تناول عدد من الباحثين والمثقفين أمس «العلاقات السعودية اليابانية وآفاق المستقبل» في ندوة التئمت في الرياض ضمن أنشطة المهرجان الوطني للتراث والثقافة «الجنادرية 26». الندوة التي شهدت غياب سفير خادم الحرمين الشريفين لدى اليابان الدكتور عبدالعزيز تركستاني، أدارها وشارك فيها الدكتور محمد بن عبدالرحمن الربيع، متناولا «العلاقات العلمية والثقافية السعودية اليابانية»، حيث أشار إلى أن الاتصالات السعودية اليابانية بدأت في عهد الملك عبدالعزيز، عندما أوفد حافظ وهبة سفير المملكة في بريطانيا في ذلك الوقت لحضور افتتاح مسجد طوكيو عام 1357ه لتتوالى الزيارات المتبادلة بين البلدين منذ ذلك الوقت. وأضاف «كانت زيارة الملك فيصل بن عبدالعزيز إلى اليابان عام 1967م دفعة قوية للعلاقات بين السعودية واليابان في مختلف المجالات، والتي عززتها فيما بعد زيارات الملك فهد والملك عبدالله والأمير سلطان والأمير نايف لتلك الدولة التي تضيء في أقصى الشرق». واستطرد الربيع قائلا «ونظرا لأهمية العلاقات بين السعودية واليابان فقد تم تكوين اللجنة السعودية اليابانية المشتركة التي عقدت عشرة اجتماعات في المملكة واليابان كان آخرها الاجتماع العاشر في شهر مايو 2010م في طوكيو، ورأس الجانب السعودي وزير الاقتصاد والتخطيط خالد بن محمد القصيبي، وخلص الاجتماع إلى الاتفاق على تبادل المنح الدراسية بين الجامعات في البلدين وتقديم محاضرات في اليابان عن الإسلام والحضارة الإسلامية، فضلا عن تبادل الكتب والمخطوطات بين البلدين». واستعرض الربيع أهمية المعهد العربي الإسلامي في طوكيو التابع لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، في التعريف بالإسلام ومساعدة الراغبين في الاطلاع على الثقافة العربية الإسلامية، بالإضافة إلى نشر اللغة العربية ومساعدة المسلمين اليابانيين للتعرف على أمور دينهم وترجمة الأبحاث العربية المناسبة من اللغة اليابانية وإليها. واعتبر الربيع فكرة سفير خادم الحرمين الشريفين لدى طوكيو سابقا محمد بشير كردي لتعريف الأطفال اليابانيين بالإسلام مشروعا رائدا، مبينا أن المشروع يركز على كتابة قصص قصيرة للأطفال مطرزة بالصور والرسوم. وأضاف «كان باكورة ذلك كتابا عن تاريخ الملك عبدالعزيز للأطفال بعنوان (السامورائي العربي)، ويرمز السامورائي للبطولة والشجاعة، وقد تولت إحدى الفنانات اليابانيات المتخصصات في الرسوم الكاريكاتورية ذلك لجذب انتباه الأطفال، وتم طبع عشرة آلاف نسخة من هذا الكتاب القصصي ووزع على المدارس اليابانية». من جانبه، تحدث الدكتور الياباني أمين ماكوتو ميزوتاني عن ظاهرة التزامن بين اليابان والعالم العربي الإسلامي، مستحضرا كارثة تسونامي والثورات العربية. وقال ماكوتو ميزوتاني «لن أتحدث عن أهمية توفير الطاقة من النفظ لليابان، ولكني سوف أشير إلى الخبرة المشتركة بين الجانبين العربي والياباني عند مفترقات مهمة في تاريخنا، ومنها أزمة النفط عام 1973م، والتي شهدت نموا اقتصاديا سريعا في اليابان، وكذلك الأزمة التي نتجت عن الثورة الإيرانية عام 1979م، بالإضافة إلى موقف اليابان في حرب الخليج عام 1991م». وأبان الباحث الياباني ماكوتو ميزوتاني أن اليابان الآن عند المفترق الثالث «لأن كثيرا من الساسة والخبراء في اليابان باشروا تنفيذ سياسة الخروج من الشرق الأوسط، إثر حدوث الثورات الشعبية في العالم العربي مؤخرا». وثمن الباحث الياباني مشاعر السعوديين المتعاطفة مع الشعب الياباني في كارثة تسونامي، مؤكدا أن ما حدث في محطة التوليد النووي في فوكوشيما أضعف الثقة في الاعتماد على النشاط النووي وأصبحت العلوم التقنية موضع شك كبير. وخلص ماكوتو ميزوتاني إلى القول «علينا الاعتراف بأن اليابان والعالم الإسلامي اشتركا في تزامن الأوضاع الكبرى في العالم، لكنني أقول إن ظاهرة التزامن ترجع إلى الجوانب النفسية والسيكولوجية التي تتصل بجذور ثقافة عميقة عند الجانبين اللذين يمران بمرحلة صعبة، ورغم تباين تلك الأوضاع والظروف وعدم وجود أي رابط بينهما، إلا أن الحوار بين الجانبين يؤدي إلى الفهم الأوضح لكلمة (المحنة) كما تعني للعرب، مع أن معظم اليابانيين غير مسلمين». الندوة شهدت مشاركة الباحث الدكتور مسعود ضاهر الذي كان من المفترض أن يشارك في ندوة أمس الأول، وتغيب لظروفه الخاصة. الربيع وصف ضاهر بأنه «هو الذي عرفنا في العالم العربي بالفكر والنهضة اليابانية» وتحدث ضاهر عن اليابانيين في عيون عربية وتاريخ اليابان، فضلا عن ثقافة اليابانيين في العمل الجماعي.