قرأت ما كتبه الدكتور سلمان العودة في عدد الأربعاء 9/3/1432ه بعنوان (ادخلوا مصر آمنين) فوجدت فيه المخالفة للمنهج الشرعي في التعامل مع الأحداث الراهنة ما يستوجب البيان، فقد قام بتمجيد ما حصل ويحصل الآن في بعض المجتمعات الإسلامية من الثورات والمظاهرات بعبارة غريبة تنبئ عن ضحالة علم بنصوص الشريعة ومقاصدها. وهي عبارة مخالفة للمنهج الشرعي في تعامل الرعية مع الراعي الذي أوجب الله تعالى له عليهم السمع والطاعة في غير معصية، وذلك في نصوص كثيرة يضيق المقام عن استقصائها، منها قوله سبحانه (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) وقوله صلى الله عليه وسلم في وصيته الشهيرة: (أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن كان عبدا حبشيا فإنه من يعش منكم بعدي فيسرى اختلافا كثيرا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين فتمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة) الحديث. بل: جعل سبحانه طاعة ولي الأمر من طاعته وطاعة رسوله لازمة لهما لا تنفك عنهما بحال، كما في قوله صلى الله عليه وسلم: «من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله، ومن يطع الأمير فقد أطاعني، ومن يعص الأمير فقد عصاني، وإنما الإمام جنة يقاتل من ورائه ويتقى به». ففيه: أن طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم من طاعة الله، وطاعة ولي الأمر من طاعة الرسول، فتبين بهذا التلازم التام بين الطاعتين: طاعة الله ورسوله وطاعة ولي الأمر في غير معصية. وتبين منه أيضا أن ولي الأمر جنة يتقى به الفتنة والمحنة والفرقة، وتجتمع به الكلمة ويتحد به الصف، وبعدمه تحدث الفتن، وينشق العصا، ويفترق الصف، وتختلف الكلمة. قال الإمام النووي رحمه الله: قال صلى الله عليه وسلم «الإمام جنة»: أي: كالستر، لأنه يمنع العدو من أذى المسلمين، ويمنع الناس بعضهم من بعض، ويحمي بيضة الإسلام، ويتقيه الناس، ويخافون سطوته». فبهذه النصوص وغيرها يظهر لنا جليا ما تحدثه هذه المظاهرات من خلل وعاقبة سيئة على المجتمعات الإسلامية. أخي الكريم لعله من المناسب في هذا المقام أن نتذكر نعمة الأمن ورغد العيش التي امتن الله تعالى علينا بهما في هذا البلد الآمن بتحقيق العقيدة وتحكيم الشريعة وإظهار شعائر الإسلام، ومنها: شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. فلنحافظ على هذه النعم بشكرها على الوجه الذي يرضيه سبحانه بإقامة ما أوجب علينا واجتناب المعاصي والآثام، فإن الذنوب جلابة النقم، واستقرار النعمة مقرون بشكرها، قال الله سبحانه (وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون). ولنستعذ بالله تعالى من الفتن، ولنلزم جماعة المسلمين وإمامهم، فإن يد الله مع الجماعة، والسلطان خليفة الله وظله في أرضه. د. علي بن فهد بن عبدالله أبا بطين المدينة المنورة