أكد الرئيس الأمريكي باراك أوباما أن الولاياتالمتحدة لن تكرر تجربة العراق بإرسال قوات إلى الأراضي الليبية، مشددا على أن التحالف الدولي حقق الكثير من الأهداف التي حددها لحماية المدنيين في ليبيا وتفادي وقوع مجزرة خصوصا في بنغازي، ومستدركا أن واشنطن لن توسع المهمة لتشمل تغيير نظام العقيد معمر القذافي. ووجه أوباما خطابا إلى الأمة حول ليبيا من جامعة الدفاع الوطني في واشنطن أن القذافي فقد ثقة شعبه وخسر الشرعية للقيادة، مكررا موقفه بأن عليه التنحي عن السلطة في بلده بعد أكثر من 4 عقود في ظل حكم مستبد حرم شعبه الحرية واستغل الثروات وقتل الخصوم وأرعب الأبرياء في العالم، بمن في ذلك الأمريكيين الذين قتلوا على يد عملاء ليبيين. وإذ ذكر بأنه في وجه الإدانة الدولية لأفعاله، اختار القذافي تصعيد هجماته وأطلق حملة عسكرية ضد شعبه، فاستهدف الأبرياء والمستشفيات وسيارات الإسعاف واعتقل الصحافيين الذين تعرضوا للاعتداء والاستغلال الجنسي، ولفت إلى أن هذا القمع الوحشي والأزمة الإنسانية التي تلوح في الأفق استدعت التحرك ضد النظام الليبي. وأقر أن الولاياتالمتحدة والعالم وجدوا أنفسهم أمام ضرورة اتخاذ قرار بعد أن وصف القذافي شعبه ب «الجرذان» وهدده بالعقاب. وأضاف «علمنا أننا إذا انتظرنا يوما واحدا ستشهد مدينة بنغازي مجزرة، تلطخ ضمير العالم». لكن أوباما حرص على التوضيح أن أمريكا لم تتحرك بمفردها ضد النظام الليبي وإنما في إطار تحالف قوي ومتنام يضم أقرب الحلفاء مثل بريطانيا، فرنسا، كندا، النرويج، اليونان، وتركيا، بالإضافة إلى شركاء عرب مثل قطر والإمارات. واسترسل أن التحالف الدولي حقق غالبية الأهداف بالتماشي مع التعهد الذي قطعته أمريكا للشعب الأمريكي منذ بداية التحرك، وهو أن يكون الدور الأمريكي محدودا ومن دون أية قوات على الأرض في ليبيا. وأضاف أن واشنطن ستلعب دورا داعما للناتو الذي يقود العملية العسكرية إن لجهة المعلومات الاستخباراتية أو الدعم اللوجستي أو عمليات البحث والإنقاذ، لوقف قدرات النظام الليبي على التواصل، لذا فإن التكاليف على الجيش الأمريكي وعلى دافعي الضرائب ستنخفض بشكل كبير. وتوجه أوباما إلى الذين شككوا بالقدرة الأمريكية على القيام بهذه العملية قائلا إن «الولاياتالمتحدة فعلت ما قالت إنها ستقوم به، وهذا لا يعني أن عملنا أنجز، فبالإضافة إلى مسؤولياتنا تجاه الناتو سنعمل مع المجتمع الدولي على تقديم المساعدة للشعب الليبي الذي يحتاج للطعام والرعاية الطبية، وسنحمي أكثر من 33 مليار دولار جمدناها لنظام القذافي حتى تستخدم لإعادة إعمار ليبيا». واعترف بأن ليبيا ما زالت خطرة، وستبقى كذلك حتى بعد مغادرة القذافي للسلطة، مفندا أن «40 سنة من الاستبداد تركت ليبيا مفسخة، ومن دون مؤسسات مدنية قوية. وستكون مهمة الانتقال إلى حكومة شعبية تستجيب للشعب الليبي مهمة صعبة، وفيما ستضطلع أمريكا بما يتوجب عليها للمساعدة، فإن هذه ستكون مهمة المجتمع الدولي والشعب الليبي بشكل خاص». وأردف الرئيس الأمريكي أن لا جدال في أن ليبيا والعالم سيكون في حال أفضل إذا خرج القذافي من السلطة، إلا انه أوضح أن «توسيع مجال المهمة العسكرية لتشمل تغيير النظام سيكون خطأ». مقرا «إذا حاولنا الإطاحة بنظام القذافي بالقوة، سيتفكك تحالفنا وسنضطر لنشر قوات أمريكية على الأرض لتنفيذ هذه المهمة أو تعريض العديد من المدنيين للقتل بالضربات الجوية، وستكون المخاطر التي تحيط بجنودنا أكبر تماما كما التكاليف». واستطرد «سأكون واضحا سرنا في هذا الطريق في العراق، وبفضل تضحيات جنودنا الاستثنائية وعزم دبلوماسيينا نأمل بمستقبل العراق، لكن تغيير النظام هناك استغرق 8 سنوات وقتل آلاف الأمريكيين والعراقيين وأنفق قرابة تريليون دولار وهذا أمر لا نتحمل تكراره في ليبيا».وشدد على أن القيادة الأمريكية لا تقوم على تحمل كل الأعباء، لأن «القيادة الحقيقية تخلق الظروف والتحالفات وتعمل مع الحلفاء والشركاء حتى يتحملوا قسطهم من العبء ويتشاركوا في دفع التكاليف فتسود مبادئ العدالة والكرامة الإنسانية». وركز على أن «هذا هو النوع من القيادة التي أظهرناها في ليبيا». وإذ أشار إلى أن وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون ستشارك في مؤتمر لندن الدولي حول ليبيا، وتجتمع مع المعارضة الليبية خلال وجودها هناك، أفاد أن «مهمتنا العسكرية تتركز على إنقاذ الأرواح، وسنركز على هدف أوسع يتمثل في ألا تعود ليبيا إلى الدكتاتورية بل إلى الشعب الليبي». وبعدما قال إن التغيير سيحصل بشكل مختلف من بلد إلى آخر، وسيجعل من العالم أكثر تعقيدا لبعض الوقت، أوضح أن ثمة بعض الأماكن مثل مصر يكون فيها التغيير مصدر إلهام وأمل، فيما يقمع التغيير في أماكن أخرى مثل إيران. وأوضح أن أمريكا لن تتمكن من تحديد وتيرة وأفق التغيير ووحدهم شعوب المنطقة هم القادرون على ذلك. ودعا إلى النظر إلى المستقبل بثقة وأمل ليس بالنسبة إلى أمريكا فقط، بل لكل الذين يتوقون للحرية في العالم.