لن نجتر أن مجهر رؤية العالم العربي هو محصلة ضمن هزات سياسية ارتدادية مآلاتها تسارع التغيرات في المنطقة، ذات تماهٍ أوتباين تقتضي إخضاع الأمر بمجمل خريطته إلى تمحيصية دقيقة لتبصر المتسق والمنزلق. وهذا يقتضي قراءة للنسيج الداخلي لكل دولة. وبذات الجوهرية، دراسة مجموعة العوامل المحيطة والمؤثرة، ما ليس مجاله هنا إلا على الحالة الليبية. وفي العمومية، هناك تمحيصيتان للمنطقة العربية: مبحثية سياسية متسقة، وأخرى طليعية استطلاعية مشتتة. وإن استدعينا منهجية التحليل، يستبين أن الذهنية العربية الأولى عقلانية حصيفة، وعند الثانية حالة متهافتة، أما العقل العربي، بجزئيته، تمرحل على تكوينية قوامها بنية بطريركية تراتبية. إذن، مرجعيا، نحن أمام ثلاثة أنواع من الشرعية السياسية المتمثلة في السلطة التقليدية، أي تلك القائمة على التاريخ والعادات، والسلطة الكاريزمية، المستمدة من قوة الشخصية، ثم تلك الرئيسة القانونية، بمعنى المستندة إلى إطار من القواعد الرسمية القانونية. لنا أن نفصح، أن تقاذف الأوراق وسرعة التغيير على الخريطة العربية، والتقاء المواقف المتناقضة مطلبيا، له معاييره من الوعي وإدراك ماورائياته. بيد أنه لا يمت إلى الاعتقاد بحتمية استمرارية احتجاجياته بشيء، إذ تنتفي محرضاته في بعض دول المنطقة. إن على الشعوب التي قادت الثورات الريادية في الشمال الأفريقي، أن تستوعب أنها تتحمل أعباء تاريخية جسيمة، ذات تأثير لا يقتصر على جغرافيتها فحسب، بل تنسحب على المنطقة برمتها، والتي يترافد منها، في الأعماق، مايزعم أنه مخاض ميلاد نظام عالمي جديد يشرئب لما بعد الرأسمالية. فلنسلم جدلا، أن المجموع العربي الراهن تنتابه أزمة تقويضية، وفي فمه السؤال: أي أزمة هي ضمن نسيج النموذج الليبي مثالا؟. هل تكمن في العطش إلى التحول الديموقراطي، أم مأزق تكلس شمولي؟. سيان، فالأول له استراتيجياته التحولية نحو التغيير، بغض الطرف عما إذا كان هناك تغييب لمبدأ المشاركة السياسية، أو حتى قصور في الثقافة السياسية. وأزمة اقتصادية مزمنة وغياب أية خطة مستدامة للتنمية. لكن السؤال الملح هو: أية ديموقراطية؟.. فقد تأتي الديموقراطية بالفوضى، وهو ما عرفته ألمانيا في النصف الأول من القرن العشرين حين أتى هتلر إلى الحكم بالديموقراطية، وضرب الديموقراطية بسلاح الديموقراطية. الأمر الذي يستشكل فكرة عمومية الليبرالية وتداول السلطة، وحرية التعبير والانتخابات، فضلا عن ماهية التعددية المطلوبة داخل هذه الديموقراطية؟. متاهة لا نعلم أين تودي بالشمال الأفريقي، من جوانبه، فوقه، تحته، ومن خلاف. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 242 مسافة ثم الرسالة