التطوير، من وجهة نظرنا، «تنظير» وقرارات بيروقراطية ووظائف ومهمات إضافية، ما جعل البرامج التطويرية وزارات داخل وزارات، وأصبح التطوير عبئا إضافيا يحتاج إلى ميزانيات، ليس لتحقيقه على الأرض، وإنما للتفكير في إمكانية تطبيقه، وحتى عندما تطبق الأفكار لا تطبق بالشكل السليم. التعليم مثلا.. لن أتحدث عن مشاريع الوزارة التطويرية، ولكن السؤال كم تنفق الدولة على المشاريع التعليمية وعلى بناء المدارس واستئجارها وعلى الكتب والمستلزمات وغيرها؟؟ مليارات الريالات، وللأسف، التعليم ما زال تقليديا بلا تطوير، وكل من يتشدق بالتطوير يحاول استنساخ تجارب الآخرين الذين دفعهم حب العمل وإتقانه للإبداع والعطاء، العقلية الحكومية التي تحتاج إلى تطوير لن تطور، والذي لا يدفعه الحب والحماس لن تدفعه الواجبات الوظيفية لتقديم أي جديد. ما الذي يمنع الحكومة من تأسيس شركة مساهمة تسمح للشركات الأجنبية المختصة في الدخول بها وتقديم تجاربها وخبراتها لإعادة هيكلة قطاع التعليم، وبناء منشآت تعليمية حديثة وتجهيزها، وتأهيل معلمين في أكاديميات متخصصة تابعة لهذه الشركة بموجب عقد مع الدولة؛ لتقديم خدمة إنشاء المدارس وفق المعايير العالمية، وإدارة أكاديميات تأهيل المعلمين في جميع مناطق المملكة، وطباعة الكتب، وتأليف المناهج الدراسية، ما عدا العلوم الشرعية. وأن تقسم المدارس إلى ثلاث فئات: فئة مجانية لا يدفع الطالب مقابل للدراسة بها، وتكون بيئتها مريحة وتتوفر فيها مقومات الجودة الأساسية. وفئة نموذجية يدفع الطالب رسما لا يزيد على أربعة آلاف ريال للفصل الدراسي، ويقدم للطالب في هذه الفئة من المدارس تعليم إضافي ومهارات نوعية، مع التركيز على اللغة الإنجليزية والمناهج الإثرائية. وفئة المدارس الخاصة التي تقدم خدمة عالية الجودة في التعليم تعتمد على برامج دولية ومناهج إضافية وتوفير مستلزمات ووسائل تعليمية متقدمة، وتكون ساعات الدراسة فيها أكثر من الفئات الأخرى. ويفرض، بموجب تنظيم قطاع التعليم، على جميع المدارس الأهلية الأخرى خارج إطار هذا البرنامج تطبيق معايير جودة محددة لا تقل عن المدارس النموذجية التابعة للشركة، وتقوم المدارس الأهلية باستئجار المباني من الشركة، أو على الأقل أن تطبق المدارس الأهلية للحصول على الترخيص شروطا في البناء وتصاميم معتمدة من قبل الشركة. هنا لا أطالب بإلغاء وزارة التعليم أو تعطيل دورها، بل ستتفرغ لوضع الخطط والاستراتيجيات لرفع أداء القطاع التربوي، وفق خطط الدولة لهذا القطاع. أعتقد أن تأسيس الشركات بدخول مستثمرين أجانب كبار لهم باع في تخصص الشركة ومجال عملها سيكون له أثر إيجابي على جودة الخدمات الحكومية في جميع المجالات، وسيدرب الكوادر البشرية الوطنية على معايير العمل العالمية، وسيرفع من إنتاجية القطاع الحكومي، كما أن لذلك آثارا اقتصادية إيجابية سيلمسها المواطن. [email protected]