أعادت أمطار الخميس إلى ذاكرة سكان أحياء شرقي وجنوبي جدة، أحداث الأربعاء الأسود الذي خلف خسائر في الأرواح والممتلكات، ورغم أن الذكريات المؤلمة بقيت في الأذهان، إلا أن أمطار الخميس الماضي، أفرزت صورة من صور التعاون والتآخي بين سكان الأحياء المتضررة، وقد تجلى ذلك في تعاضدهم وتواصلهم والاطمئنان على بعضهم البعض، بل وتبادل النصائح لتجاوز أخطار السيول. وفي الجانب الآخر، رسخ الأربعاء الأسود ثقافة للتعامل مع أمطار الأمس، وتمثلت في كيفية التعاطي مع الأمطار وتجاوز أخطارها، واستضافة سكان الأدوار العلوية أسر الشقق الأرضية، وفي التعاون مع الأجهزة المعنية عبر الاتصالات الهاتفية ووضعها في صورة الحدث من خلال تحديد المواقع التي تشكل خطورة على حياة الناس. أمطار الخميس الماضي، لم تكن عادية، لكنها في الجانب الآخر لم تكن مرعبة، ويتضح ذلك في خروج الكبار والصغار للاستمتاع بالأجواء الباردة وزخات المطر التي خلفت وراءها تجمعات مائية تحتاج إلى معالجة حتى لا تكون مرتعا للبعوض الناقل للأمراض، تبادل السكان الاتصالات والرسائل النصية والتحذيرات خوفا على بعضهم البعض وصفه البعض ب (المحزن) لأنهم على حد قولهم يحاولون نسيان مآسي الماضي والقفز على جراحه، والتعاون في ما بينهم حتى لا تتكرر المأساة. وهنا يتحدث ل «عكاظ» المواطن أحمد الغامدي من سكان حي قويزة، «لم أتردد لحظة في الاتصال على جاري الذي يقطن في الدور الأرضي، وأبديت له استعدادي لاستضافته وأسرته في منزلي، لأنه عانى كما عانيت من سيول الأربعاء الأسود وكان منزله معرضا للغرق، فخشيت أن يلحق به الأذى جراء دخول مياه الأمطار على أفراد أسرته». من جهته، يشير غازي الحربي، إلى إجرائه للعديد من الاتصالات والرسائل النصية، وبالمقابل تلقيه العديد منها من عدد من الأصدقاء والزملاء وكانت جميعها تحذر من هطول الأمطار، فيما عمد عبد الرحمن الحارثي، إلى تشغيل مركبته ذات الدفع الرباعي والتجول في أنحاء مناطق هطول الأمطار الغزيرة بهدف مساعدة وإنقاذ من تقطعت بهم السبل جراء الأمطار إلى المناطق الآمنة كمبادرة منه، خصوصا أنه قد فقد مركبته في سيول الثامن من ذي الحجة. وهنا قال الحارثي: «بعد أن تلفت مركبتي في سيول جدة العام الماضي، عمدت إلى شراء سيارة من نوع جيب تويوتا (شاص) لغرض إنقاذ ومساعدة الناس في حال هطول الأمطار، خصوصا أنني تحسرت كثيرا على مركبتي التي خسرتها في سيول الأربعاء الأسود كونها هدية من والدي»