وضع المشاركون في ملتقى «عكاظ» الإعلامي قضية توسعة مطاف المسجد الحرام في هرم أولويات المرحلة المقبلة لاسيما في ظل الأعداد المتزايدة من حجاج بيت الله الحرام التي تتوافد بشكل سنوي والكثافة البشرية التي يشهدها المسجد الحرام لاسيما في طوافي الإفاضة والوداع مع مشاريع التطوير التي شهدتها منطقة الجمرات، والتي رفعت الكثافة البشرية المغادرة من الجمرات صوب المسجد الحرام بمعدل 300 ألف حاج في الساعة. وأوضح مسؤولو معهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج أن دراسة توسعة المطاف تمر بمرحلة نهائية من خلال تصاميم هندسية ورؤى إبداعية تضمن رفع الطاقة الاستيعابية لها إلى أضعاف خلال العقود المقبلة. وأكد المشاركون أن إشاعة ثقافة المسؤولية تجاه مكةالمكرمة لدى الجهات المعنية في تنفيذ مشاريع التطوير المقبلة كفيلة بتنفيذ المشاريع بجودة عالية مع تكثيف الرقابة على الجهات المنفذة مع عدم الحاجة إلى تخصيص جهة رقابية جديدة تعنى بمتابعة المشاريع. إلى تفاصيل الملتقى في حلقته الرابعة: • عكاظ: خلال المرحلة المقبلة ستتحول مكةالمكرمة إلى ورشة عمل لا تعرف الهدوء لاسيما في ظل الميزانية الضخمة للمشاريع التطويرية، فكيف يمكن ضبط الرقابة بما يضمن التنفيذ وفق معايير عالية ورقابة مالية؟ يجيب على السؤال أمين العاصمة المقدسة الدكتور أسامة البار: فيما يخص الرقابة المالية فنظام المشتريات والمنافسات الحكومية هو نظام لم يعتمد إلا بعد تمحيص وتدقيق من قبل خبراء في هذا الشأن وهذا النظام الجديد طاف بنخبة من خبراء ديوان المراقبة العامة ووزارة المالية وكما يعلم الجميع هناك رقابة مالية قبل الصرف ورقابة مالية بعد الصرف وكل هذه الضوابط ستكون كفيلة بضبط أي فساد مالي قد يحدث ونحن نستبعد بإذن الله حدوث أي تجاوزات. أما ما يخص الجودة في التنفيذ فهي مطلب استراتيجي لأي عمل، فقبل اعتماد أي مشروع لابد من الاعتماد على كراسة الشروط والمواصفات والتي هي مضبوطة بالكود السعودي سواء في الطرق فوزارة النقل هي من أوائل الوزارات التي أنشئت أو عربت أو أقلمت الأكواد العالمية في الطرق وأحدث الكود السعودي وكذلك الحال في وزارة الشؤون البلدية والقروية وهذا ما سيضمن الجودة قبل الطرح أما بعد الطرح فلابد من الإشراف المباشر من قبل مكاتب هندسية متخصصة وذات معايير هندسية دقيقة وبدأت الهيئة السعودية للمهندسين في الدخول بثقلها بما يضمن التميز والجودة إضافة إلى جهاز الأمانة التمرس في هذه الأمور فلدينا فريق عملي متكامل لديه الخبرة الكافية لمراقبة كافة المشاريع للإشراف على كافة المقاولين. هيئة رقابية • عكاظ: ولكن ألا تعتقدون أن مكة بحاجة إلى هيئة رقابية متخصصة تضبط سير المشاريع في المرحلة المقبلة بحيث تكون قادرة على خلق طمأنة لكل ما ينفذ؟ يتولى الإجابة عميد معهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج الدكتور عبدالعزيز سروجي: في هذا الشأن أنا لدي تساءل لا بد من طرحه، وهو لماذا نحاول تأصيل دوما أننا بحاجة إلى جهة رقابية تراقب الجهات؟ وأقول الحقيقة إن هذه الثقافة السائدة الآن لا بد أن تتغير من خلال بحث مسببات إشاعاتها بمعنى هل هناك تكامل بين الجهات ذات العلاقة في تنفيذ المشاريع وهل استفادت الجهة التنفيذية من الجهة الاستشارية، القضية في نظري ليست إنشاء الرقابة، أليس من أجل تنفيذ العمل وفق معايير الجودة، فلو وجدت الرقابة ولم ينفذ العمل بالشكل المطلوب فهذا يعني أننا لم نحقق الهدف، فالرقابة ستضع يدها على الناس الذين لم ينفذوا العمل وفق الأمانة المطلوبة وسيتم تغييرهم بآخرين وربما يقعون في نفس المشكلة ونظل في دوامة ودائرة مغلقة، الحل الذي ينهي هذه الأزمة هو زرع ثقافة الاستشعار في كل جهة حكومية وأهلية في تطوير مكةالمكرمة. ويتناول الحديث الدكتور أسامة البار: لا اعتقد أننا بحاجة إلى مثل هذا فهناك مشاريع ضخمة نفذت في كافة مدن المملكة ولم نكن بحاجة إلى كل هذه الاحترازات ففي عاصمتنا الحبيبة الرياض مثلا نفذت مشاريع ضخمة وكذلك الحال في بقية مدن المملكة ولا اعتقد أن مكة لها خصوصية تعزلها عن كافة المدن في تنفيذ المشاريع، ولعل التجارب العالمية تثبت أنه لا داعي لمثل هذا التخصيص. الفساد ليس له وطن، والفاسد سيوجد بيئة فاسدة في أي مكان سواء كان جهازا تعليميا أو خدميا أو غيره، حتى في القطاع الخاص هناك أنواع من الفساد. لذلك لا نستطيع القول إن الأجهزة البلدية هي البيئة المناسبة للفساد. الجهاز البلدي جهاز حكومي والدولة وفقها الله وضعت من الأنظمة والاحترازات ما هو كفيل بالقضاء على الفساد. لكن الثغرات موجودة بطبيعة الحال في أي نظام، والفاسد لا تستطيع أن تراقبه على مدار 24 ساعة، ولكن الأنظمة الموجودة تستطيع أن تحكم ذلك وتقلل من فرص الفساد. لذلك ننظر للعملية كنظام متكامل لأن العمل مؤسسي. نظام المشتريات الحكومية تم تصميمه لدرء الشبهات في عمليات المناقصات وغيرها وربما يشكو البعض من البيروقراطية الحكومية، ولكن هذه إجراءات مرعية ولابد من وجود لجان ومندوب من البلدية، وهناك الرقابة السابقة والرقابة اللاحقة وهيئة الرقابة والتحقيق وديوان المراقبة العامة. كل هذه العناصر جزء من شبكة ونظام مؤسسي للحماية من الفساد. أين الهاجس • عكاظ: ما الهاجس المقبل الذي لا بد لنا أن ندق جرسه باكرا ويكون هدف التطوير في مشاريع المرحلة المقبلة؟ يقول رئيس لجنة الحج والعمرة في غرفة صناعة وتجارة مكة سعد جميل القرشي: بعد اكتمال مشروع منشأة الجمرات ومع تزايد أعداد الحجاج وارتفاع الطاقة الاستيعابية في هذه المنشأة لتلامس 300 ألف حاج في الساعة وهي أعداد كبيرة تتجه في وقت واحد صوب المسجد الحرام فإن المرحلة المقبلة تتطلب إيجاد حل لمطاف المسجد الحرام، لا بد من العمل على توسعة المطاف لاسيما وأنه تم الانتهاء من توسعة المسعى والتي بلا شك تعد نقلة كبيرة ستنهي أزمة السعي عقودا قادمة وكذلك تم الانتهاء من توسعة الملك عبدالله بن عبدالعزيز التي تمثل أكبر توسعة في تاريخ المسجد الحرام. المراقب لأعداد الحجاج المتجهين للمسجد الحرام وخصوصا يوم التعجل في الحج يدرك حجم الأمر وهذا ما يجعل الطواف هاجسا مقلقا في المرحلة المقبلة. ويدلي بدلوه حول ذلك وكيل معهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج للشؤون الأكاديمية الدكتور فاضل محمد عثمان : مكةالمكرمة تحتاج خلال المراحل المقبلة إلى ميزانية أعلى لتنفيذ كافة البرامج والمشاريع التي توفر احتياجاتها ورعاية حكومة خادم الحرمين الشريفين لهذه البقعة المقدسة لم تتوقف منذ عقود، ومكة هي مدينة جاذبة ويزورها سنويا أكثر من 10 ملايين حاج ومعتمر فهي متجددة في كل عام ولدينا في المعهد دراسات كثيرة وكبيرة لتطوير مكةالمكرمة في مختلف المجالات والقطاعات بما يضمن مواكبة المستجدات ويحقق رؤية الحكومة الرشيدة في خدمة الحرمين الشريفين