التفحيط رغم الازدراء الاجتماعي منه، إلا أنه ليس كلمة بذيئة أو فعلا شائنا، إنها كلمة ومعنى أفضل من (مرقم) أو (معاكس) أو غيرها من الكلمات التي تعبر عن وجه آخر غير التفحيط.. التفحيط بالتأكيد هو هواية خطرة، ولكن من قال إنها الرياضة الوحيدة الخطرة، سباق السيارات والراليات بأنواعها وسباق القوارب وكل الرياضات بها خطورة بشكل أو بآخر. ما الذي إذن يجعل من (التفحيط) أمرا منبوذا أو رياضة منبوذة؟ .. السبب واضح، لأنها تجري في الشوارع والحارات وتؤثر على الناس وتشكل خطرا عليهم ومصدرا لإزعاجهم، ومن ناحية أخرى، التفحيط رغم مخاطره التي ذكرت إلا أنه يشكل ظاهرة اجتماعية تكاد لا تخلو مدينة أو قرية منه، هذه الحقيقة يجب الوقوف أمامها بتمعن. إنها ظاهرة، وأي ظاهرة في أي مكان في العالم ما أن تبرز حتى تتم دراستها ويعمل علماء الاجتماع على دراسة هذه الظاهرة ويشاركهم علماء النفس والاقتصاد وكل المجتمع المدني، ليساهم في التعرف إلى أسبابها ومبرراتها، آفاقها ومخاطرها، وتطرح الحلول عندما تكون الظاهرة لها مخاطر عالية، هذا بالتأكيد لا يجري في مجتمعنا، لكنا علينا البدء في ذلك وقد بدأ الكتاب يتطرقون إلى العديد من الظواهر محاولين تفسيرها من وجهات نظرهم كمساهمة منهم في علاج تلك الظواهر، (التفحيط) كمثال هنا إحداها. ما يجب أن نعرفه من وجهة نظري، أننا رغبنا أم لم نرغب، يجب الإقرار بحقيقة وجود شباب في كل مدينة وقرية لهم مثل هذه الهواية التي بالتأكيد لها أسبابها المتعددة؛ منها حب الشباب للمغامرة وحب قيادة السيارات والتفنن في تلك القيادة، وحب السرعة ومنها أنه لا توجد مجالات أخرى أصلا تجعل من بعضهم قد ينتمي لنادٍ فني في مجالاتها المتعددة؛ الموسيقى، الرسم، النحت، الطرب، المسرح والتمثيل، السينما، وكتابة السيناريو...إلخ. ربما يكون السبب هو حب الظهور والزعامة وذاك مرضهم ومرض آلاف من الفئات غيرهم، وهناك بالتأكيد أسباب أخرى، لكن تبقى الحقيقة أن هؤلاء موجودون. ووجودهم يفرض حقوقا لهم وللمجتمع، وحقوقهم من وجهة نظري تبدأ بالاعتراف بكونهم بشرا وأن ما يفعلوه حق من حقوقهم، هم اختاروه لأنفسهم. ومن حقوقهم على المجتمع أن توفر لهم البيئة المناسبة لممارسة هذه الهواية والتنفيس عن خواطرهم، ومن حقهم على المجتمع ألا يتعامل معهم وكأنهم (حثالة) غير ذات قيمة، بل أن يتعامل معهم كبشر أسوياء ولا يعزلهم في (قيتو) خاص بهم، من حقهم على المجتمع والدولة أن تبنى لهم أندية خاصة بهم في كل منطقة ويتم اختيار المكان المناسب ويوفر المرور والشرطة البيئة الآمنة، وتتواجد إسعافات وأطباء وتتوافر خدمات بما فيها صالات للألعاب الفردية الأخرى، ما الذي سيكلف الدولة أو رعاية الشباب لو اخترنا مكانا خاصا لممارسة هذه الهواية في كل منطقة وشكلنا أندية خاصة بهم لها مسؤولوها ومتابعوها؟؛ مسؤولوها يجب أن يكونوا منهم وبالانتخاب وهم من يتم التعامل معهم من قبل السلطات الأمنية وغيرها. ومن حق المجتمع عليهم أن يراعوه ويبتعدوا عن إيذائه؛ سواء أكانت بمخاطر الارتطام والصدام وسقوط الضحايا أو بإزعاج الأصوات، عنوان هذا المقال هو حملة أطلقها مجموعة من المخططين على صفحة (الفيس بوك) يطالبون فيها بالأندية بدل الشوارع، وتهدف الحملة إلى الحد من ظاهرة التفحيط في الشوارع وتوجيه الشباب بطريقة رسمية منظمة، ولكن كما تذكر (راصد) أن مدير مرور المحافظة قال: «إن على المفحطين التوجه إلى النوادي الرياضية لطرح وجهة نظرهم عليهم فيما يخص إنشاء ساحات للتفحيط» .. وأعتقد أن ما قاله فيه بداية الصواب وهو أن (رعاية الشباب) هي المسؤول الأول عن توفير مثل هذه الأندية والتعامل مع فئة (الشباب) يا رعاية الشباب. المفحطون جزء لا يتجزأ من الشباب وعلينا أن نرعاهم ونوفر لهم الحماية قدر الإمكان، بل من خلالهم من الممكن أن نكتشف (شوماخر) سعودي، كما يمكن أن نوجد منافسات منظمة بين المناطق وأن يشكل فريقا وطنيا في المنافسات الإقليمية والدولية. ها هم يقدمون أنفسهم كما الجميع على صفحات (الفيس بوك) ليطالبوا بشكل سلمي بما يحقق رغباتهم وحاجة المدن والقرى في التخلص من المخاطر الناتجة عن تواجدهم في شوارعنا، وأرى أن هذا المطلب عادل ويستحق الاهتمام اللازم من رعاية الشباب. قد يقول قائل إن مشاكل الشباب متعددة وفيها الأكثر أهمية من طرح هكذا موضوع، خصوصا البطالة التي ربما تكون أحد أسباب نشوء هذه الظاهرة. وردي أن موضوع البطالة والمخدرات والسرقات والفساد الأخلاقي وغيرها من المواضيع نوقشت وستظل تناقش في الصحف اليومية، إلا أن ذلك لا يعني البتة تغافلنا أو ربما «احتقارنا» لأية ظاهرة اجتماعية وخصوصا في أوساط الشباب الذين يشكلون غالبية مجتمعنا، لكنهم الفئة المقصاة من دورها المحوري والمركزي الذي عليها، ومن خلال إتاحة الفرصة لهم من قبلنا، أن تلعب دورها في الحياة سواء كان ذلك الدور على صعيد التنمية أو الإبدع او الترفيه الذي هو حق من حقوقها. مرة أخرى، أكرر مع شباب التفحيط (لا للتفحيط في الشوارع.. نعم للاندية) فهل من مجيب؟ [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 193 مسافة ثم الرسالة