لا شيء غير صوت الريح يؤنس وحشته (ضيف الله) في مسكنه الذي شيده داخل شبك حديدي في قرية (ملقطة) التابعة لمركز (يبس) في محافظة المخواة جنوب المملكة، والذي غطاه بشراع لا يقيه حرارة الصيف اللاهية ولا برد الشتاء القارس! وأصبح هذا المسكن كل حيلته في الحياة، هي غرفة نومه التي يلجأ إليها ليدفن همومه، وهي المطبخ الذي يجهز فيه وجبات طعامه مستعينا على قهر الظلام الذي يحيط به في ذلك الخلاء الموحش بفانوس عتيق، ما تلبث أن تطفئه الريح لعدم وصول التيار إلى المنطقة التي يسكن فيها! ولكن ما الذي وضع ضيف الله للسكن في هذا المنزل البدائي بينما إخوانه يعيشون في منازل عصرية في المدينة. يقول: لم اسطع التكيف للعيش في المدينة والتي اضطرتني للخروج إلى هذا المكان الخلاء والعيش فيه، ويتابع حديثه في ألم ظاهر: رغم بلوغي سن الأربعين إلا أنه لم يسبق لي الزواج فإمكانياتي المادية لا تمكنني من توفير أبسط المتطلبات لتكوين أسرة، فلا وظيفة ولا مصدر دخل سوى 800 ريال كإعانة من الضمان لا تفي باحتياجاتي وقد تضافرت عدة عوامل لا أعيش هذا الوضع المؤلم بداية من عدم استمراري في الدراسة بعد أن اكتفيت بالشهادة الابتدائية، خاصة مع اعتلال صحتي النفسية بعد أن أشار الأطباء أنني أعاني من قلق دائم.. يصمت ويواصل حديثه قائلا: هذا المرض جعلني انسحب من وظيفتي التي خرجت منها بمستحقات لا تتجاوز 12 ألف ريال، وعندما قررت أن أتزوجت وجدت المبلغ انصرف وليس أمامي سوى البقاء في مكاني والعيش وحيدا في هذا الشبك الحديدي المتهالك أتسامر مع الريح والعزلة. وهنا تدخل ابن خالته (باحص) الذي يحرص على زيارته بصفة يوميه متفقدا أحواله وقال: ابن عمتي كان في السابق يعيش وسط إخوانه لكن بعد مرضه تغيرت أحواله وفضل العيش وحيدا في هذا المكان رغم رفضنا جميعا لكنه أصر على رأيه. وأبدى (عطية جحران) أحد أقاربه انزعاجه من الوضع الذي آل إليه قريبهم إثر انسحابه من وظيفته دون أن يتقدم بطلب للتقاعد مما أدى لحرمانه من راتب التقاعد! وأضاف: نظرا لتردي حالته النفسية والمعيشية، فإننا نزوره بين وقت وآخر لتأمين احتياجاته الضرورية والاطمئنان عليه، وأملنا أن يسكن بيننا وأن يجد من يرعاه في هذا السن وأن يحصل على علاج يخفف معاناته الصحية.