يسلط التلفزيون السعودي من خلال قناته الأولى وعبر حلقاته الجديدة من برنامج «همومنا»، الضوء على مسار انحراف المطلوب الأمني السابق والذي سلم نفسه للسلطات الأمنية السعودية جابر الفيفي، إذ يمثل أمام الكاميرا كاشفا عن مظاهر مهمة من مسيرته الشخصية، وانخراطه في الأفكار المتشددة التي قادته إلى معتقل «غوانتانامو»، ثم إلى جبال اليمن بلا هدف أو رؤية. ويسرد الفيفي في الحلقة الأولى من البرنامج نشأته وكيفية أعوجاج مسيرته من شاب كان أقصى طموحه أن يصبح لاعب كرة إلى ضحية الجماعات الظلامية، مفسرا ماهية خضوعه طواعية يومها لهضم الفكر المتشدد الذي غير مجرى حياته. كما يبين الفيفي في اللقاء بعض ملامح التشكيل الفكري للشباب من خلال التجمعات واستغلال الأحداث، معرجا في الحلقة الأولى والحلقات التي تليها إلى العديد من المفاجآت حول الأحداث التي شغلت الرأي العام السعودي خلال الفترة الماضية، وهنا تفاصيل الحوار البيني الذي جمع مقدم البرنامج بالفيفي: • جابر الفيفي حياكم الله، دعني في البداية أن أقول بأن مبادرتك هي محل تقدير وثناء على هذه الشجاعة التي تحليت بها، وحضرت بين أهلك وإخوانك وأرضك ووطنك، بعد أن مر الوعي برحلة ومسارات متعددة، أعتقد ستكون محورا خصبا للحديث بيننا وبينكم، فضلا عن السادة المشاهدين. إن شاء الله. • دعني أبدأ معك جابر عبر الرجوع بكم إلى الوراء نوعا ما، ونستحضر الذاكرة في بعض المواقف التي احتضنتها نشأتك. دعني في البداية أسألكم عن النشأة التعليمية: إلى أين وصلتم في مراحلكم التعليمية، أين نشأتم، في أي منطقة من مناطق المملكة؟ بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله، بالنسبة للنشأة كانت في المنطقة الغربية في مدينة الطائف. وبالطبع المراحل التعليمية كانت ابتدائي وانتقلت إلى التعليم المهني، وأكملت تعليمي فيه، ثم انتقلت إلى مرحلة الوظيفة العسكرية في الأمن العام، قسم السجون في مدينة الطائف. • توقفت عند المرحلة الابتدائية، أم أكملت مرحلة المهني؟ نعم أكملت المهني ثم توقفت. • أين هذا المعهد المهني؟ المعهد المهني قسم منشآت معمارية، وتحصلت على الشهادة. وهذا يعني أنني أكملت دراستي بعد سنة وأربعة شهور تقريبا، ثم انتقلت إلى المرحلة العملية العسكرية. • قدمت للانضمام للسلك العسكري وقبلت؟ نعم. • قبل أن أناقش انضمامكم للسلك العسكري، دعنا نتحدث عن محيطكم الأسري. أي العائلة، هل أنت الأكبر أم الأصغر ضمن إخوتك، وكم عددهم؟ لدي مجموعة من الإخوة، وأعتبر الأصغر ضمن إخوتي، والأسرة تعتبر متوسطة. • متوسطة الدخل ماديا؟ الدخل لا بأس الحمد لله. • المنطقة التي سكنتم فيها، هل كنتم على تواصل مع أهل هذا الحي؟ نعم، كنت على تواصل معهم، وأحيا حياة طبيعية. • حياة طبيعية مع الأهل والجيران؟ نعم. • والأقرباء وهلم جرا. فلنعد إلى موضوع أنكم انضممتم إلى السلك العسكري، أعتقد أنه ذو تفاصيل كثيرة، فحينما انضممت، هل تم توجيهك مباشرة إلى العمل في سجن الطائف؟ نعم قدمت على نفس إدارة سجون الطائف على أساس قبولي للعمل كأحد أفرادها. • كم كان عمرك وقتها؟ 22 سنة تقريبا، فقبلت هناك وعملت لمدة سنة وسبعة أشهر، وانتقلت إلى جدة، قسم السجون. • انتقلت من الطائف إلى سجون جدة؟ سجن جدة الذي يسمى سجن بريمان، وأردت التسجيل في النادي الأهلي. • هذا يعني أن ميولكم كانت تتجه للنادي الأهلي؟ نعم كنت أصلا في نفس فريق إدارة السجون لكرة القدم، ثم تعرفت على شخص موظف في الأمن العام من نفس الحي. • صديقكم؟ نعم، وسألني عن رأيي في اللعب للنادي. • وبعد الانضمام للنادي؟ تركت العمل. • ماهو شعور الأهل وقتها؟ استاءوا من هذا الأمر أصلا، لكن كان أمر العمل قد حسم. • حسم الأمر أصبحت بلا وظيفة؟ أي نعم. • هل مارست عملا آخر؟ حاولت أن أبحث في كذا منطقة، وحاولت أن أرجع لنفس العمل في السجون، فلم أستطع، فصرت مع الشباب خرجات وسهرات. • وهذه الفترة كم استغرقت تقريبا؟ تقريبا ما يقارب أربع سنوات. • أربع سنوات، أثناء ذلك هل كان هناك تأثير نفسي معين ينتابك، وهل كانت لديك ميول نحو الالتزام حيال فكر معين؟ في تلك الفترة أصلا كانت أغلب ميولي هي ميول فترة شباب، لكن كنت أبحث عن الراحة؛ لأنني أعاني من ضغوط نفسية. عاطل عن العمل، وضغوط من ناحية الأهل، أبحث عن وظيفة. كنت أريد الزواج وأريد. كنت أبحث عن راحة، أن أستريح نفسيا، وأبحث عن سعادة، فحاولت إني أبدل، فالسعادة هي في الالتزام والراحة ستجد إنها الراحة النفسية، فقررت تبديل هذا كله. وقلت لنفسي وقتها: إما الالتزام بكل شيء، أو تترك كل شيء. • ما عندك منطقة وسط؟ لا يوجد وسط، لا يوجد. • عندما قررت أو اتخذت القرار، هل أتى وفق القناعة أن تلتزم بكل شيء؟ نعم كانت هذه قناعتي أصلا، وكان هذا قراري. • ماهو تأثيره على من حولك؟ سببت مشاكل كثيرة في بداية الالتزام من ناحية الأهل، لأنه أصلا ما في علم، ومافي مسائل شرعية، بمعنى شخص يتحول، يرى أشياء كثيرة فيها أقوال كثيرة، وهو يرى قولا واحدا مسألة حرام حرام. ففي بداية الأمر تسببت في مشاكل، لكن من ناحية كان الأهل مرتاحين من ناحية عدم السهرات وعدم الخرجات، فكانوا يقولون أتركوه على هذا الحال. • فيما يتعلق بمسألة التزامك هل هي حالة يقظة مفاجأة، أم هل كانت هناك مقدمات سابقة شجعتك أحيانا من بعض أطراف داخل العائلة، بعض أصدقائك، بعض الناس؟ أي نعم، طبعا الوضع العائلي محافظ، فأخي الأكبر كان له تأثير. • هل تصادمت مع ذويك حول التحول؟ وصلت مرحلة صدام، لكن مع الإخوان في المنزل حول التلفزيون وبعض الأشياء، فكنت شديد الحدة في هذه المسألة، لم أحاول النصح، بل بالعنف. • تنكر على أساس إنه منكر عندك؟ نعم. • هل قاطعت أصدقاءك في الفترة الأولى؟ نعم، قاطعت أصدقاء السهرات، وفي الفترة الثانية صرت من المسجد إلى البيت، فكنت أحاول أن أحافظ على الصلاة، وأحاول أحافظ على الهيئة الخارجية بأني التزم من ناحية تربية اللحية وتقصير الثوب. • وكان يهمك هذا الجانب بشكل كبير، بمعنى أنك كنت حريصا على تغيير الصورة؟ كنت أريد كما قلت لك، يا كل شيء أو لا شيء . فمن هذه الناحية كنت الشخص الملتزم مربي اللحية، مقصر الثوب، هذا أعتبره أنا من وجهة نظري، أن هذا هو الشخص الملتزم. • ماهي مصادر تلقيك؟ لم يكن هناك تلق في تلك الفترة. • لا أشرطة، ألم تكن تقرأ كتبا؟ الأشرطة موجودة، وكانت هناك بعض المحاضرات تحويها الأشرطة. كنت أحاول أن أحضر دروسا، لكن أحضر وما أسجل يعني أحضر مجرد مستمع. • كيف تطورت هذه الحالة لديك، هل ما وصلت إليه كان بعد أن اطلعت على شيء معين، أو أن أحدا لقنك شيئا معينا؟ أحيانا كلمات، وأحيانا محاضرات في ذنوب وفي أشياء أخرى، مع مرور الأيام بدأت أشعر بضرورة أن أكفر عن ذنوبي التي اقترفتها. • أكتشف من حديثك أنك بلا أصدقاء، ولا مجموعة تنتمي إليها، تعيش بمفردك، ولوحدك، تستمع إلى الأشرطة وتحضر دروسا للجميع، فماهي اللحظة التي حولتك وأخرجتك من أرضك وأهلك إلى أرض أخرى تحت غطاء الجهاد؟ أتت فترة بعد هذا وكانت طبعا هذه فترة طويلة بمقدار تسعة أشهر. • ثم؟ تعرفت على مجموعة وأخرى وأعددنا برنامج لقاءات. • هم من جماعة المسجد؟ نعم من جماعة المسجد وبعدها جاءت فكرة اللقاءات الدورية. • منتظمة؟ أسبوعية منتظمة، وتفاجأت في أحد البيوت عند رؤية شريط عن الجهاد. • شريط سمعي وإلا شريط مرئي؟ مرئي. • اتذكر ماهو؟ عن الشيشان.