ونحن الآن نعكف في المعهد على وضع البصمات النهائية لمشروع ضخم في تطوير المطاف وتوسعته وفق رؤية هندسية تحقق التوازن خلال العقود المقبلة وستقدم هذه الدراسة في حالة اكتمالها إلى الجهات العليا المعنية بهذا الشأن للاعتماد. وكذلك دعني أهب صوب أمر الحقيقة هو في غاية الأهمية لابد لنا من التركيز عليه وهو الحاج ذاته لماذا يتطلب منا عمل كل شيء للحاج وهو بذاته لم يقدم شيئا بمعنى أن دور القادم لمكةالمكرمة من الحفاظ على هذه البقعة المقدسة، لدينا دراسات تؤكد مدى الهدر الاقتصادي الذي تخلفه مواسم الحج والعمرة من خلال ما يرمى من مخلفات كبيرة في الميادين والشوارع تستنزف طاقة هائلة وقدرة كبيرة من الجهات ذات العلاقة لذا لابد من التركيز على توعية الحجاج وإشاعة قدسية المكان في هذه البقعة المقدسة وهذا بلا شك ينسحب على كافة الجهات المعنية بخدمة ضيوف الرحمن فلو كل منا استشعر هذه المسؤولية لما ظهر ما يقلق من المقبل. ويجيب مدير مركز التميز للحج والعمرة الدكتور عدنان قطب: من أبرز الدراسات التي يعكف عليها المركز حالياً في مجال إدارة الحشود البشرية دراسة تطوير نموذج محاكاة حاسوبي ثلاثي الأبعاد لحركة المشاة بالمنطقة المركزية في المدينةالمنورة وهي دراسة تأتي بالتعاون مع هيئة تطوير المدينةالمنورة وسوف تشكل أساسا لفهم ونمذجة التفاعل الحيوي بين حركة المركبات وحركات المشاة في واحدة من البيئات المزدحمة الأكثر تحديا في العالم، كما أنها ستوفر لمخططي النقل في المدينةالمنورة نموذج محاكاة عالي الدقة يمكن استخدامه لتقييم عدد لا يحصى من السيناريوهات المحتملة والتي يطلق عليها سيناريوهات «ماذا لو ؟»، وذلك بدءا من التصميم وانتهاء بالبدائل التشغيلية، من أجل إدارة قوية للتفاعل بين حركة المرور على الطرق وعبور المشاة، وسوف يستطيع متخذو القرارات المتعلقة بالنقل والحركة المروية والمشاة في المنطقة المركزية دراسة أي تغير محتمل على النموذج الثلاثي الأبعاد الذي سيتم تطويره في هذه الدراسة وسيصبح من السهل دراسة هذا التأثير على الحركة بشكل عام. كما ينفذ المركز دراسة أخرى لتطوير نموذج محاكاة حاسوبي ثلاثي الأبعاد لحركة المشاة بالمنطقة المركزية في مكةالمكرمة وتقاطع هذه الحركة مع حركة المركبات وتحديد البدائل الأفضل من ضمن عدد من السيناريوهات الهندسية والتنظيمية المحتملة. ومن أهم الدراسات المتعلقة بالحشود دراسة تقييم تشغيل قطار المشاعر بالتعاون مع مركز المشروعات التطويرية في وزارة الشؤون البلدية والقروية، والتي شملت دراسة حركة الحشود البشرية داخل محطات القطار وخلال عملية الإركاب في هذه المحطات وتطوير نموذج محاكاة ونمذجة لهذه الحركة يقوم بها فريق علمي محلي عالي الكفاءة بمشاركة مركز أبحاث التقنيات والعلوم المتقدمة في جامعة طوكيو باليابان ومركز بحوث الأنظمة المتقدمة والذكاء الاصطناعي في جامعة ميلانو بإيطاليا. كما يتم العمل على دراسة تتعلق بتطوير نظام نقل مبتكر لمكةالمكرمة يعتمد على العربات المعلقة ويعد نظام النقل الهوائي بالكوابل والذي يسميه بعضهم (المترو المعلق) أحد العناصر الحديثة التي من الممكن أن تلعب دورا هاما في نظام النقل المتعدد الوسائط الجديد، وهو حل تكنولوجي واعد لبعض مشاكل النقل في العصر الحديث يعتمد على نقل الركاب باستخدام كابينات تسير على كوابل معلقة تشبه التلفريك وهو مناسب لطبيعة مكةالمكرمة الجبلية والمزدحمة.