم يتم منعنا مع بناء أول طوبة». وأكدت ل«عكاظ» أمانة الطائف وعلى لسان مصادر فيها أنها سبق ووجهت تحذيرا للملاك بمراجعتها قبل الشروع في استحداث أية أعمال إنشائية في هذا الموقع، وعن إنذارهم قبل البناء، وتأخر الإزالة قالت المصادر: أزلنا في فترات سابقة مواقع مشابهة كإنذار للآخرين، مؤكدة وجود جولات رقابية تحذر المخالفين من البناء، ولم تجد التجاوب، مشيرة إلى أن تأخر الإزالة قد يكون بسبب استصدار أمر الإزالة وتكوين لجنة من عدد من الجهات الحكومية، فضلا عن قلة المراقبين. وأضافت لدى الأمانة جدولة زمنية لإزالة التعديات المخالفة، ويأتي التحرك المفاجئ كيلا تعطى الفرصة لبعض المخالفين الذين يتحصنون بالنساء والأطفال خلف أحواشهم المخالفة، مما يتسبب في تعذر عملية الإزالة. من جهته قال ل«عكاظ» رئيس المجلس البلدي الدكتور هشام الزير «إن المجلس لا يعترض على الإجراءات النظامية للبلدية في قضية التعديات، وهو يستقبل شكاوى المعترضين في ذلك إذا كانت لهم حقوق ومستندات تثبت ملكيتهم للأرض، وبإمكانهم إبرازها للجهات التي تشرف على عمليات الإزالة التي تنفذها لجنة مكونة من الإمارة والأمانة والجهات الأمنية وهدفها حماية الأراضي العامة من تجاوزات الغير. وأضاف: أوصى المجلس في إحدى جلساته بالاستفادة من الأراضي البيضاء المحيطة بقرى الطائف لمشروع المنح مع مراعاة تقديم أهالي تلك القرى على غيرهم وتشكل لجان خاصة ذات خبرة ومعرفة مع الأخذ في الاعتبار الأنظمة المنظمة لذلك. من جانبه، أوضح ل«عكاظ» رئيس لجنة التعديات في المجلس الدكتور ناصر القثامي أن المناطق التي تشهد تعديا نوعان: مناطق مسكونة مأهولة الهدم فيها لا فائدة منها، والنوع الآخر مناطق بعيدة عن السكان فهذه هي التي يجب على البلدية أن تمنع التعدي عليها، ولكن يجب أن تبادر الأمانة إلى تلك الأراضي البيضاء والتي هي في أطراف القرى وتخططها دون أن تبقى صحاري. وزاد أن المشكلة في كثير من التعديات أن الذين خططوا تلك الأراضي لم تمنعهم الأمانة في بداية الأمر لظروف كثيرة منها قلة المراقبين، فيصبح المواطن في هذه الحالة ضحية التعدي والهدم ولذلك تجده يدافع عنها بكل ما يملك، لأنه يرى أنه محق فقد اشترى ولم يتعد وبنى لأولاده مسكنا، بينما الأمانة ترى أنه متعد وغير نظامي ويجب أن يزال عليه، ولذلك أنا أدعو لمسك العصا من الوسط والتقارب في الحلول. حلول سريعة وأوضح أن قضية التعديات من القضايا التي تحتاج إلى حلول جذرية وسريعة وخاصة في ظل التزايد العمراني الملحوظ، وتزايد حاجة الناس للسكن، وبحث المواطن عن العروض السهلة والميسرة، وأرجع القضية لتباطؤ الخدمات الأساسية في القرى والهجر لفترة طويلة، الهجرة غير المرشدة، ما جعل قضية التعديات والارتجالية سمة البناء خارج أسوار المدينة، وقلة المعروض من المخططات النظامية التي يمكن أن توفرها البلدية، وكذلك ارتفاع أسعار الأراضي المخططة والمعتمدة أوجد بيئة مواتية لاستحداث أساليب أخرى مكنت البعض من وضع اليد على الأراضي البيضاء، مما ينتج عنه لجوء الناس إلى البناء ليلا وفي وقتي الخميس والجمعة، ما أدى لظهور أبنية غير لائقة حضاريا بل وأثر على التطور العمراني الحضاري. ورأى رئيس لجنة التعديات في المجلس البلدي في الطائف أن تعالج المناطق القديمة التي أصبحت مأهولة ومسكونة بإعادة تنظيمها وفقا للتخطيطات المعمول بها في البلدية، وإيصال الخدمات لها من سفلته وإنارة ورصف، وربط بعضها ببعض، وتأمين أراض للمرافق الحكومية كالمدارس والدفاع المدني وغيرها، والمسارعة في تخطيط ما حولها من أراض ومعالجة وضعها وتمكين المواطن منها. أما الأراضي البيضاء البعيدة عن النطاق العمراني، فيرى الدكتور ناصر أن تعالج من خلال تخطيط هذه الأراضي ومنحها للمواطنين والمسارعة في إيصال الخدمات لها، والتعاون مع المالكين لبعض الأراضي وفق وثائق قديمة من أجل تطوير أراضيهم وإيصال الخدمات لها، ومراقبة هذه الأراضي البيضاء وحمايتها من سماسرة الأراضي ومحاولة التشهير بهم للحذر منهم. وقال المتحدث باسم أمانة الطائف إسماعيل إبراهيم «نشأت عدد من المواقع العشوائية خلال العقود الماضية في غياب التنظيم، وأعدت أمانة الطائف دراسة متكاملة عن المناطق العشوائية وأسباب نشوئها، وتحديد موقعها على المخطط العام والعمل على تحقيق تنمية عمرانية مستدامة بها تخدم أهداف التنمية وتتفق مع الخطط الاستراتيجية والعمرانية الوطنية»، مبينا أن من أهم أهداف المشروع التعرف على الظاهرة وتقويم الأوضاع الاجتماعية والعمرانية الراهنة، اقتراح الأطر الاستراتيجية والتخطيطية الملائمة للتعامل معها. إزالة 300 متر تعديات من جانبها، أزالت الإدارة العامة للمياه في أمانة جدة أكثر من 20 وصلة صرف صحي غير نظامية، موصلة على شبكات تصريف مياه الأمطار والسيول، وشبكات تخفيض منسوب المياه الجوفية في عدد من الأحياء والشوارع، بإجمالي أطوال تزيد على 300 متر. وأوضح المهندس محمد قطان مدير عام المياه في الأمانة أن الإدارة أزالت العديد من التعديات آخرها تعديات على الشبكة عند دوار الجواد الأبيض، شارع الأمير سلطان، حي العزيزية/2، شارع الملك خالد، حي الروضة، شارع الربوة، طريق الملك فهد، شارع المكرونة، شارع حائل، وطريق الأمير ماجد، مشيرا إلى تعميد البلديات الفرعية التي تقع التعديات في نطاقها بتغريم المخالفين وفقا للائحة الغرامات والجزاءات البلدية الصادرة بالأمر السامي.