ربما الغالبية ذهبوا للخارج واحتكوا مع مجتمعات أخرى، وليس بالضرورة أن تكون تلك المجتمعات مختلفة كثيرا في ثقافتها، وحتى لا يذهب المقال وراء المحيطات، سأتحدث هنا عن «البحرين والإمارات» تحديدا، فالكثير منا ذهب لهناك وشاهد وتأمل الطرقات وآلية القيادة داخل الدوار، أو حين يضيق الطريق وبدل أن يكون ذا مسارين يصبح بمسار واحد بسبب أعمال الطرقات. ستلاحظ ودون أن يكون هناك رجل مرور ينظم السير، أن أغلب من يقودون السيارات سيتبعون نظاما أو عرفا اتفقوا عليه دون أن يوقعوا عليه. ستبدأ الحركة هكذا: سيارة من المسار الأول، يليه سيارة من المسار الثاني، وهكذا دون أن يضع أحدهم يده على المنبه ليرفع وتيرة غضب العالقين بالزحام. تبدأ الحركة وإن كانت بطيئة إلا أنها منظمة، ولا تحتاج رجل مرور ينظم آلية هذه الحركة، فيبدو لك أنت القادم من طرقات مدنك، أن هؤلاء العالقين بالزحام تعاملوا مع الأمر على أن هناك مشكلة، وأن الجميع بدأ يشارك في حل المشكلة، ولم يحاولوا الهرب من المشكلة وترك الناس عالقين بها إذ يبدأ أحدهم بدفع سيارته ليهدد الآخرين كي يهرب من المشكلة التي تورط بها الجميع، مع أن لا ذنب لهم إلا أنهم جاءوا مع هذا الطريق الذي يحتاج لإصلاحات. بالتأكيد أنت القادم من مدننا المزدحمة سيدهشك هؤلاء الذين قرروا أن يتشاركوا في حل المشكلة، فيما بعد ستختفي دهشتك إذ تتساءل: «هم أحسن منا بإيش»؟ ستترك السؤال وتنقض على أفراد المجتمع، تأكل لحمهم، «همج عرابجة مجانين ووو إلخ»، مع أن هؤلاء الذين انقضضت عليهم وأكلت لحمهم، لو وضعوا مكانك سيحدث لهم نفس ما حدث لك، وسيندهشون ويعجبون بأولئك الذين شاركوا في حل المشكلة ولم يهربوا منها، وبعد هذا سيأكلون لحم أفراد المجتمع بنفس الطريقة التي فعلتها. وحين نعود لمدننا سننسى كل شيء ونمارس مع البقية الهروب من المشكلة وليس المشاركة في حلها، والسبب أن كل ما شاهدته هناك، وما يحدث بطرقاتنا، ما هو إلا سلوك، والسلوك يكتسبه الفرد من الآباء والمجتمع. بالتأكيد أنت لا تستطيع تغيير كل هذا، ولا يمكن لك أن تبني سلوكا جديدا لأفراد المجتمع، لأن لا سلطة لك على وزارة التربية والتعليم، لتعيد بناء السلوك باتجاه حل المشكلة وليس الهرب منها بالخداع. بيد أنه يمكن لنا أن نغير سلوكنا، إن نجح أحدنا في هذا ستفقد طرقاتنا همجيا واحدا وإلى الأبد. S_ [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 127 مسافة ثم الرسالة