تحول سجن «مزرعة طرة» جنوبي العاصمة المصرية القاهرة، إلى ما يمكن وصفه بمعسكر «تهذيب وإصلاح»، لأركان النظام السابق، وذلك بعد انضمام كل من وزير الإسكان الأسبق، محمد إبراهيم سليمان، ورئيس ديوان الرئيس السابق، زكريا عزمي، إلى غيرهم من المحتجزين في نفس السجن، على ذمة التحقيقات بقضايا فساد، واستغلال النفوذ، والتربح بطرق غير مشروعة. ورجح مراقبون أن تصدر قرارات بالحبس ضد عدد كبير من مسؤولي النظام السابق، سواء المحتجزين حاليا، أو الذين ينتظرون دورهم في التحقيقات، وعلى رأسهم جمال مبارك، الذي يمثل للتحقيق الأحد، أمام جهاز الكسب غير المشروع التابع لوزارة العدل، وذلك في حال ثبوت تضخم ثروته بشكل غير شرعي. وفيما تتردد أنباء بأن نجل الرئيس السابق، قد يتخلف عن الذهاب إلى التحقيقات، للإدلاء بأقواله في الاتهامات الموجه إليه، بسبب مخاوف من أن يأتي دوره في الحبس احتياطيا على ذمة التحقيقات، فقد أكدت مصادر قضائية أنها ستأمر بضبطه وإحضاره، في حالة تجاهله الذهاب إلى التحقيق دون إبداء أسباب أو أعذار حقيقية. يأتي ذلك بينما تواصل الجهات الرقابية والقضائية تحقيقاتها في قضايا الفساد المتهم فيها الرئيس السابق، وعدد من أركان نظامه، حيث قررت محكمة جنايات القاهرة تأجيل أولى جلسات محاكمة كل من أحمد عز أمين التنظيم في الحزب الوطني، وعمرو عسل رئيس هيئة التنمية الصناعية، ورشيد محمد رشيد وزير التجارة والصناعة «هارب»، في اتهامهم بالإضرار بالمال العام والتربح بطرق غير مشروعة. ووصف الباحث في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، محمد عز العرب، التحقيقات التي يجريها جهاز الكسب غير المشروع، في الاتهامات الموجهة لعدد من مسؤولي النظام السابق، بأنها «أثبتت أن درجة الفساد في مصر وصلت إلى مرحلة لا يستهان بها، بعدما طالت مؤسسة الرئاسة»، وذلك في إشارة إلى زكريا عزمي، لافتا إلى أن الأخير كان يصف نفسه بأنه «محارب الفساد»، وصاحب المقولة الشهيرة «الفساد أصبح للركب.». وأوضح عز العرب، في تصريحات ل (سي إن إن) بالعربية، أن «المجلس العسكري ليس لديه مصلحة في التغاضي عن توجيه الاتهام لأي شخص أيا كان، فالوضع حاليا يختلف عما كان عليه قبل الثورة»، مضيفا أنه «في حال ثبوت إدانة جمال مبارك، أو تضخم ثروته، فإنه سيحال إلى المحاكمة، بل ومحاكمة الرئيس السابق أيضا، حيث لا يوجد الآن أشخاص فوق القانون»، على حد تعبيره. وأضاف أن التوصيفات التي يرويها بعض شهود العيان لسجن «مزرعة طرة»، تثير الرأي العام، الذي يريد القضاء على رؤوس الفساد، حيث يثير البعض تساؤلات حول أسباب إيداع مسؤولي النظام السابق، وكذلك كبار رجال الأعمال في هذا السجن على وجه التحديد، ومدى اختلافه عن السجون الأخرى، إلا أن عز العرب أكد أنه «لا توجد أدلة على أنه سجن خمس نجوم.» من جانبه، طالب القيادي اليساري وعضو مجلس الشعب السابق، البدري فرغلي، بضرورة محاكمة الرئيس السابق مبارك وعائلته على جرائمهم ضد الشعب واستيلائهم على المال، وعدم الاكتفاء بمحاكمة أطراف النظام فقط، مشيرا إلى أن حجم الفساد الذي انتشر في البلاد خلال النظام السابق، لم يحدث في تاريخ البلاد. وتوقع فرغلي، في تصريحات ل (سي إن إن) بالعربية، أن يتم حبس جمال مبارك، رهن التحقيقات ل «تستره على الفساد»، طوال الفترة التي تولى فيها منصبه كأمين لجنة السياسات في الحزب الوطني، وكذلك ل «تضخم ثروته»، بحسب النائب السابق، وشبهه ب «المايسترو، الذي أدار منظومة الفساد في مصر»، على حد تعبيره. وقال فرغلي إن أعضاء ومسؤولي النظام السابق «لا يستحقون الحبس في سجن مزرعة طرة، الذي يقع بالقرب من نهر النيل، وفيه مزارع، بل يجب حبسهم بعيدا في سجون بالصحراء.» وكان ميدان «التحرير» في وسط القاهرة قد شهد احتجاجات حاشدة فيما عرف ب «جمعة المحاكمة والتطهير»، شارك فيها عشرات الآلاف من مختلف التوجهات السياسية، للمطالبة بسرعة محاكمة الرئيس السابق وأسرته، وهدد المحتجون بالزحف إلى مدينة «شرم الشيخ»، حيث يقيم مبارك وأسرته.