هذ الكتاب ينتمي إلى السيرة الذاتية لديفيد روكفلر، وربما كان ينطلق الاهتمام به في أمريكا عبر القرابة القديمة التي تربط ديفيد بالسيد روكفلر، إذ لعب الأخير أكبر دور في قصة النفط الأمريكي إبان المراحل التي خاضت فيها شركات العالم الغربية حربا ضروسا لا تنقطع من السجالات. هذا الكتاب من تأليف ديفيد روكفلر، فهو الابن الأصغر للسيد روكفلر وكما كان الأخير مؤثرا في صناعة النفط واستثماراته التي قادت أخيرا إلى استصدار قانون أمريكي إبان عهد الرئيس روزفلت يمنع الاحتكار، فيبدو أن الابن الآيل سيرته بطي هذا الكتاب ولد في واحدة من أغنى العائلات في أمريكا. في هذا الكتاب يتناول المؤلف علاقاته وحواراته الرفيعة المستوى مع زعماء العالم أمثال من تشوان لاى وميخائيل غورباتشوف والرئيس المصري الأسبق محمد السادات وكذلك أرييل شارون، كما يتناول المؤلف رحلاته التي أفضت به إلى أسرار وقصص يعيد صياغتها من خلال هذا الكتاب. يصف النقاد المؤلف أنه مواطن أمريكي ولد وفي فمه ملعقة من ذهب. وقد هيأته ظروف حياته وأعماله لكتابة سرديات غاية الانفتاح والتألق والطرافة. يستلهم المؤلف حياته منذ أن كان ضابطا في الاستخبارات العسكرية في الحرب العالمية الثانية، شارحا كيف استطاع من خلال ظروف عمله تطوير شبكة اتصالات يلجأ إليها حين الضرورة من أجل الوصول إلى المعلومات الصحيحة في الوقت الصحيح. استثمر المؤلف اتصالات كثيرة التقاها من خلال سيرته الشخصية وتمكن من توظيفها لصناعة تعبئة سردية منقطعة النظير على الطريقة الأمريكية، ولذلك فمن بين ما لا يقل عن ألف اتصال استطاع المؤلف الجمع بين عدة أقطاب في ذاكرة واحدة، فهو يتحدث في سرديات تتناول نجوم كبار الفن وعلماء نفس أمثال بابلو بيكاسو، سيجموند فرويد، وفيوريلو لاغورديا ورجالات أعمال متنفذين وشيوخ نفط وأقطاب قوة وصناع قرار من أمريكا اللاتينية وغيرها، كما يلقي ببعض الظلال على حواراته مع هنري كيسنجر لإقناع إدارة الرئيس كارتر وقتئذ السماح للشاة الإقامة في أمريكا وهو الإجراء الذي لم يكن صائبا؛ لأنه أثار أزمة الرهائن الأمريكيين في إيران. هذا الكتاب لا يضم بين دفتيه قصصا أمريكية حدثت في الواقع لأكثر من نصف قرن، ولكنه بالإضافة إلى ذلك يضيء حياة وتجارب شخصيات أمريكية وعربية ولاتينية أيضا وجميع تلك الشخصيات الكونية لعبت أدوارا فاعلة من خلال مواقعها في مراحل متفاوتة، هذا عدا تأثير نفوذها في الخارج. ومن هنا لا يقدم لنا المؤلف جوانب من سيرته الذاتية، ولكنه بالإضافة إلى ذلك يؤرخ ويضيف ويكتب عن آخرين عبروا ذات مرة الذاكرة الأمريكية في مراحل متفاوتة بقلم ديفيد روكفلر نفسه. Memoirs David Rockefeller Autobiography - 560 pages