طبيبة جراحة مؤهلة، وباعتراف كلية الطب التي تخرجت منها، وباعتراف وزارة الصحة التي تعمل تحت إشرافها، لحمل المشرط لتمارس العمليات الجراحية بعد تشخيصها للمرض، ويثق المرضى والأطباء والمستشفى الذي تعمل فيه بأنها قادرة ومتمكنة ومسؤولة، بحيث تقع الأجساد تحت مشرطها لتعالج من هو بحاجة إلى إجراء عملية. إنها ليست مراهقة أو صبية غير ناضجة، فعمرها تجاوز 43 عاماً ومع كل ذلك تظل في نظر البعض، قاصرا ولا تعرف مصلحتها ولا تعرف شؤون الحياة، وهي بحاجة إلى أبيها «الولي» ليقرر لها مصيرها في أبسط الحقوق وهي قضية ارتباطها وزواجها، فكيف يمكن جمع هذه المتناقضات التي تعطيها كل الثقة وتحملها المسؤوليات الكبرى في إجراء عمليات جراحية للبشر وتزول كل تلك الثقة والمسؤولية عندما يتم الحديث عن حياتها الشخصية؟!. طالعتنا صحيفة الوطن (22/1/2011) بخبر هذه الطبيبة المعضولة من قبل والدها، والتي خسرت القضية التي رفعتها منذ مطلع العام الماضي للمحكمة العامة في المدينةالمنورة، وبالطبع تتذكرون أنها المحكمة التي تلبس فيها الجني «الفاسد» أحد قضاتها مما جعله ينهب بلا حساب، وهي ذاتها المحكمة التي رفضت دعوى مقدمة لها حول الآثار البيئية الضارة والتي سببت العديد من الأمراض للمواطنين بسبب إحدى الشركات.. هذه المحكمة إياها رفضت دعوى الطبيبة واعتبرتها عاقة بوالدها. قضيتها ليست جديدة، وليست فقط منذ بداية العام الماضي، فقد سبق لها أن رفعت قضية عضل وممارسة العنف والتعذيب من قبل والدها وإخوتها منذ عشر سنوات، وقد حلفوا أثناءها وبالقرآن الكريم بأنهم لن يتعرضوا لها، ومع ذلك تعرضت للعنف والإهانة والتهديد بالقتل، ومع كل ذلك تصبح «عاقة» في نظر قضائنا «المبجل» الآن أيضاً، الطبيبة الجراحة هذه ليست الوحيدة بين أخواتها، فلها أخت خرجت ولم تعد منذ ثماني سنوات، ولا أحد يعرف طريقها حتى الآن نتيجة ما تعرضت له من عنف شديد من قبل أسرتها، كما أن لها ثلاث أخوات كلهن تجاوزن الثلاثين من العمر ويواجهن ذات المصير، ومع كل تلك الحقائق الدامغة التي تثبت بأن ما ارتكبه والدها بحقها وبحق أخواتها والذي من وجهة نظر شرائع السماء والأرض يستحق العقاب في كل بلدان العالم التي تحارب العنف الأسري والتمييز الممارس ضد المرأة، ويأتي القضاء ليجبرها مرة أخرى على الرجوع إلى بيت هذا «الولي» بعد أن ارتضت لنفسها وهي الكادر الطبي المهم في بلادنا أن تعيش في إحدى دور الحماية الاجتماعية منذ عشر سنوات، تخيلوا طبيبة تمارس الجراحة وتعيش هذه الظروف النفسية القاهرة وتحت طائلة العنف والعذاب الأسري، ترى أين يمكن أن نرى هكذا صورة ؟ أين الخلل هنا؟ فالقضية هنا تحمل أكثر من جريمة، نعم جريمة فبالإضافة إلى عضلها، تعرضت وأخواتها أيضاً لعنف أسري فاضح أدى إلى أن تفر أختها من منزلها منذ ثماني سنوات بلا رجعة، ولكم أن تتخيلوا كيف تكون؟. الخلل إذاً في القوانين والتشريعات التي تسمح بهذه الممارسات الظالمة والتي بالتأكيد لا تنتمي لا للعدل ولا للمنطق ولا للإسلام الحق بالتأكيد ولكنها تمارس باسمه، الخلل في عدم وجود قانون يحدد الحقوق والواجبات وينصف المرأة في قضايا سن الزواج، والطلاق، والعضل، والنفقة ورعاية الأطفال وقبل كل شيء مفهوم الولاية الذي يجب إعادة النظر فيه جذرياً. كيف يمكن أن تكون المرأة «ولية» على صحة الناس وحياتهم وموتهم وليست «ولية» على نفسها؟! إلى متى تظل المرأة قاصرا مدى العمر، بحيث يصبح أبوها وإن كان فاسقاً أو فاجراً متحكما فيها. وكيف يكون أباً أصبحت ابنة من بناته تعاف أسرتها وتهرب! ويبقى «ولياً». لماذا لا تكون المرأة بعد وصولها إلى سن النضج ولية على نفسها؟ إن ما يجري للمرأة من عضل وتزويج للقاصرات «والطفلات» هو تشويه لإسلامنا وقضائنا وشذوذ عن المنطق والعقل وتثبيت الظلم الواقع على هذه الطبيبة. تقول الطبيبة الجراحة: «خوفي الآن على أخواتي اللاتي يواجهن نفس مصيري، ومازلن في بيت الأسرة فإن لم ينصفهن الشرع فلمن يلجأن؟ ولمن ألجأ أنا الآن». [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 193 مسافة ثم الرسالة