تتنوع المخالفات والمشاكل في مدارس بنات تعليم مكةالمكرمة، إذ تبدأ من غياب الرقابة على وضع مبانيها حتى تصل إلى مشكلة تضارب القرارات في تفعيل الخدمات المقدمة منها للطالبات. وطالما اكتسب عنصر الإناث داخل المملكة خصوصية دونما سواه جعلته مثار جدل وربما أقصته في كثير من الأحايين عن سوط أنظمة ومرصد عيون الرقابة، تترجم هذا الأمر على أرض الواقع الذي تعيشه مدارس تعليم البنات في مكةالمكرمة، والتي تعج بجملة من المخالفات والمشكلات التي سعت الجهود الفردية في أروقة التربية والتعليم في المنطقة إلى حلها. «عكاظ» طرقت أبواب مسؤولي تعليم البنات من أجل الحصول على أجوبة أطلقها أولياء الأمور وعدد من التربويات المهتمات بشأن تطوير تعليم البنات بكافة مستوياته في مكةالمكرمة، ولكن التوجس من التطرق لمثل هذه الموضوعات الخاصة بالنواعم أغلقت أبواب المسؤولين، وأصبحت التساؤلات تبحث عمن يجرؤ للإجابة عنها. معلمات يمنعن الهواتف ذات الكاميرا على الطالبات ويحملنها!، تفشي ظواهر سلوكية داخل أسوار المدارس في مراحل المراهقة دفع إلى الاستصراخ للالتفات إلى فئة أصبحت تدق ناقوس الخطر في المدارس. وتشهد هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بشكل ملحوظ حوادث هروب للطلبات من المدارس ما يشير إلى خلل في الأنظمة الرقابية على المدارس، معاناة في تسجيل الطالبات في المراحل الدراسية للمواطنين والأجانب للحصول على مقاعد شاغرة. وبين الإقدام والإحجام، احتار أولياء الأمور في حي الشرائع، هل يمنعون بناتهم من الذهاب للمدرسة خشية انهيارها عليهم بسبب سوء بنائها وتجاهل المسؤولين في إدارة تعليم بنات مكةالمكرمة واقعها الخطر. ويوضح المواطن عايد الشيباني (أحد أولياء أمور الطالبات التي يدرسن بالمرحلة الابتدائية) أن مباني مدرستي 140 الابتدائية و86 المتوسطة متهالكة، وقد تم استئجاره منذ عشرين عاما في حي شرائع المجاهدين في مكة، ومنذ فترة ليست بالبسيطة بدأت أروقة هذا المبنى وأرضياتها تهبط في الفصول الدراسية. من جهته، يقول المواطن عويضة خلف إنه منع بناته من الذهاب للمدرسة خشية وقوع مكروه لهم؛ لأنه يخشى من العاقبة الوخيمة التي تهددهم كل صباح جراء الخطر الموجود داخل المبنى الذي يضم مدرسة الابتدائية 140، والمتوسطة 68، المتواجد في حي شرائع المجاهدين في مكةالمكرمة المتهالك. وأضاف عويضة خلف أن بناته عند الذهاب للتعليم يبقين منشغلين عن الشرح، يراقبون المكان من حولهم خشية حدوث الكارثة في أية لحظة. فيما بين المواطن جابر الغامدي أن بناته يدرسن في المرحلة المتوسطة، وأنهم لا يتمتعون بالراحة داخل المدرسة، والتي باتت لهم المكان الذي يدخلونه ويتوقعون وجود الضرر فيه، «كما أن أسلاك الكهرباء مكشوفة وتشكل لهم خطرا مستمرا، وأن جدار الحوش الخارجي يمكن لأي شخص مشاهدة الطالبات من خلاله لوجود جبل ترابي حوله يمكن المتطفلين من مشاهدة ما يحدث داخل المدرسة دون مراقبة». وباتجاه غرب مكةالمكرمة على بعد 19 كم تقريبا من الموقع السابق تقع المدرسة 139 في بطحاء قريش، والتي لم تستطع إدارة التربية والتعليم انتشالها من المشكلات التي يعانيها سكان الحي في توفير المياه، وبات الطالبات ومنسوبو المدرسة يعانون هذه المشكلات في منازلهم وفي المدرسة. وأضاف «وانقطاع المياه عن المدرسة يؤدي إلى إلحاق الضرر بالطالبات، لاسيما الصغيرات منهن في المدرسة الابتدائية كون المجمع يحتضن كذلك مدرسة الثانوية، وأصبح الوضع واستقراره مرهونا بمزاجية متعهد المياه للمدرسة، كما أن المشكلة تزيد إلى حد كبير في موسمي العمرة والحج لبحث متعهدي المياه عمن يدفع أكثر في وقت تعرف إدارة التعليم حساسيته». من جهته، أوضح مدير إدارة الدفاع المدني في العاصمة المقدسة العميد جميل أربعين أن المدارس بشكل عام تعتبر الفئة (أ) في عمليات المسح الوقائي المنفذة من جهاز الدفاع المدني، وتكون بمثابة مرة كل عام عدا الحالات الواردة فيها أي بلاغات فيتم الوقوف الفوري عليها، وإعداد المحاضر إذا ثبت الخلل بعد أن يتم دراسة المكان من قبل اللجنة الهندسية في الإدارة، ولجنة المباني الآيلة للسقوط، ومكتب هندسي محايد ومعتمد لإصدار القرار المناسب بعد المعاينة والفحص للموقع. وقال العميد جميل أربعين إن اللجنة وقفت على وضع المدرسة 140 في الشرائع مؤخرا، وجرى تسليم الملاحظات إلى إدارة التربية والتعليم في مكةالمكرمة لإصلاحها على الفور. ولا تقتصر المشاكل على سوء مبان ونقص الخدمات في مدارس البنات في مكة، بل تطال وضع المقاصف المدرسية، حيث تتخوف أمهات الطالبات من تعرض بناتهن إلى تسمم غذائي في ظل عدم وجود اشتراطات صحية للعاملين في المقاصف. وأوضح مدير إدارة الغذاء في صحة البيئة التابعة لأمانة العاصمة المقدسة سمير الزيادي، أن إدارة التربية والتعليم مسؤولة تماما عن المقاصف وتتحمل تبعات أي أخطاء فيها عبر اللجان الصحية المختصة فيها، ولا تتدخل صحة البيئة سوى في حالات التسمم الغذائي، والذي يرفع من قبل الإدارة إلى الشؤون الصحية، ومن ثم يتم مباشرة مهمة من قبل اللجنة الرباعية بعضوية أمانة العاصمة المقدسة، إمارة منطقة مكةالمكرمة، هيئة الدواء والغذاء، والشؤون الصحية في المنطقة للتأكد من مصدر التسمم إذا كان من محال مرخص لها من قبل البلديات الفرعية. وأضاف «وتتخذ حزمة من الإجراءات الخاصة بنا، أما إذا كان الغذاء المسمم قد تم توفيره وتصنيعه من داخل المدرسة فيجب تكثيف الرقابة على هذه المنشآت بشكل أكبر لما تترتب على أخطائها من مشكلات كبرى».