تنطلق غدا الاستشارات النيابية الملزمة في قصر الرئاسة في بعبدا، إذ تتمسك الأكثرية بتسمية الرئيس سعد الحريري على رأس السلطة الثالثة، فيما يسعى حزب الله وحلفاؤه لتأليف حكومة من لون واحد يستبعد عنها الحريري وتياره. وهنا، يرفع البعض التساؤل عن ماهية من يملك القدرة على تنفيذ ما يقول؟ عليه، يتعين إعادة عد أصوات الموالاة والمعارضة في البرلمان، لتبيان حجم الحراك السياسي بين المعسكرين والذي يعول عليه المعارضون للحريري من أجل تشكيل حكومة أغلبية جديدة، بغض النظر عن كون الرئيس سعد الحريري هو الممثل الحقيقي للسنة، إن أردنا حقيقة الإجابة على هذا السؤال. بجانب أن أي تكليف لشخص آخر عبر اصطناع أغلبية جديدة، سيصبح مخالفاً لميثاق العيش المشترك، وهو البند المنصوص عليه في مقدمة الدستور وقد استندت عليه المعارضة لنزع شرعية حكومة الرئيس فؤاد السنيورة بين 2006 و2008 بسبب استقالة كل الوزراء الشيعة فيها وامتناع السنيورة عن استبدال المستقيلين بآخرين لا يمثلون القاعدة الشعبية لهذه الطائفة. بموجبه، لمن تميل الكفة حالياً؟ بعد الانتخابات النيابية الأخيرة عام 2009 اختار النائب وليد جنبلاط تبديل موقعه السياسي مفضلا الانسحاب من قوى 14 آذار. وجنبلاط صاحب كتلة يبلغ تعدادها 10 نواب ولو انضمت بأسرها إلى المعارضة، يتبدل ميزان القوى لمصلحة قوى 8 آذار. لكن جنبلاط اختار الجانب الوسطي بين المعسكرين معلنا أنه يصوت إلى هذا الجانب أو ذاك، بحسب رؤيته الخاصة. وإذا كانت مواقفه الأخيرة تقترب من موقف حزب الله الرافض للمحكمة الدولية، لكنه يتمسك بالحريري رئيساً للحكومة. ولو افترضنا انه انضم إلى قوى المعارضة في مطلبها اختيار شخص آخر، فإن إمكانية ذهاب كل الكتلة لمساندته أمر مشكوك فيه، بالنظر إلى أنه يستحوذ حصراً على أصوات النواب المنتمين إلى الحزب التقدمي الاشتراكي الذي يرأسه، أي ثلاثة نواب وهو الرابع فيبقى موقف النواب الستة أقرب إلى الأكثرية الحالية. وهكذا، فإذا كانت كتلة 14 آذار حالياً تتكون من تيار المستقبل وحلفائه من الأحزاب المسيحية، أي 60 نائباً بعد خروج النائب نقولا فتوش، وإذا كانت كتلة ميشال عون (20 نائباً) مع نواب قوى 8 آذار (25 نائباً)، وكتلة حزب الله (12 نائباً) ومجموعها 57 نائباً، فإن انقسام كتلة جنبلاط بالتساوي بين المعسكرين لا يخل بموازين القوى، فتبقى 14 آذار أكثرية، ومعها على الأقل 65 من أصل 128. ويقف تعداد قوى المعارضة عند 63 نائباً إلا إذا كانت ثمة انشقاقات خفية في كتلة الأكثرية الحالية.