تباينت مقترحات السلام التي طرحها الزعيم الليبي معمر القذافي، والتي يصر فيها على دور سياسي لأسرته في المستقبل كنقطة بداية لإجراء مفاوضات، ولكن ربما تمنح القذافي الوقت الذي يحتاجه لبث الفرقة في صفوف المعارضة. وربما تتحسن فرص القذافي في إثارة اهتمام بتسوية سياسية مؤقتة إذا استمرت حالة الجمود العسكري، ما يجعل آماله بشأن مستقبل أولاده يبدو أكثر واقعية. وربما يكون النشاط الدبلوماسي الذي أوجدته مقترحاته أسلوبا للمماطلة يكسبه وقتا ليبني دفاعات في معاقله في غرب البلاد، وتعزيز الولاء القبلي له وبث الفرقة في صفوف الائتلاف الدولي وإضعافه. ولكن ما من مؤشر على أن شروطه لإنهاء حرب تهدد بزعزعة الاستقرار في المنطقة الغنية بالغاز والنفط الواقعة جنوبي أوروبا، أثارت اهتماما كبيرا في الغرب. وقال محللون إن فكرة اضطلاع أسرة القذافي بدور في الحكومة تتجاوز كثيرا ما يمكن أن يتحمله خصومه. وتقول مصادر مطلعة على السيناريوهات الثلاثة التي طرحها القذافي من أجل تسوية مؤقتة، إنها تجمع بين عنصرين غير مقبولين هما بقاء القذافي كزعيم رمزي وإن كان متقاعدا، وأن يضطلع أحد أبنائه بدور في حكومة وحدة مع المعارضة ربما كرئيس لها. ويرى خبراء في الشؤون الليبية أن المقترحات غير واقعية. وقال أوليفر مايلز وهو سفير بريطاني سابق في ليبيا: «لا يمكن تحقيق ذلك. في اللحظة التي يتنحي فيها القذافي سينتهي أولاده سياسيا، لأن القذافي هو صاحب القرار»، مضيفا: «نظريا، وحسب القذافي، هو زعيم رمزي لا يضطلع بأي دور رسمي، ومن ثم لا يهم أن يبقى أو يذهب ولكن الواقع غير ذلك.». وعقب اجتماعه مع علي الصاوي عضو المجلس الوطني الانتقالي ممثل المعارضة في ليبيا، أوضح وزير الخارجية الإيطالي فرانكو فراتيني أن تقسيم ليبيا غير مقبول، وأن المجلس الانتقالي هو المحاور الشرعي الوحيد.». ووصف المقترحات التي نقلها نائب وزير الخارجية عبدالعاطي العبيدي إلى اليونان الأحد الماضي بأنها غير معقولة. وعين العبيدي بعد ذلك وزيرا للخارجية خلفا لموسى كوسا الذي كان يوما من أقرب مستشاري القذافي قبل أن ينشق عليه ويفر إلى بريطانيا الأسبوع الماضي. وأيد سيف الإسلام، أبرز أبناء القذافي، إصلاحات في السابق تهدف لزيادة الشفافية، محاسبة الحكومة، حرية تكوين الشركات، واحترام حقوق الإنسان، ولكنه وجه كلمة تبعث على الانزعاج عبر شاشة التلفزيون في بداية الانتفاضة حذر فيها الليبيين. ووصف القذافي المعارضة بعصابات مسلحة يدعمها تنظيم القاعدة، وقال إنها عازمة على إرهاب المواطنين الليبيين العاديين، الذين قال إنهم يساندونه ويدعمون حكمه. من جانبها، رفضت المعارضة أي محادثات مع القذافي باستثناء مناقشة كيفية رحيله بعد أن حكم البلاد لمدة تزيد عن أربعة عقود.