أكد حقوقيون وأكاديميون على ضرورة إنشاء مجلس، أو هيئة، أو جمعية مستقلة تعنى برصد الأنظمة المتعلقة بالمرأة والمراد إصدارها أو تعديلها لتوجيهها للجهات المختصة لتفعيل تلك المقترحات، لحماية المرأة السعودية وصون حقوقها التي منحتها لها الشريعة. وقالت ل«عكاظ» نائبة رئيس لجنة الدراسات والاستشارات في الجمعية السعودية لحقوق الإنسان الدكتورة سهيلة زين العابدين، إن من أهم الصعوبات التي تواجه عمل المرأة، محدودية نطاق مجالات العمل للمرأة، ما يؤدي إلى «قتل» قدرات المرأة، وكفاءاتها، وزيادة معدلات البطالة النسائية. ووصفت نطاق عمل المرأة بأنه «محدود جداً». ورغم أنها قدرت ثروة النساء في المملكة بنحو 375 مليار ريال، إلا أنها أشارت إلى أن المستثمر من تلك الثروات لا يتجاوز 75 مليارا فقط. وعزت الدكتورة سهيلة سبب تجميد 80 في المائة من أموال النساء السعوديات في الحسابات البنكية إلى فرض الوكيل والمدير على المرأة، ما يعرضها للابتزاز والاستغلال، ففضلت الكثيرات منهن تجميد أموالهن على استثمارها. وأشارت إلى معوقات أخرى تتمثل في بعض الأنظمة في المملكة، فالمرأة المتزوجة تحرم من حق الاقتراض من صندوق التنمية العقاري، ويشترط لمنحها القرض أن تكون قد بلغت سن الأربعين، ولم تتزوج، أو أن تكون أرملة، أو مطلقة مضى على طلاقها ثلاث سنوات. بينما يحصل الذكر على قرض بمجرد بلوغه 21 عاماً. وأشارت إلى أن التقرير الأول للجمعية الوطنية لحقوق الإنسان، حول أوضاع حقوق الإنسان في المملكة، أوصى أن تعمم مؤسسة النقد العربي السعودي على البنوك، بضرورة إلغاء شرط موافقة ولي الأمر كي تحصل المرأة الراشدة على حساب بنكي باسمها؛ وعلى أي جهة حكومية أخرى أن تمتنع عن أي ممارسات تمييزية ضد المرأة. ومن جانب آخر، أظهرت إحصاءات لوزارة العمل، حول واقع المرأة في سوق العمل السعودية، أن نسبة قوة العمل النسائية مقارنة مع مجموع قوة العمل الكلية في المملكة بلغت 16.5 في المائة، وأن نسبة النساء العاملات لمجموع قوة العمل النسائية 12 في المائة. وتشكل العاملات السعوديات في القطاع الحكومي 88 في المائة من بين جميع العاملات. أما عن القطاع الخاص فتبين الإحصاءات أن إجمالي العاملات 2 في المائة، بينهم 35 في المائة سعوديات. وذكرت الإحصاءات أن معدل البطالة لدى الإناث في المملكة يصل إلى 28.4 في المائة، مقارنة مع الذكور الذين بلغت نسبتهم 6.9 في المائة. وأوضحت الإحصائية أن نسبة العاطلات عن العمل اللائي يحملن شهادات تعليمية فوق الثانوية 78 في المائة إلى إجمالي العاطلات السعوديات. وأشارت الإحصائية إلى أن أسباب انتشار ظاهرة البطالة النسائية في المملكة، تعود لعوامل اجتماعية، اقتصادية، ثقافية، وتنظيمية. وتعود أسباب هذه النسب والأرقام إلى حقائق تفسرها، وتوضحها. فبحسب إحصاءات وزارة العمل، تعود محدودية الفرص الوظيفية المتاحة إلى أسباب من حيث، عدد الوظائف المتاحة للمرأة، والمجالات المتاحة لها، ونوعية الوظائف، إضافة للمناطق التي توجد فيها تلك الوظائف. حق المرأة في العمل وعن نظام العمل، تذكر إحدى الدراسات أنه لا يوجد فيه ما يحمي حق المرأة في العمل. إلا أنه أورد مواد تعنى بعمل المرأة (من 149 إلى 160)، التي تتضمن كل صور الحماية، والمزايا للمرأة العاملة. بل إنها ميزت بين المرأة والرجل في سن التقاعد، بأن جعلت المرأة 55 عاماً، والرجل 60 عاماً، إضافة إلى أن النظام أعطى للمرأة الحق في مكافأة نهاية الخدمة، «إذا أنهت العقد خلال ستة أشهر من تاريخ زواجها أو ثلاثة أشهر من تاريخ وضعها». قرارات تواجه معوقات وكان مجلس الوزراء، أصدر عدة قرارات تعنى بعمل المرأة، وأهمها القرار رقم 120 بشأن زيادة فرص ومجالات عمل المرأة السعودية، والقرار 178 بشأن تراخيص تشغيل النساء في أقسام وفروع المنشآت الخاصة، وتطبيق ضوابط تشغيل المرأة بأجر لدى الغير، وقرار مجلس الوزراء رقم 63 الذي وضح بعض الإجراءات النظامية الخاصة بعمل المرأة في القطاعين الحكومي والخاص. ويضيف التقرير الأول، الصادر عن الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان، حول أوضاع حقوق الإنسان في المملكة، أن قرارات مجلس الوزراء المعنية بشؤون المرأة، تجد معارضة من بعض شرائح المجتمع، إلا أنه وصف أن المجتمع السعودي بشكل عام بأنه «يساند حقوقا معينة للمرأة». ويذكر التقرير، أن «العقبة الأهم»، الأعراف والتقاليد التي لا تستسيغ عمل المرأة في بعض المجالات. وذكرت رئيسة المجلس التنفيذي للفرع النسائي، في غرفة الرياض التجارية، سيدة الأعمال هدى الجريسي، أن المجلس عقد ورشة عمل، بحثت أسباب عدم تنفيذ جميع فقرات القرار 120، وقالت إنهم «متفائلون إن شاء الله بإزالة العوائق». فرص عمل تناسب ظروفها ورغم كل الصعوبات والمعوقات، إلا أننا نجد المرأة حققت إنجازات، وأثبتت أنها قادرة على تحقيق النجاح في العديد من المجالات، فالمرأة خاضت انتخابات الغرف التجارية الصناعية، وحصلت على عدد من المقاعد، كما هو الحال أيضا في مجالس بعض الجمعيات المهنية. وكان وزير العمل عادل فقيه، عبر في منتدى السيدة خديجة بنت خويلد، عن البيئة المنشودة لعمل المرأة، وقال إن وزارة العمل تعمل على تحديث ما يخص المرأة من اللائحة التنفيذية لنظام العمل، وذلك بمراعاة التوازن بين واجباتها كزوجة وأم، أو معيلة لأسرتها، وبين حقها لكسب الرزق الكريم. وأضاف وزير العمل، أنه ستتاح فرص عمل للمرأة تتناسب مع ظروفها الخاصة، كالعمل الجزئي في القطاع الخاص، والعمل عن بعد، والعمل في المنزل. المرأة والتحديات وإذا كان المراقبون يؤكدون أن أهم التحديات التي تواجه مجتمعنا اليوم يتمثل في تآكل الطبقة الوسطى، فإن عمل المرأة له دور كبير في مواجهة هذا التحدي، من خلال زيادة دخل الأسرة، المقتصر حاليا في كثير من الأسر على دخل الرجل فقط.