إدارة المنظمات موهبة قبل أن تكون علما، ولا يمكن أن تحقق أهدافها دون وجود قيادة لمختلف أنشطتها، ويؤكد الخبراء بأن القائد يمكن أن يكون مديرا ناجحا، لكن المدير لا يمكن أن يكون قائدا. إن القائد يمنح الثقة للعاملين لزيادة الانتاجية، وتحقيق الأهداف، دون أن يصحب ذلك أية ممارسات سلبية كالمراقبة والتجسس المخالفة لأخلاقيات القيادة. وفي أمريكا، يتابع أكثر من 75 % من أرباب الأعمال ما يفعله موظفوهم أثناء الدوام، وتقوم أجهزة متابعة بتسجيل كل ضغطة إلكترونية، بما يضمن عدم إفشاء أسرار العمل للمنافسين. وقدم باحثون يابانيون هدية لأرباب العمل بإطلاقهم هاتفا محمولا يتيح التجسس على الموظفين، وتتبع أدق تحركاتهم أثناء استخدام هواتفهم، وإرسال المعلومات للإدارة العليا في الشركة، بهدف حث الموظفين على العمل بكفاءة أكبر، وإتاحة الفرصة أمام المديرين لتقييم أداء موظفيهم بسهولة، حتى وإن كانوا بعيدين عن مكاتبهم. ويذكر (ج. ميلر) J.Miller، بأن من حق المدير المحافظة على أسرار عمله، لكن ليس من حقه التجسس على الأسرار الشخصية لموظفيه بأي وسيلة كانت، سواء عن طريق إيصال المعلومة له من شخص ما، أو بطرقه الخاصة التي تؤدي لانعدام الثقة بهم. ويشير أحد الباحثين إلى أن بعض المديرين يوظفون (عيونا) بهدف مراقبة العاملين، ويتم تعيينهم ليس لكفاءتهم، وإنما لولائهم المستميت للمدير، وهم مستعدون للتجسس لصالحه مهما كلفهم الأمر، ولا يتوانون عن فعل أي أمر يطلبه المدير ليظفروا بمحبته! وتبرز العواقب السلبية للإدارة بالتجسس في المؤسسات التعليمية بشكل أكبر، عندما يوظف عدد من العاملين والطلبة لمتابعة أداء المعلمين والمعلمات، وأعضاء هيئة التدريس، وذلك خلافا لمبدأ الأمانة التي تتولاها لتنشئة الأجيال على الخلق الإسلامي الذي ينهى عن التجسس بأي شكل من الأشكال، وما يتوقع أن يزرعه هذا السلوك السلبي في نفوس الطلبة مستقبلا! ويذكر عدد من التربويين بأن بعض المديرين يعتقد أن الإدارة بالتجسس تعطي نوعا من السيطرة، ومعرفة ما يدور داخل القاعات والفصول الدراسية من نقاشات وانتقادات تتعلق به فقط. وهذا النوع من الإدارة يثير القلاقل، وعدم الثقة بين العاملين، وتدني مستوى الأداء والانتماء، إضافة لانقسامهم إلى مجموعات متصارعة؛ وبالتالي الفشل في تحقيق الأهداف التربوية والتعليمية المأمولة. وينبه Miller المديرين إلى أن الموظفين هم الأصول الحقيقية لأي مؤسسة ناجحة، وأن زيادة الإنتاجية مهمة الموظفين أنفسهم، بينما يقتصر دورهم على توعية العاملين وتحفيزهم للعمل، دون وضعهم تحت مجهر الرقابة المستمرة. وهذه النصيحة تؤكد أهمية إحسان الظن بالعاملين، وتعزيز الرقابة الذاتية لديهم. * كلمة أخيرة: قال تعالى: (ولا تجسسوا) الحجرات 12 . * جامعة الملك سعود كلية التربية [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 272 مسافة ثم الرسالة.