فقد الوطن عبدالله الدباغ رابع وزير للزراعة وأول مهندس زراعي، كرس حياته ووقته لخدمة بلده، دون كلل أو ملل وإنجازته في المجال الزراعي يشهد لها القاصي والداني، وبالرغم من تحمله الصبر على المرض طوال 11 عاما أو يزيد لم نعهده إلا كالجبل الراسخ، أنت لم تشك قط في حياتك من ألم أصاب جسدك النحيل، بل كنت ركنا متينا يأوي إليه الجميع من أفراد العائلة وأنت في سنوات مرضك وقبل مرضك كنت كالبلسم الشافي لآلام من حولك، كنت لنا عيدا ولم نعرف للعيد بهجة سواك، لأن ذلك الاجتماع السنوي لم يكن لغرض الاجتماع فحسب، بل كان منبرا للإحسان وتذكر من رحلوا عنا وسرد أخبار العائلة خلال عام كامل من مواليد جدد وأفراح وكل المعاني التي ارتبطت بصلة الرحم، حبل الله الموثوق الذي حرصت على ربطنا به امتدادا لعرش الرحمن، وكان هذا الاجتماع كذلك منصة لتكريم المتفوقين من أبناء وبنات العائلة والمحفز الأكبر للفلاح والنجاح. لقد كنت يا سيدي عبدالله نموذجا متفردا في العمل الخيري الاجتماعي فرؤيتك كانت تنطلق من «أبدأ بنفسك ومن حولك» في وقت بعدت فيه المسافات بين الأهل والأقرباء فكنت رائدا من رواد لم شمل الأهل والأحبة وحتى من قبل أن تقوم بتأسيس الصندوق التعاوني لعائلة آل الدباغ وأرحامهم قبل نحو 25 عاما والذي ترأست مجلس إدارته، فاجأتني يا سيدي باختيارك لي عضوا ولم أكن قد تجاوزت السادسة عشر من عمري كعضو مجلس إدارة أشارك برأي من يفوقونني سنا ومقاما، الآن قد أيقنت أنك لم تفعل ذلك اجتهادا فحسب بل لترسل رسالة مفادها أن الشباب هم مستقبل الأمة، وأن لا خير فيمن لا خير فيه لمن حوله ولم تبتغ بذلك المعروف تجاه أهلك وأرحامك سوى وجه الله عز وجل والخير والنجاح و الفلاح لمن حولك، ألست أنت من كنت تنادي خمس مرات في اليوم بحي على الفلاح حي على الفلاح؟ حين كنت فتى يافعا في عشرينات القرن الماضي تؤذن للصلاة في مسجد الباشا في قلب جدة القديمة، ذلك اللقب الذي لم تكن بحاجة إليه بقدر ما كان هو يتوق إليك يا من نحسبه عند الله من أطول الناس أعناقا في الآخرة أو ليست تلك بشارة جدك المصطفى بأن المؤذنين يأتون يوم القيامة طوال الأعناق هذا في الآخرة، أما في الدنيا فحسبك ذلك الحوض في الربوة الغراء بمعلاة الحجون بجوار من أحببتهم وأخلصت لهم تنعمون بخير جوار، تنظرون بمآقيكم منازلكم في الفردوس الأعلى في مقعد صدق عند مليك مقتدر. م. هشام مصطفى الدباغ جدة