في آخر لحظة من آخر ليلة في آخر عام مضى، وصلتني رسالة من صديقة ظريفة ابتسمت لها تقول: «حبيتك السنة كلها.. ما بقت إلا نصف ساعة.. يلله حبيني فيها»! كنا في حالة خصام، لكنها كسبت الجولة الأخيرة! لأن من يبادر إلى التسامح هو الأقوى والأكفأ والأسمى والأجمل والأرقى، وكانت هي، ومنها تعلمت الدرس! فالعلاقات الجميلة الثمينة الغالية هي تلك التي تعلمنا فن الحياة! وفن الحياة معناه أن نتقبل حلوها ومرها بلا انكسار ولا انبهار! وأن نصبر بضبط النفس عند صدمة الظروف! ونصفو عند حدة الغضب! ونتسامى عند اشتباك توافه الأمور! ونكبر قبل أن تبتلعنا الضغائن! وتصغرنا الملاسنات! وتطرحنا أرضا المعارك الجانبية التي لا قيمة لها سوى أنها تهدر الطاقات وتعطل مسيرة «الحب» للحياة! فن الحياة أن نكتشف ماهية علاقاتنا وصداقاتنا، فلا نبقى منها غير الجدير بالبقاء، والذي نختبره في لحظات قد يكون فيها آيلا للسقوط، لكنه يصمد وينجح في الاختبار، فنحن لا نريد من الطرف الآخر أكثر من الاحتواء، والاحتواء أنواع أجملها ذلك الذي يغفر الإساءة ويزيد بالإحسان ويعفو عن المساءلة وينضج بالعتب وينمو بالمواجهة ويقوى بالإيمان! هكذا يجب أن تكون علاقاتنا الحميدة في أعوامنا الجديدة قوية في وجه الأعاصير؛ لأنها لا تخبئ التشفي أو الانتقام أو التربص بالأخطاء، فإذا حدثت تفككت وانهارت! والصديق الذي يضيق بك قلبه لا تتسع له ذاكرتك! وفرصة اليوم الأول من عام جديد أن تجلس مع نفسك لتسألها عن علاقاتها، أي منها يستحق البقاء والتكريم، وأي منها إذا خسرناه نحن الرابحون! قف أيها القارئ الكريم، واكشف أوراقك، وأنظر كم يوم أمضيته باحثا في الطريق المسدود عن كوة، فلم تجد غير رأفة قلب تناولتك وأنت «محبط»، وأعادتك وأنت «مشبع» بالرضا أن دنياك ما زالت بخير ما دام فيها مثل هذه القلوب الزكية! فإذا كان عندك مثل هذا «القلب» فلا تبخل به على صديقك، وإذا كان لديك من عنده مثل هذا القلب فقم وقدم له التحية، فعلا فاتتنا كنوز الأصيل فيها ليس بالضرورة اللامع، فلا تركض وراء اللمعان، وابحث عن الأمان في قلب إنسان! وانظر كم ساعة مرت عليك وحطت عليك كالصخر من علٍ، كلما أردت أن ترفع رأسك عاليا سقطت عليك، وما بين المقاومة والانهيار تجد خيطا رفيعا يشدك إلى مكان بعيد تحس فيه بالأمان، بعدما ضاع منك الأمان.. فإن وجدت ذلك الذي مد لك الخيط قم مع العام الجديد وقدم له التحية، فالوفاء أن لا تخسر الأوفياء، أما الذين في قلوبهم مرض وغل وحب انتقام، فلا تلتفت إليهم مع العام الجديد؛ لأنهم لا يستحقون منك حتى التفاتة، يكفي أن ترمي ورقتهم على الأرض، وتمشي عليها إلى الأمام! إنها بداية عام جديد تعطيك الفرصة لبدايات جديدة، ابدأ ولا تخف، وكل إنسان إذا أراد أن يكون سعيدا عليه أن يبدأ بنفسه! يغسلها يطهرها ويسمو فوق الصغائر، ويمد يده ولن يشد عليها غير القادرين على ملء فراغ الحياة، الذين لا يبيعون العمر رهن الحسابات والتصنيفات، إنما يتطلعون إلى غد أفضل لا وقت فيه لهدر أثمن الأشياء.. القلوب النظيفة.. فكن ذا قلب نظيف ولا عليك.. ومني لك سلام! للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 152 مسافة ثم الرسالة