كشفت تقارير مخبرية عن وجود إشارات لأعمال تعدينية قديمة في محافظة مهد الذهب، تدل على استخراج الذهب منها قبل نحو ثلاثة آلاف عام. وثبت من التحليل الكربوني والمراجع التاريخية، أن عمليات استخراج للمعادن جرت في المحافظة خلال العصر العباسي، وتحديدا في عهد الخليفة هارون الرشيد (750م)، حيث استخرج ما يزيد عن 40 طنا من الذهب والفضة، فيما استؤنفت عمليات التعدين للمرة الثالثة في عهد المؤسس الملك عبد العزيز (1939 1954م) بواسطة نقابة التعدين العربية السعودية (سامس)، حيث أنتجت نحو 23 طنا من الذهب، و 31 طنا من الفضة. وبسبب تدني أسعار الذهب، ارتفاع تكلفة الإنتاج، وتدني درجات تركيز الخام، توقف العمل في المنجم بشكل مؤقت، قبل أن يستأنف مجددا بصورة رسمية على يد الملك الراحل فهد بن عبد العزيز يوم السبت 17 من شهر رجب للعام 1403ه (الموافق 30/4/1983م). وفي منتصف العام 1988م بدأ الإنتاج التجاري إلى جانب الأنشطة الإنتاجية الأخرى، واستهلت إدارة المنجم برنامجا استكشافيا للبحث عن الخام في منطقة بالامتياز، وجاءت النتائج إيجابية ومشجعة، حين كشفت عن تضاعف حجم الخام، الأمر الذي ترتب عليه إطالة عمر المنجم وخفض التكلفة الرأسمالية. ويعد منجم المهد أكبر منجم لإنتاج الذهب في المملكة، إذ ينتج ما يقارب 100 ألف أوقية من الذهب و 300 ألف أوقية من الفضة سنويا. ويضم المشروع منجما تحت سطح الأرض بأنفاق يزيد طولها على 40 كيلو مترا، مصنعا، مصفاة، محطة كهرباء، وحدة لتحلية المياه، ورشة للصيانة، ومستودعات، كما يشمل مدينة سكنية للعائلات وكبار الموظفين، إلى جانب معسكر عام لسكن العاملين، ويوفر المشروع الوجبات الغذائية، خدمات الترفيه، والنوادي الرياضية، ويضم مكتبة، مخبزا، مغسلة، ومركزا للرعاية الطبية. ويجري إنتاج المعادن في المنجم بطرق حديثة وتكنولوجيا متقدمة، بدءا من التعدين (الحفر)، وانتهاء إلى معالجة المنتجات النهائية من الذهب، الفضة، النحاس، والزنك بإدارة شركة التعدين العربية السعودية «معادن». ويستخرج الخام من تحت سطح الأرض بطرق تعدينية مختلفة حسب عمق وشكل عروق خام الذهب، وعلى أساس درجة تماسك الصخور المحيطة به، وكذلك درجة ميل العروق وسماكتها، واستخدمت في المنجم عدة طرق تعدينية كان أبرزها طريقة التعدين السطحي (المنجم المفتوح)، طريقة التعدين بالقطع والردم، وطريقة التعدين بالمستويات. وبعد عمليات التعدين، تنقل الخامات بعد تفجيرها وتفتيتها إلى سطح الأرض بواسطة معدات خاصة بالمناجم لها خاصية العمل داخل الأنفاق العميقة والضيقة، ويتم تحميلها بالخامات بواسطة غراف له خاصية التشغيل بالتحكم عن بعد، لضمان سلامة العاملين من احتمالية تساقط بعض الصخور العالقة بعد عمليات التفجير، وتنقل الخامات بواقع ستمائة طن يوميا، وتفرز حسب تركيز الذهب بحيث يكون كل تركيز في مكان معين استعدادا لمعالجتها واستخلاص الذهب والفضة والنحاس والزنك منها، حيث تمر بعدة مراحل لاستخلاصها. يذكر أن المنجم تعرض لحادثة سرقة قبل نحو عامين، نفذها 13 عاملا فلبينيا حاولوا تهريب نحو 70 كيلو جراما من الذهب داخل أجهزة التلفزيون، غير أن أجهزة المراقبة في مطار الملك عبد العزيز الدولي في جدة كشفتهم قبل أن يغادروا بمسروقاتهم.