تصدرت قضايا الفساد التي علق بها بعض موظفي القطاع العام صفحات الفيس بوك والإنترنت لمحاولة نهب المال العام يفتح الباب للتساؤل حول مدى تجذر شبكات الفساد في القطاع العام. ما حدث يجعل من الخطير بمكان السكوت عنه ويشير إلى مدى احتياج القطاع العام لاجتثاث أوعية الفساد من شرايين التنمية. لعل أبرز منعطف إيجابي في مكافحة الفساد من وجهة نظري تحذير المفتي في خطبة الجمعة قبل الأخيرة من أن بعض العقود الحكومية لا يتم إرساؤها إلا على جهات معينة لا يمكن تجاوزها لأنها تدفع رشوة. وإشارته إلى رصد موازنات ضخمة لمشاريع لا تستحق هذه الموازنات الكبيرة. وتأكيده على أن هناك مشاريع كبيرة لم تمض عليها سوى فترة يسيرة تحتاج إلى ترميم لأنها لم تنفذ بحسب المطلوب. خطبة سماحة المفتي والتي أشار فيها صراحة إلى وجود فساد في القطاع العام يحتم ضخ جرعات إصلاح شاملة وبشكل جذري وفوري ترتكز على تحديد سيناريوهات الفساد والمثلث متساوي الأضلاع الذي استند عليه الفاسدون (توفير المنتفعين، التحصن بالنظام، ثمن الفساد) وفي الوقت ذاته يحتم لصيانة الوطن ومشاريعه ومواطنيه ضخ جرعات أمل أكبر لكل إنسان صان عقله وقلبه وجيبه من تجيير المال العام إلى حسابه الشخصي أو الانتفاع بالمنصب الوظيفي لتحقيق الأهداف النفعية الضيقة. إن الدور الحيوي المناط بسلطات الرقابة المالية والإدارية لا يقف عند الحدود التقليدية في التنقيب عن الفساد عبر أدواته المتداولة بل البحث عن جبال الجليد التي بدأت تظهر أطرافها، والتعاون مع المصارف الأجنبية والمحلية للكشف عن شبه الفساد والفاسدين بحيث لا يتم الاستناد في البحث على النطاق القانوني فحسب بل بتحفيز المواطنين وموظفي القطاع العام للإفصاح عن أي شبه يعتقد بوجودها والبحث بشكل منطقي، فاللصوص هم الأعرف والأكثر إدراكا بالنواحي القانونية لحماية أنفسهم من المساءلة ولكنهم الأجهل في النواحي المنطقية نظرا لحرصهم على التمتع بما اختلسوه. إن ما أفصح به سماحة المفتي يؤكد أن الجميع يتوق لضخ جرعات إصلاح أكبر وأن يتم التحقق من أداء موظفي القطاع العام والبحث عن شبكات الفساد وتفكيكها ولعل نقطة الانطلاق الرئيسية تبدأ بالتشهير بالفاسدين ومحاكمتهم محاكمة علنية وإعداد مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني لحوارات تعنى بمكافحة الفساد وتطوير أداء القطاع العام ودعم منظومة الإصلاح الشامل بحيث يمكن تقييم الواقع ورسم سيناريوهات الإصلاح بجدول زمني يسهل تحقيق الإصلاح لأهدافه، وفي الأجل الطويل من المهم إعداد مناهج تعليمية تعنى برفع الوعي بالإصلاح ومكافحة الفساد بأنواعه والمواطنة والإبداع في التعليم العام والعالي ورسم تخصصات في التعليم العالي غير تقليدية تعنى بالتنمية والابتكار ودراسات المستقبل ليتسنى رسم معالم دولة حديثة قادرة لأن تكون نموذجا عالميا للإصلاح والتطوير والبناء، فمتى نبدأ؟ [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 246 مسافة ثم الرسالة