كشف ل «عكاظ» مصدر في أمانة جدة عن إزالة أكثر من 40 عقما ترابيا في أراض فضاء تعود ملكيتها للدولة شرقي المحافظة، مبينا أن العقوم وضعت من قبل معتدين على الأراضي دون وجه حق. وقال المصدر إن الأمانة اعتمدت تنفيذ مشروع إزالة العقوم المتعدية، وتم تنفيذه بالكامل في عدد من المناطق التي حددتها لجنة مشكلة من الأمانة ولجنة التعديات، مشيرا إلى أن المشروع كان ضمن التوصيات التي أعلنت عنها اللجنة التطويرية لشرقي جدة. وأكد المصدر أن إنشاء العقوم الترابية يعد مخالفا للأنظمة والتعليمات؛ كونه يتم بطريقة عشوائية دون مراعاة للجوانب البيئية والطبيعة الجغرافية للمنطقة، وبالأخص في المناطق الواقعة في بطون الأودية. وعرفت العقوم الترابية منذ عشرات السنين، بداية من العشرينيات الميلادية للقرن الميلادي الماضي، وهي من أهم الاستخدامات التي عمدت إليها الكثير من دول العالم كعلامات للحدود الجغرافية بين الدول، وبالأخص بعد الحربين العالميتين الأولى والثانية. كما تعد العقوم أهم الطرق التي يلجأ إليها المزارعون لتحديد معالم أراضيهم الزراعية، إضافة إلى استخدامها في عملية تغيير اتجاهات مياه السيول المتدفقة عبر الأودية والمتجهة إلى أراضي المزارعين، كما تسهم في تخفيف حدة السيول لتقليل حدة خطورتها على تربة المزارع والمحصولات الزراعية داخلها. وما زال استخدام العقوم الترابية قائما حتى الآن سواء على المستوى الحكومي مثل ما هو قائم الآن بين الحدود السعودية العراقية، السعودية اليمنية، السعودية دول الخليج، الكويت، قطر، الأمارات، وعمان، إضافة إلى استخدامها في العديد من الدول الأفريقية وبعض الدول الأوروبية، إلا أنه في الفترة الأخيرة عمدت بعض الدول إلى إنشاء جدران من الأسمنت وصفائح الحديد، كما هو موجود بين الحدود الأمريكية والمكسيكية، إذ أن استخدام مثل هذه الطرق يأتي انطلاقا من الاهتمام بالجانب الأمني. ورغم أن استخدام العقوم الترابية يعد أمرا قديما، بيد أن استخداماته مازالت قائمة حتى في المدن المتطورة وذات الكثافة السكانية الكبيرة، أبرزها مدينة جدة التي سجلت الجهات المعنية كأمانة جدة ولجنة التعديات وجود العشرات من العقوم الترابية التي أنشئت شرقي المدينة كطريقة ابتكرها «هوامير الأراضي» للاستيلاء على الأراضي البيضاء، وهي مرحلة أولية تعقبها مرحلة الاستيلاء الكامل على الأرض، ومن ثم التصرف فيها كأرض مملوكة منذ عشرات السنين. وأكدت تقارير صادرة من لجنة التعديات، أمانة جدة، جامعة الملك عبدالعزيز، وهيئة المساحة الجيولوجية عقب الكارثة التي اجتاحت أحياء شرقي جدة عام 1430ه، أن العقوم الترابية هي المتهم الأول في تدفق كميات مياه السيول وتغيير مسارها نحو الأحياء السكنية، وهذا ما دفع بتلك الجهات إلى اتخاذ العديد من القرارات تجاه تلك العقوم التي اعتبرها مراقبون أنها المتهم الأول فيما حدث لأحياء شرقي المدينة. وأوصت اللجنة الوزارية التي رأسها صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، المختصة بدراسة شرقي مدينة جدة، تنفيذ مشاريع عاجلة، وأخرى آنية؛ بهدف تطوير المنطقة وتلافي حدوث الإشكاليات التي نتجت عن كارثة جدة. وكانت أبرز التوصيات إزالة العقوم الترابية في مناطق شرقي المدينة لكونها السبب الرئيس في تغيير مسار مياه السيول عن مجراها الطبيعي وتحويلها إلى الأحياء السكنية. وأنشأت جامعة الملك عبدالعزيز عقما ترابيا بطول كيلو متر، وارتفاع تجاوز ثمانية أمتار، وبعرض تجاوز 12 مترا، بهدف حماية الجامعة من مخاطر السيول، ورغم تأكيد الأمانة أن ما عملته ليس عقما ترابيا بل هو سد ترابي، تم إنشاؤه وفق أسس علمية وهندسية مدروسة، وهو ما ذهب إليه مدير الأمن والسلامة في الجامعة الدكتور عبدالقادر تنكل بأن السد هو بمثابة سد احترازي لإعطاء فرصة كافية لمنسوبي الجامعة تنفيذ عمليات إخلاء الطلاب وأعضاء التدريس في حالة وجود خطر داهم جراء السيول المتدفقة من شرقي المدينة. وعملت الجامعة على تنفيذ ما وصفته «بالسد الترابي» بعد كارثة جدة بأيام، ويقع في الجزء الشرقي من حرم الجامعة، ويمتد مسافة طويلة، روعي فيه القدرة على تحمل كميات المياه المتدفقة، ويعمل على تغيير اتجاهها نحو القناة المخصصة لتصريف مياه السيول المتجهة إلى البحر. ورغم المخاطر التي كان يتوقعها عدد من المراقبين بأن العقم الترابي الذي أنشأته الجامعة، أو «السد الترابي» كما تريد الجامعة تسميته، سيتسبب في تدفق مياه السيول إلى الأحياء المجاورة، كحي السليمانية وهو حي يقع شمالي الجامعة، أو حي الجامعة الذي يقع جنوبها، إلا أن الجامعة أكدت أنها عملت على تنفيذ السد وفق أسس علمية وهندسية راعت كافة الجوانب والأخطار المحتملة، مؤكدة على أن السد لن يتسبب في إلحاق الأضرار بالأحياء المجاورة، بل سيساهم في حمايتها من مخاطر السيول.