.. أحسب .. بل وأكاد أجزم أن مهام الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد والتي صدر الأمر السامي الكريم مؤخرا بتشكيلها، في غاية الصعوبة والاتساع، وذلك لما هو عليه الوضع الإداري، والفني والمالي في الكثير من المرافق العامة، وشاهدي على ذلك آخر ما نشرته «عكاظ» بتاريخ الأربعاء الماضي 2/5/1432ه وقد جاء فيه: أن مدير عام الرقابة المالية في هيئة الرقابة والتحقيق محمد المقحم قد كشف بأن الزيارات الميدانية التي نفذتها الهيئة العامة خلال 25 عاما رصدت وجود مبالغ مالية مستحقة لخزينة الدولة بلغت (42) بليون ريال ناتجة عن ضعف الرقابة الداخلية.!! ولكم أن تتصوروا كم من المشاريع والأعمال قد تم إنجازها لو لم يتبدد، أو يتجمد هذا المبلغ الهائل وقدره اثنين وأربعين ألف مليون ريال لمجرد ضعف الرقابة الداخلية.؟! والذي يبدو أن ذلك ليس بمستغرب لما أوضحه مدير عام الرقابة ضمن الخبر السابق: بأن الجولات الميدانية التي نفذتها الهيئة كشفت أن الموظف يعمل ما بين ثلاث إلى خمس ساعات يوميا.!! فقط ثلاث إلى خمس ساعات هي التي يقوم فيها الموظف بالعمل من ساعات الدوام الرسمي المعروفة (8) ساعات ، فأين يا ترى يقضي بقية الساعات التي تقارب نصف وقت الدوام الرسمي، وهو ما أدى بالطبع لما كشف عنه الأستاذ محمد المقحم: بأن فرق الرقابة رصدت نحو ستة آلاف مشروع متعثر في الأعوام الثلاثة الماضية بينها مشاريع وقعت عقود تنفيذها مع مقاولين ولم تسلم لهم مواقع التنفيذ حتى الآن رغم انتهاء مدة العقد.!! ويضيف: كما تم رصد عقود لم تنجز ومشاريع لم يتم البدء فيها، وأخرى متأخرة دون أن تتخذ الأجهزة الحكومية أي إجراءات مناسبة حيالها، ولكنه في ذات الوقت أرجع أسباب تعثر المشاريع إلى ضعف القدرات الفنية، والمالية، والإدارية، وكذا ضعف إمكانيات المقاولين وطول إجراءات الترسية والتعميد، وقصور في الإشراف في بعض الجهات، وانعدامه كليا في جهات أخرى. في الواقع لا أجد تعليقا على هذه المعلومات الصادرة عن مدير عام الرقابة المالية في هيئة الرقابة والتحقيق بحكم أنها موثقة مائة في المائة، غير أن أقول: آه، ثم آه، ثم آه.!! فاثنان وأربعون ألف مليون ريال لو تم استخدامها لكان في ذلك خير كثير للوطن والمواطن، وحوالى ستة آلاف مشروع متعثرة ليس فقط في إتمام تنفيذها، وإنما منها ما لم يتم تسليمه للمقاول، ومنها ما لم تواكب القدرات المالية والإدارية والفنية في الإدارة متابعة مشاريعها التي لو انتهى العمل فيها، أو حتى سار وفق ما هو مقدر لها من زمن، لكان في ذلك كسب للوقت بالدخول في مشروعات جديدة لمصلحة المواطن والوطن. ولكن كيف يتم ذلك في الوقت الذي جاء فيما نشرته «عكاظ» في ذيل الخبر: إن الدراسة الموحدة التي أعدها معهد الإدارة العامة كشفت أن (16) في المائة فقط من الأجهزة الحكومية لديها استعداد للتخطيط وتطبيق القياس وأن (77) في المائة من الأجهزة الحكومية لا يوجد لديها وحدة إدارية متخصصة في هذا المجال، كما أن (73) في المائة من الأجهزة الحكومية لا تقوم بتفعيل خطة نشر ثقافة القياس. والسؤال الذي يفرض نفسه من بعد معرفة هذه الحقائق هو: لماذا تقوم هيئة الرقابة والتحقيق عاما بعد عام بالكشف عن القصور؟.. وإذا كان ذلك يرهقها فلتعمد الآن للتعاون مع الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، للمتابعة المتواصلة والإعلان عن الجهات التي يحدث منها القصور فلعل في ذلك ما يساعد على إصلاح الخلل المتجذر والذي يصل لحد الاجرام.. وليس القصور فقط... والله المعين. فاكس: 6671094 [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 158 مسافة ثم الرسالة