أوقد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز مشاعل الفرح .. وأطلق شلالات البهجة والحبور في نفوس أفراد شعبه الوفي في جمعة الخير والفرح التي استهلها بكلمة ضافية انطلقت من القلب لتلامس القلوب المشرئبة لمصافحة الطلة الكريمة والإنصات إلى كلماته الصادقة التي اختلجت بمشاعر فياضة تجسد حبا عميقا يحمله رجل كبير لشعب كريم .. أنصتت قلوب الملايين على امتداد هذه الأرض المباركة إلى ملك القلوب وهو يقول: «يعلم الله أنتم في قلبي»، ويقول: «كم أنا فخور بكم»، ثم يقول: «تعجز المفردات عن وصفكم .. أنتم صمام الأمان لوحدة الوطن»، ويختتم قائلا: «لا تنسوني من دعائكم». هو قائد استثنائي إذن وهي علاقة متفردة بين الحاكم والمحكوم. إنها صورة عميقة الأبعاد لتلاحم راسخ بين قائد كريم وشعب كبير. شعب يعيش في قلب قائده وقائد يحتل مساحة قلوب شعبه .. وعقب الكلمة الضافية .. أتبعها بعشرين أمرا ملكيا لامست كافة مناحي حياة المواطن واستهدفت خيره ورفاهيته .. لتعكس تلمسا لصيقا من قبل القائد لاحتياجات شعبه وتفاعلا عميقا مع تطلعاته. قدم خادم الحرمين الشريفين للعالم نموذجا تاريخيا لعلاقة مثالية بين قائد وأمته يندر أن تجد لها مثيلا في تاريخنا المعاصر .. ودلالاتها أن قيادتها ليست منعزلة عن شعبها .. بل هي قريبة منه تتفاعل بإيجابية عميقة مع طموحاته وتتلمس احتياجاته .. وهي لذلك تختلف عن دول تعيش اضطرابا ناتجا عن انعزال قياداتها عن شعوبها. إن الدراسة المتأنية لمعطيات الخير التي حفلت بها قرارات خادم الحرمين الشريفين التي صدرت في جمعة الخير والتي أدخلت بوادر الفرح والبهجة والسرور في نفوس المواطنين تبين أن خادم الحرمين الشريفين في استشعار عميق لثقل الأمانة وعظم المسؤولية وضع أهدافا محددة وانطلق في تحقيقها على محاور واضحة لمعالجة مشكلات معينة تواجه إنسان هذا البلد .. شملت توفير مصدر الرزق وتأمين السكن ومحاربة الفساد وترسيخ الأمن ودعم شأنه الشرعي وإعانة المواطن على أعباء المعيشة وتوفير الرعاية الصحية في إطار التنمية المستدامة المتوازنة. وحيث إن السكن هو الركيزة الأساسية للحياة الكريمة وهو مفتاح محاربة الفقر، فلقد حظي أمر توفير السكن للمواطنين بمشروع ضخم تضمن إنشاء 500 ألف وحدة سكنية بتكلفة تبلغ 250 مليار ريال. وفي تصوري إن هذا المشروع الحضاري الضخم ستكون له انعكاساته الإيجابية الكبيرة اجتماعيا واقتصاديا. وفي إطار هدف توفير السكن للمواطن رفعت قيمة الحد الأعلى للقرض إلى 500 ألف ريال دون أن يؤثر ذلك على عدد الممنوحين. وحرصا على توفير العدالة للمواطن وترسيخ الشفافية وإرساء قواعد النزاهة لمحاربة الفساد .. صدر قرار إنشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد .. ولدعم دورها وأهميتها تم ربطها بالملك مباشرة الأمر الذي سيمنحها القوة ويمكنها من القيام بدورها في محاربة آفة الفساد، سيما أن الأمر الملكي نص على محاسبة المفسد (أيا كان). وحظي رجال الأمن باهتمام المليك وتكفيهم الكلمات المضيئة التي وجهها خادم الحرمين الشريفين لهم ووصفهم بدروع الوطن .. ثم أمر بترقية المستحقين للرتب التالية والرفع عن أي حقوق أو التزامات مالية متأخرة للعسكريين لصرفها .. والرفع عن احتياجاتهم لتلبيتها. ولدعم الأمن أمر يحفظه الله بإحداث 60 ألف وظيفة عسكرية. وفي إطار مواجهة البطالة وفي سلسلة متلاحقة مع القرارات السابقة أمر حفظه الله بصرف 2000 ريال شهريا للعاطلين عن العمل .. وشكل لجنة من وزيري التجارة والعمل للاجتماع بشكل عاجل برجال الأعمال لتنفيذ آلية توظيف السعوديين .. وتأكيده على رفع تقارير بذلك له شخصيا. ولدعم الشأن الشرعي تضمنت منظومة الأوامر دراسة إنشاء مجمع فقهي سعودي ودعم هيئة الأمر بالمعروف بمبلغ مائتي مليون ريال لاستكمال منشآتها وتأمين احتياجاتها وإنشاء فروع للإفتاء في مختلف المناطق .. وتعمير وترميم بيوت الله ودعم جمعيات تحفيظ القرآن. ولأهمية صحة المواطن فلقد حظي الشأن الصحي بنصيبه من منظومة الخير .. حيث خصص 16 مليار ريال لتوفير الرعاية الصحية التخصصية في مختلف المناطق لتحقيق التنمية الصحية المتوازنة .. كما رفع حجم تمويل إنشاء المستشفيات الخاصة من 50 إلى 200 مليون ريال تشجيعا للاستثمار في القطاع الصحي تلبية للاحتياجات الصحية المتزايدة. وحرصا على مساعدة المواطنين في تحمل الأعباء المعيشية تضمنت منظومة القرارات صرف راتب شهرين للمدنيين والعسكريين والمتقاعدين وكذلك صرف مكافأة شهرين للطلاب والمبتعثين. كما تضمن ذلك وضع حد أدنى للأجور قدره 3000 ريال شهريا. ورغبة في حماية المواطنين من جشع بعض التجار تضمنت منظومة الأوامر دعم وزارة التجارة ب 500 وظيفة رقابية .. وإقرار محاسبة المتلاعبين بالأسعار والتشهير بهم. وأخيرا، فإن على قطاعنا الخاص واجب التفاعل مع معطيات الخير التي حملتها أوامر خادم الحرمين الشريفين. وعلى المواطن واجب الحرص على أن يكون كعادته في مستوى تطلعات قائده. وقبل ذلك، فإن على الأجهزة الحكومية التنفيذية واجب العمل على تنفيذ هذه الأوامر السامية دون أي تأخير. ولا يسعنا ختاما إلا أن ندعو المولى عز وجل أن يحفظ قائد مسيرتنا وأن يديم على هذه البلاد وأهلها كريم نعمائه. إنه سميع مجيب.