تزدهر الأسواق والمحال التجارية بسلع عديدة ومختلفة، بأشكال وألوان متنوعة تسر الناظرين، ويتهافت المستوردون في الدول العالمية على استيراد أفضل السلع ذات جودة عالية ومضمونة حتى يتعامل معها المستهلك بكل اطمئنان بعيدا عن الغش التجاري والآثار المترتبة على سوء المنتج. ويختلف الحال عندنا كثيرا عندما يتجه بعض المستوردين لمختلف أنواع البضاعة الاستهلاكية، وأؤكد (البعض) إلى استيراد أرخص السلع وأردئها في سبيل تحقيق مكاسب خيالية على حساب صحة المستخدم، لأن بعضها بدلا من أن تحمل علامة الجودة نجدها بضاعة مسرطنة. إحدى الدول الآسيوية العظمى في الحقل الصناعي تحمل خبرة واسعة في تقليد وإنتاج كل الأنواع من مختلف المواد الاستهلاكية وتحدد الأسعار على حسب ما يرغبه المستورد، واستشهد في هذا الجانب لقاء عبر قناة فضائية مع مسؤول صيني في وزارة التجارة يؤكد عدم مسؤولية بلده عن المنتجات المسرطنة التي تصدر إلى الدول العربية، معللا أن المستورد العربي يطلب أرخص وأردى السلع. وأضاف المسؤول الصيني، إن الصين تشترى مخلفات البلاستيك من نفايات بعض الدول العربية، ثم تصدرها على هيئة منتجات تم تدويرها ومعالجتها وقد تضمن أدوات منزلية ولعب أطفال وملابس وأكياس وزجاجات، والطامة الكبرى أدوات طبية مثل دعامات القلب وفلاتر الغسيل الكلوي. والمشكلة الكبرى أن المواد المسرطنة دخلت حتى في الشامبوهات، والمختصون يحذرون دائما من ضرورة فحص المكونات المكتوبة على قارورة الشامبو الذي يستخدمه الفرد للتأكد من عدم وجود مادة تدعى sodium laureth sulfat واختصارها sls، حيث اتضح أن هذه المادة تدخل في أغلب الشامبوهات لرغوتها وفي نفس الوقت لرخص ثمنها، وأثبتت أنها تسبب السرطان. ولا يختلف الحال في الملابس والأحذية المصنعة من ألياف صناعية رديئة بها مادة الكادميوم، وهذه المادة شديدة السمية، غير تقليد الماركات العالمية من الملابس والبرفانات وتباع للأسف في أسواقنا بأغلى الأسعار. وكلمحة طبية، فإنه لكي يتكون مرض السرطان لا بد أن يمر بثلاث مراحل، المرحلة الأولى: اسمها العامل، وهي المرحلة التي يبدأ فيها تكون الورم على مستوى الخلية بتغيير بسيط في عملها والمواد التي تسبب هذه المرحلة تسمى مواد مسرطنة. والمرحلة الثانية: اسمها التطور، ويبدأ الورم بعد ذلك في النمو والانقسام على حساب الخلايا الأخرى. أما المرحلة الثالثة: فتشمل الورم الأكلينيكي، وقد أصبح فيها الورم كبير الحجم، ويبدأ التأثير على الجسم مع ظهور الأعراض وإذا لم يعالج يستمر في النمو وتدمير الأنسجة المجاورة ويسير إلى باقي الأعضاء. وأخيرا .. فالموضوع خطير ولا يمكن شرحه بمقال فقط، فالمواد المسرطنة من أحد الأسباب الرئيسة في ازدياد نسبة السرطان في دول العالم، ونحن جزء من جغرافية خريطة العالم، ومن هذا المنطلق أطالب التجار بمخافة الله والأمانة في استيراد الأجود الذي يركز على النوعية وليس الأرخص في القيمة. والدعوة موجهة للوزارات المختصة بتشديد الرقابة على البضائع المستوردة وخصوصا الرخيصة والرديئة، لا سيما الصينية منها ومقارنتها بالكشوفات التي فيها أسماء المواد المسرطنة الممنوعة دوليا، والتشديد بتطبيق نظام شهادة الجودة على البضائع الصينية وعمل لجان تبحث عن المواد المسرطنة التي تسربت أو في طريقها إلى الأسواق.