مع نهاية كل عام تتكرر بعض الأسئلة من الأصدقاء وعلى صفحات الإعلام: ما هو الحدث الأهم للعام الذي يغادرنا اليوم؟ ومن هي الشخصية الأهم؟ وما هي أمنيتك للعام المقبل؟ أجلس طويلا أبحث عن جواب أكون مقتنعا به أنا أولا، بعيدا عن أي تأثيرات أو إجابات مقننة، أو معدة مسبقا. فكرت أن الحدث الأهم ربما كان دورة كأس العالم في جنوب أفريقيا. أو لعله اختيار قطر لدورة 2022. أو لعله اغتيال المبحوح في دبي مطلع يناير الماضي. أو لعله في اكتشاف مجرة جديدة قريبة من أرضنا بمسافة مليار سنة ضوئية. أما شخصية العام، فقد احترت من اختار، وهل هو شخصية سياسية أم دينية أم اقتصادية أم ماذا؟ وازدادت حيرتي مع السؤال الأخير حول أمنيتي للعام المقبل، إذ هناك الكثير من الأماني التي أتمنى أن تتحقق، وقد أدعي مثالية لا وجود لها إن قلت إني أتمنى أن يعم الحب والسلام العالم. وفي لحظة ذكاء نادرة، اكتشفت أن لا سبب لحيرتي، فالأمور جلية والأجوبة جاهزة وقريبة جدا، بل لعل قربها الشديد هو ما حال دون رؤيتها. فالحدث الأهم والشخصية الأهم والأمنية الأهم تكتسب أهميتها من شيء واحد لا غير: إنه أنا وعلاقتي بسبب الأهمية. فما ينعكس من هذه الاختيارات على حياتي مباشرة هو ما سيحدد أهميتها لدي. إذ ما علاقتي بكأس العالم في جنوب أفريقيا أو شمالها؟ وما علاقتي إن كان حاكما أو عالما هو أهم شخصية في العام إن لم أكن قد وجدت قيمة معه لذاتي؟ وما هي تلك المثالية التي أدعيها كأمنية للعام المقبل بأن يعم الحب والسلام وأنا أعلم يقينا أننا نزداد كرها وانفصالا عن بعضنا البعض، وأن الحروب لا تكف تدق طبولها بين حين وحين؟ من هنا أدركت حقيقة أمنيات نكذب فيها بشأن اختيارات لا دخل لنا فيها، سواء بالنسبة للحدث الأهم أو الشخص الأهم أو الأمنية الأهم. وعليه فقد كان أهم حدث للعام الماضي هو ولادة أختي لطفل ذكر بعد أربع بنات، والشخصية الأهم هي أنا بكل نجاحاتي وإخفاقاتي، والأمنية الحقيقية التي أرجوها هي أن تتاح لي فرصة زيارة مدينة ما تزال تقيس المسافات بالزمن لا الكيلومترات اسمها تومبكتو. باختصار شديد، فإن الأهم من كل شيء وبين كل شيء هو الإنسان الذي يسكن داخلنا، فإن تجاهلناه في ما مضى من عام، وما سيأتي، فما قيمة الحياة كلها؟ [email protected] للتواصل إرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو زين 737701 تبدأ بالرمز 258 مسافة ثم الرسالة