طالب إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور عبدالرحمن السديس، بتشكيل مجالس ولجان تنسيقية بين القطاعات الحكومية والأهلية والتعليمية والأمنية والتربوية لتوعية الشباب والمجتمع بأهمية الاعتدال والوسطية ومحاربة الأفكار الضالة وتحقيق الأمن الفكري، وتوحيد الإجراءات وتنسيقها لنشر الوسطية في الشؤون المختلفة، واستنهاض همم ولاة أمر المسلمين والعلماء والدعاة للقيام بالدور الراشد في تحصين الأمة من الأفكار المنحرفة والمتعصبة والأحزاب واللوثات التي تخالف المنهج الحق، وحث المجتمع على التمسك بالمنهج القويم. وأكد خلال محاضرته التي ألقاها ضمن الفعاليات المصاحبة لمؤتمر «دور الجامعات العربية في تعزيز مبدأ الوسطية بين الشباب العربي» الذي تنظمه جامعة طيبة أمس، أن دور الجامعات في تعزيز مبدأ الوسطية بنفوس الشباب لا يزال ضئيلا، مضيفا أن عليها مسؤولية في حسن اختيار الإداري والمسؤول الوسطي المعتدل وأستاذ المادة الذي يربي الأبناء على منهج الاعتدال. وأوضح السديس أن الوسطية من أهم مميزات ديننا العظيم، وهي سمة ومنهج ومبدأ مهم في الدين القويم «الله تعالى أثنى على الأمة ووصفها بأنها الأمة الوسط وأنها منهج النبوة، وأن التقصير في هذه المهمة والمبدأ الكبير يزج بالأمة إلى تيارات خطيرة، خاصة أننا نعيش عصر ثورة الاتصال وتفجر المعلومات والشبكات والمواقع والمنتديات التي كانت سببا وعاملا رئيسيا لانحراف كثير من الشباب وأبناء المجتمعات الإسلامية عن المنهج الوسط فاتبعوا تيارات الغلو والتطرف، ومن جهة أخرى تطرف آخر مقابل بالعلمنة والعولمة والتغريب والتميع والانهزامية وتضييع الثوابت وهز المعتقدات والمبادئ والقيم». وعن حقيقة الوسطية، قال إن علماء الإسلام اعتنوا ببيان حقيقتها وأنها لا تخرج عن معنيين يؤديان لمعنى واحدا الأول منهما أن «وسطا» أي خيارا عدولا والثاني بين طرفي الإفراط والتفريط. وحول أهم سماتها، أكد أن الوسطية منهج ودعوى لا تخضع للأهواء والرغبات تضبط بضوابط الشريعة الإسلامية السمحة، ومن خصائصها أنها ربانية وعلى هدي خير البرية وأنها موافقة للفطرة، والسلامة من التناقض والانضباط والشمول والكمال والتوسط بالأمور كلها والتيسير ورفع الحجر، وكذلك العدل والحكمة وسلوك المنهج الصحيح بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وذكر السديس أن أهم ضوابط الوسطية أن تكون على مقتضى النصوص والأدلة الشرعية، وأن تكون على وفق سنة الرسول صلى الله عليه وسلم ومقاصد الشريعة الإسلامية ومنهج سلف الأمة أن يتولى توضيحها أهل العلم المعتبرون وليس أهل الأهواء أو قليلو البضاعة في العلم، مبينا أن من معوقاتها الجهل والغلو والتعصب والتحزب للرأي أو الفكر أو السلوك والمنهج، والانحلال، واتباع الهوى والتعصب للرأي ومفارقة الجماعة وضيق الصدر وعدم انشراحه بتعاليم الدين «وسائل الوسطية تتمثل في أربع وسائل هي المنزل والأسرة والمدرسة والجامعة التي يقضي بها الطالب كثيرا من وقته، ويجب أن يجد بها المنهج الوسطي، وكذلك المسجد ودور الأئمة والخطباء في ترسيخ مبدأ الوسطية، وكذلك وسائل الإعلام». وأوصى السديس بضرورة الوعي بأهمية الوسطية والاعتدال، وقيام الأسرة بدورها الرائد في التربية والحفاظ على النشء من التيارات الفكرية المنحرفة، وإضافة مادة تعنى بالوسطية ضمن المقررات الدراسية بالثانويات والجامعات وتجلية الشبهات حول الغلو والتطرف وبيان خطرهما على الفرد والأمة، والعمل على ميثاق شرف وسطي تعليمي إعلامي تربوي يستمد ذلك من كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، والتتابع والتوارد على عقد المؤتمرات والندوات النافعة لتوعية المجتمع بأهمية الوسطية، والعمل على إنشاء قناة فضائية عنها، والعمل على طباعة ونشر الكتب التي تتحلى بها والاعتدال وتحارب التعصب والغلو وتدعو إليها، وإحياء رسالة المسجد وتأكيد منهج السمع والطاعة لولاة أمر المسلمين .