عندما كنا صغارا ندرج في الحارات القديمة.. كنا نسمع رجلا بدويا يحمل على رأسه زنبيلا كبيرا وهو يصيح قائلا: صيد البندق يا جراد قَرْمِشْ.. قَرْمش يا مراد!. فإن سمعنا منه ذلك هرعنا نحوه واستوقفناه فينزل الزنبيل المصنوع من الخصف معلنا للشارين أن الكيلة بريال والخمشة (أي مقدار القبضة) بقرش فنشتري منه بمقدار ما معنا أو حسب حاجتنا، لنذهب بالجراد إلى البيوت طالبين من سيداتها قلي الجراد أو شيه وتقديمه لنا مملحا حتى يصبح مقرمشا، وكنت ألاحظ أن الناس تأكل من الجرادة صدرها وتدع ما دون ذلك!. وعندما علم مدرس العلوم في المدرسة المتوسطة أن طلابه يأكلون الجراد (غاشت) معدته؛ لأنه لم يكن يتوقع أن الطلاب الذين أمامه من قوم يأكلون الحشرات؛ باعتبار الجرادة حشرة وباعتبار ثقافته الاجتماعية والإسلامية لم تسعفه وتجعله مطلقا على جواز أكل الجراد، فكيف لو علم ذلك المعلم أن في القوم من يأكلون الضب الذي هو نوعه من أنواع الزواحف الكئيبة المنظر والمنقلب؟! لكن عملية صيد وبيع وشراء الجراد توقفت بعد أن أصبح يرش بالمواد السامة، والكاتب الزميل محمد الفايدي صاحب خبرة إدارية في هذا المجال؛ لأن أول وظيفة حكومية تقلدها كانت في إدارة مكافحة الجراد قبل أن يتحول إلى الكتابة والصحافة، فيصيد أخطاء الإدارات والجهات!. ولكن عمليات التسميم لم تمنع بعض الواهمين من الاستمرار في البحث عن الجراد بهدف قليه أو شيه وأكله، معتقدين أو متوهمين أن له علاقة بالنشاط العام الذي يجعل آكله تماما في تمام! وهؤلاء الشارون الواهمون لا يأبهون بتحذيرات وزارة الزراعة ولا بما يقوله الأطباء عن أضرار السموم التي يرش بها الجراد على قلب وكلى وكبد الإنسان، وإن جاء لهم ناصح في هذا الأمر قالوا له: كبك من حكي (الدخاترة) ما عندهم إلا الخرطي.. وسلامتكم من البندق!؟ للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 162 مسافة ثم الرسالة