أكد عدد من المختصين أن الوسطية منهج يعكس الواقع الاجتماعي لا يخضع للأهواء، مؤكدين ضرورة تعزيزها في أوساط الشباب، وقيام العلماء والمختصين ببيانها، وتشكيل مجالس ولجان تنسيقية لتوعية الشباب والمجتمع بأهمية الاعتدال والوسطية، ومحاربة الأفكار الضالة، وتحقيق الأمن الفكري، وتوحيد الإجراءات وتنسيقها لنشر الوسطية. فقد طالب إمام وخطيب المسجد الحرام الدكتور عبدالرحمن السديس باستنهاض همم ولاة أمر المسلمين والعلماء والدعاة للقيام بدورهم في تحصين الأمة من الأفكار المنحرفة والمتعصبة، والأحزاب واللوثات المخالفة لمنهج الحق، وحث المجتمعات على التمسك بالمنهج النبوي القويم. وأكد السديس أن علماء الإسلام اعتنوا ببيان حقيقة الوسطية، وأنها منهج دعوي لا تخضع للأهواء والرغبات، وتضبط بضوابط الشريعة، مشترطا أن تكون على متقضى النصوص والأدلة الشرعية، ووفق سنة الرسول صلى الله عليه وسلم ومقاصد الشريعة، ومنهج سلف الأمة، وأن يتولى توضيحها أهل العلم المعتبرون، وليس أهل الأهواء أو قليلي العلم. ورأى أن أسباب الوسطية الاعتصام بالكتاب والسنة، والنهل من معين العلم الشرعي، والرجوع إلى العلماء، وطاعة ولاة أمر المسلمين، ولزوم جماعتهم، والأخذ بمبدأ الحوار، وسماع الرأي، وتقبل الرأي الآخر، مشيرا إلى أن من معوقاتها الجهل، والغلو، والتعصب، والانحلال، واتباع الهوى، ومفارقة الجماعة، وضيق الصدر، والتحزب للرأي أو الفكر أو السلوك أو المنهج. من جانبه، تطرق الأكاديمي والكاتب العكاظي الدكتور صالح بن سبعان إلى الجوانب التدريسية في نشر الوسطية، موضحا «نحن الأكاديميون نستقبل في مدرجاتنا شبابا وشابات على حافة سن النضج، تمت صياغتهم ذهنيا ونفسيا وسلوكيا بعيدا عنا وعبر تجارب مختلفة»، مشيرا إلى بعض هؤلاء الشباب تأثروا بنمط التفكير المتطرف الأحادي، الذي لا يحتمل الاختلاف، مما يجعله فريسة سهلة للغلو في كل شيء وليس للغلو الديني وحده. وأوضح أن مسؤولية أعضاء هيئة التدريس في الجامعات لها دور مؤثر في توجيه طلابهم نحو الوسطية، وغرس قيم التسامح، وترسيخ آداب الحوار والاختلاف، مؤكدا «بإمكاننا أن نعيد صياغتهم فكريا على النحو الذي يجعلهم وسطيون بالفعل فكرا وسلوكا». وأكد أن الوسطية نتيجة تعكس الواقع الاجتماعي من جميع جوانبه الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، مشيرا إلى أنه قبل عدة عقود كانت الوسطية نظرية، لأن المجتمع كان يسوده العدل والوئام، وعندما ظهر التزمت والعنف ظهرت الحاجة إلى ترسيخ الوسطية. وبين ابن سبعان أن الوسطية تختلف معاييرها من مكان لآخر، فعندما يسود العدل الاجتماعي والسياسي، وعندما تحكم الأفكار السليمة في المجتمع، تظهر الوسطية، وعندما تغيب هذه القيم فتغيب الوسطية مبينا أنها غرسة تسقى بالعدل والمساواة