«اتركونا ننطلق، نستطيع الوصول». بهذه الكلمات تشدو بصوت مزماري ماري بويوا النجمة الصاعدة في جنوب السودان، حيث بدأ الفنانون يغنون «للاستقلال» مع اقتراب استفتاء تقرير المصير. ويلعب الفنانون دورا رئيسا في الاستعدادات الجارية للاستفتاء في جنوب السودان، المنطقة الواسعة التي تقع في قلب القارة الأفريقية. وسيختار سكانها في التاسع من الشهر المقبل في استفتاء شعبي بين الاستقلال أو البقاء ضمن السودان الموحد. وتفصح ماري بويوا النجمة المحلية التي تتنقل بحفلاتها عبر أنحاء مختلفة في جنوب السودان أثناء فترة التسجيل على لوائح الناخبين، بالقول «كنا نحفز الناس على قيد أسمائهم في اللوائح». وسجل أكثر من ثلاثة ملايين شخص أسماءهم في لوائح الاقتراع استعدادا للاستفتاء الذي يعد نقطة ارتكاز اتفاق السلام الشامل الذي أنهى في 2005 حربا أهلية دامت أكثر من عقدين بين شمال السودان وجنوبه. وسيحصل جنوب السودان على الاستقلال إذا ما أيدته أغلبية بسيطة من الناخبين شرط أن تصل نسبة المشاركة إلى 60 في المائة على الأقل. ومن هنا تنبع أهمية المغنين الشعبيين الذين يتولون مهمة توعية السكان بجدوى المشاركة. وتقول المغنية رغم تاريخها الشخصي الحزين إن «أغنيتي (دعونا نرحل) تتحدث عن الانفصال. أحب كثيرا إخوتي وأخواتي في شمال السودان، ولدي الكثير من الأصدقاء هناك، لكني أعتقد أنه من الأفضل أن ننفصل». وتتابع «مات والدي في 1988 (أثناء الحرب الأهلية). قال لي شيئا لم أنسه أبدا: عندما بدأت الحرب كان سكان جنوب السودان من الشباب ولم يكن الشماليون يسمعون ما نريد قوله. عندما بدأ جيلنا يكبر رأى بوضوح أن الوحدة غير جاذبة. لذلك نقول دعونا نرحل». وليست ماري الوحيدة على هذه القناعة. فالأغاني التي تدعو للاستقلال والتي تحمل عناوين صريحة مثل «الوحدة لا، الانفصال نعم» التي ينشدها بيتر قرنق تملأ الإذاعات المحلية في جنوب السودان. ويقول مغني الراب لام تانقوار «إنه موسم الاستفتاء. هذا هو الشيء الوحيد الذي نفكر فيه. إننا ننتظر هذا الحدث منذ أربعين عاما لذلك علينا أن نبذل كل جهدنا من أجل أن تصل الرسالة إلى السكان». وإذا كان الشباب المتعلم في جنوب السودان يتحدث الإنجليزية ويتكلم العربية بلهجته الخاصة، فإن اللغات العامية المحلية هي السائدة في الريف. وتؤكد ماري «سأصوت للانفصال وهو اختياري الشخصي. لكن السلام هو الأهم سواء اخترنا الاستقلال أم الوحدة». وتضيف «سيحتاج كل منا إلى الآخر، وكوننا سننفصل لا يعني أننا سنصبح أعداء».